الجزيرة: الشريعة تثير خلافا بحوار اليمن
أثارت قضيتا الدين والدولة، ومصدر التشريع خلافا بين الأحزاب والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني باليمن لتعيد إلى الأذهان خلافا مماثلا وقع مطلع التسعينيات وأدى لخروج مظاهرات قادها الشيخ عبد المجيد الزنداني وانتهت بإقرار الشريعة المصدر الوحيد للتشريعات.
وأدى هذا الخلاف إلى قيام فريق بناء الدولة داخل المؤتمر إلى إحالة هاتين القضينين إلى لجنة التوفيق المعنية بحل الخلافات بعد تعذر الوصول إلى نسبة 90% المطلوبة لحسم أي من وجهتي نظر المؤيدين أو المعارضين.
ويؤيد التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) وحزب الرشاد السلفي أن يكون الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريعات, في حين ترفض ذلك جماعة الحوثي والحراك الجنوبي وأحزاب المؤتمر الشعبي العام اليمني والحزب الاشتراكي والحزب الناصري, ويرى هذا الفريق أن "اليمن دولة مدنية دينها الإسلام", وأن الشريعة المصدر الرئيس للتشريع.
ومن المقرر أن تعقد لجنة التوفيق اجتماعا في وقت لاحق لتقريب وجهة نظر الفريقين, وإذا تعذر ذلك يتم إعادة المقترحين إلى الفريق نفسه للتصويت عليهما وفي هذه الحالة لا يتطلب إقرار أي منهما سوى نسبة 75% من المصوتين وفق آلية التصويت للمؤتمر.
ثوابت الإسلام
من جانبه قال أحمد زبين عطية أحد ممثلي الإصلاح إن فريق بناء الدولة مطالب بوضع أسس دستورية لا تتعارض مع ثوابت الإسلام والاتفاق على رؤية مناسبة لمخرجات الدستور القادم تحظى بقبول الشعب.
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أنه "ورغم الخلاف الذي وقع بين المؤيدين والمعارضين أثناء جلسة التصويت, إلا أننا لمسنا من الجميع حرصا تاما على إنجاح الحوار بما يلبي تطلعات وطموحات الناس".
واعتبر أن الخلاف بين أعضاء الحوار في مثل هذه القضايا المهمة هو أمر صحي, وتوقع أن يحسم الموضوع في غضون الأيام القادمة.
وردا على سؤال عن ما إن كان الفريق الثاني معارضا لتحكيم الشريعة, فقال "وجدنا عندهم الحب الكامل في أن تكون المرجعية في القوانين هي الشريعة دون استثناء".
تعارض
في المقابل, يرى عبد الكريم جدبان -أحد ممثلي جماعة الحوثي- أن هناك تعارضا بين أن يكون الإسلام هو دين الدولة التي هي برأيه شخصية اعتبارية افتراضية شأنها شأن المؤسسات والهيئات الأخرى, بينما الدين لا يكون إلا للشخص الحقيقي ممثلاً بالشعب.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أنهم "طالبوا أن تلتزم سلطات الدولة الممثلة للشعب بثوابت الإسلام وتكون المذاهب فيها معتبرة".
وفيما يتعلق بمصدر التشريع قال جدبان إن إقرار مادة "الشريعة المصدر الوحيد" يتناقض مع المادة التي تنص على أن "الشعب مالك السلطة ومصدرها", والتي أسندت التشريع لجهات أخرى إلى جانب الشريعة.
واستغرب كيف يتم إقرار الشريعة كمصدر وحيد للتشريع في حين يمارس الشعب حالياً التشريع الخاص عن طريق النواب في البرلمان وهناك تشريع اللوائح الذي تضعه السلطة التنفيذية للدولة.
ودعا الجميع إلى النقاش الهادئ على مائدة الحوار وتقديم رؤية مجردة بعيدا عن المزايدات والابتزاز السياسي والأحكام المسبقة".
ضغوط ومصالح
ويرجع محللون الخلاف بين القوى السياسية إلى عدة أسباب منها داخلية تتعلق بمصالح هذه القوى وأخرى خارجية من قبيل ضغوط دولية, مشددين على ضرورة الحوار بين جميع الأطراف لتجنيب البلاد دوامة عنف جديدة.
ويرى رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد أن من بين هذه الأسباب أن حزبي الاشتراكي والناصري المنضويين تحت تكتل اللقاء المشترك بعد أن أعلنا أنه لا خلاف بشأن مواد الفصل الأول خصوصا ما يتعلق بالشريعة الإسلامية مصدر التشريعات تعرضت قيادتاهما لهجوم إعلامي وضغط سياسي كبير من الحوثيين.
وأكد أن هذه الأحزاب تريد رفع السقف السياسي للحصول على تنازلات جديدة من الإصلاح خلال المرحلة السياسية والانتخابية القادمة.
وأشار إلى "أن هناك بعدا خارجيا يتمثل في المستجدات الإقليمية خاصة ما حصل في مصر من انقلاب على الإسلاميين, حيث تصورت التيارات القومية واليسارية أن الفرصة سانحة لإضعاف الإسلاميين في اليمن من خلال التحالف مع خصومهم, كما أن هناك ضغوطا إقليمية ودولية على القوميين واليساريين لفك تحالفهم مع الإسلاميين مقابل تبني دعم هذه الأحزاب".
وبحسب رئيس مركز أبعاد, فإن الطرف الذي يرفض بجدية أن تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريعات هي جماعة الحوثي انطلاقا من تقليد الدستور الإيراني الذي لا ينص على أن الإسلام دين الدولة.
وبشأن تصوره للمخرج من الخلاف شدد على أن "الأمر يحتاج إلى حوار بين أحزاب اللقاء المشترك وبقية المكونات، لأن أي إلغاء لهذه المادة سيدخل البلد في دوامة عنف لا حد لها".
المصدر:الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها