العقدة اليمنية تجاه الجنوب كالعقدة الجنوبية تجاه حضرموت!
قبلت مراكز القوى بصنعاء مشروع الفيدرالية على مضض وهي ظلت ترفض هذا المشروع طوال العقدين الماضيين ولما شعرت ان هناك تهديد حقيقي على اليمن وانه لا مفر من القبول بشكل جديد للدولة الذي تطالب به الجماهير رضخت امام الأمر الواقع وفضلت القبول بالستة الاقاليم على الاقليمين لأن في الأخير تهديد على وحدة اليمن كما تقول..عموما تم الاتفاق على الستة الأقاليم مؤخرا من قبل اللجنة الرئاسية المشكلة لهذا الغرض واذا ما نظرنا لرفض مراكز القوى للفيدرالية سنجده يتمحور حول الجنوب فهناك عقدة يمنية تجاه الجنوب، اذ ترى مراكز الحكم ضرورة بقاء الجنوب خاضعا للمركز وان دخوله في شكل جديد للدولة تمنحه صلاحيات واسعة قد يقوض مصالحها هناك وهذه هي النقطة الرئيسية التي تتمحور حولها مخاوف المركز وليس على وحدة اليمن كما تشيع فلو كان هناك خوف على الوحدة لما سمحت لنفسها بارتكاب كل هذه الاخطاء طوال العقدين الماضيين التي كادت ان تقوض مشروع الوحدة لولا الثورات التي اندلعت لتعيد الأمل للناس من جديد.
بالنسبة للجنوب فإن مراكز القوى الحاكمة سابقا في الجنوب ترفض حاليا فكرة الإقليم الشرقي بسبب العقدة الجنوبية تجاه حضرموت، إذ ترى أنه لابد من بقاء حضرموت خاضعة للمركز السابق في الجنوب وتفضل القبول باقليمين اقليم في الجنوب واخر في الشمال على القبول بالستة الاقاليم ليس خوفا على حضرموت في الحقيقة ولكن على ما تمثله من قيمة اقتصادية كبيرة وهنا نجد ان العقدة اليمنية تجاه الجنوب تشبه العقدة الجنوبية تجاه حضرموت! لقد فشل الجنوبيون في تحقيق مشروع الاقليمين وانتزاع اقليم مستقل للجنوب بسبب التمزق بين مكونات الحراك التي اعتبرت ثورة الشباب مؤامرة عليها، ثم اعتبرت الحوار لايعنيها، وبدلا من توفير الدعم السياسي لفصيل الحراك المشارك في الحوار وجهت اليه سهام الخيانة والتامر ثم عارضت مشروع الحزب الاشتراكي وشخصية الدكتور ياسين واتهمته بالكثير من التهم والنعوت بدلا من دعمه سياسيا، ولما فشل الجنوب في تحقيق اقليم مستقل هاهي اليوم ترفض مشروع الإقليمين في الجنوب وتقول انه لايعنيها وانه مشروع تامري بينما لم نرى تحرك حقيقي على الأرض لرفضه وكل ما يحدث هو على الإعلام فقط، رغم ان ما تحقق للجنوب يعتبره كثير من الجنوبيين انتصارا كبيرا للحراك وشيء من لاشيء.
مواقف الحراك تلك غريبة جدا، الأمر الذي يعطي المتابع والمحلل انطباع بان الحراك بلامشروع اصلا وانه عبارة عن ظاهرة إعلامية لا أقل ولا أكثر وانه بهذه الصورة من الأدى السياسي العقيم لن يكون له تاثير حقيقي في رفض اي مشروع، وان مشروع الستة الاقاليم سوف يمضي بينما قيادات الحراك تشجب وتندد، وسوف يخسر الحراك كثيرا اذا ظل معارضا وبعيدا عن المشاركة في ادارة الاقليمين في الجنوب وسوف تاتي قوى اخرى لتحل محله وتختتطف ثمرة نضاله.
ربما يرى الحراك ان مشروع الاقليمين في الجنوب يقوض فكرة الانفصال مستقبلا، والسؤال لقد فشل في انتزاع الاقليم فكيف سينتزع الانفصال؟علينا في الجنوب التخلص من عقدة الانتهازية تجاه حضرموت وان نؤكد انه من حق حضرموت ان تحصل على اقليم مستقبل مع باقي المحافظات المجاورة واعتقد ان كثيرين باتوا يؤكدون هذا الطرح بمن فيهم الحزب الاشتراكي الذي بدأ معارضا للستة الاقاليم ثم وقع عليها مؤخرا.
واذا ما نجح مشروع الستة الاقاليم وتوفرت رؤية اقتصادية لادارتهما سيمثل ذلك نجاحا للجنوب والشمال معا ولليمن الذي نكون بذلك قد جنبناه التقسيم واوجدنا دولة للجميع في شكل جديد يوسع من قاعدة المشاركة السياسية امام مختلف القوى ويقوض من تغول مراكز النفوذ ويتيح فرص كبيرة لبناء دولة المواطن.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها