تحذير من انتشار المجاعة باليمن
حذرت منظمات الإغاثة الدولية من انتشار المجاعة في اليمن ما لم يتم تقديم مساعدات عاجلة للحد من تفاقم أزمة الجوع التي تهدد حياة الملايين من السكان الذين يعانون من عدم توفر الأمن الغذائي.
وقال الممثل المقيم لمنظمة الإغاثة الإسلامية (باليمن) هاشم عون الله إن مساعدة المجتمع الدولي في المجال الإنساني ما زالت متواضعة مقارنة بتزايد ملحوظ للمستوى المتدني لتوفر الغذاء لعدد كبير جداً من السكان يصل إلى عشرة ملايين نسمة، أي ما يقرب من نصف سكان اليمن.
فقر حاد
وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن مسح الأمن الغذائي للعام 2012 يشير إلى ارتفاع التدهور في الأمن الغذائي إلى نسبة 87% مقارنة بعام 2009 وأن ما لا يقل عن عشرة ملايين مواطن يعانون من الفقر الحاد، ونسبة أخرى (تقدر بحوالي 30%) تحصل على المواد الغذائية الأساسية من خلال الاستدانة.
ولفت عون الله إلى أن محافظة الحديدة تعد الأكثر تأثرا بسوء تغذية الأطفال والأمهات المرضعات والحوامل، وقد تجاوزت مستوي الخطر العالمي بضعفين.
واعتبر أن هذا الأمر قد يتسبب في وجود جيل بأكمله، أي ما لا يقل عن مليون طفل بهذه المحافظة مصاب بإعاقة ذهنية دائمة تحرمه من التحصيل العلمي (الأساسي) نتيجة عدم توفر الغذاء الأساسي لدى أسرته.
وتحدث عون الله عن تحديات تواجه المنظمة في إنجاز مشروعي تحسين المعيشة وتمويل عيادات متنقلة لمعالجة سوء التغذية الحاد بمحافظة الحديدة نظراً لشح الموارد، والحاجة إلى ما يقرب من 2.5 مليون دولار إضافية خلال ما تبقى من 2012 وحتى نهاية 2013.
هاشم عون الله: ارتفاع التدهور بالأمن الغذائي باليمن إلى نسبة 87% مقارنة بعام 2009
كارثة إنسانية
ويحذر مراقبون واقتصاديون من أن استمرار الاختلالات التي يشهدها اليمن على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وترافقها مع محدودية الموارد المنعشة للاقتصاد، قد يؤدي لحدوث كارثة إنسانية حقيقية بالبلد.
وأشار الخبير الاقتصادي أستاذ المحاسبة المالية بجامعة صنعاء محمد جبران إلى أن مؤشرات الحوار الوطني القادم لا تبشر باستقرار قريب للأوضاع السياسية، مما قد ينعكس على استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقم أزمة الجوع باليمن.
وقال في حديث للجزيرة نت إن العمل السياسي بالبلاد مازال متعثرا، وإن عملية الحوار لا يعول عليها الأمل كثيراً كونها استثنت قوى سياسية فاعلة بالمشهد اليمني من الدخول في الحوار مقابل محاولات تبذل لبعث رموز النظام السباق بأساليب جديدة.
واعتبر جبران ارتفاع معدلات الفقر والمجاعة في الوقت الراهن باليمن بأنه ناتج عن تزايد القلق الأمني وارتفاع البطالة وتوقف المشاريع الاستثمارية وعدم وجود تدفقات دعم ومساعدات خارجية، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الهجرة الداخلية من الأرياف للمدن وافتقار حكومة الوفاق لوجود خطط وبرامج عمل لديها للحد من نسبة البطالة والفقر.
وكان تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أفاد أن اليمن ثاني أعلى بلد في معدلات سوء التغذية بعد أفغانستان، وأن ما يقرب من مليون طفل يعانون حاليا من سوء التغذية الحاد ومئات الآلاف من الأطفال يواجهون خطر الجوع باليمن.
تفشي المجاعة بين صفوف الأطفال ارتفعت نسبته إلى أكثر من 60% دون سن الخامسة والذين يعانون من سوء التغذية باليمن
تفشي المجاعة
وتشير التقارير إلى أن نسبة وفاة المواليد باليمن في ازدياد بسبب سوء التغذية وانتشار المرض، وأن تفشي المجاعة بين صفوف الأطفال ارتفعت نسبته إلى أكثر من 60% دون سن الخامسة، والذين يعانون من سوء التغذية وفقاً لما أعلنته منظمة يونيسيف.
وقال أستاذ الإعلام المتخصص في شؤون وآداب الطفل بجامعة عدن عبد الرحمن عبد الخالق إن الأطفال في اليمن هم الأكثر تضررا من جراء تفاقم الضائقة الاقتصادية كونهم يمثلون 50% من إجمالي عدد السكان.
ووصف في حديث للجزيرة نت أوضاع الطفولة بأنها وصلت إلى أن درجة السكوت أو التغاضي عنها جريمة، داعياً الفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في اليمن والمجتمع العربي والدولي ألا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع الإنساني المتردي.
وأرجع عبد الخالق تردي الوضع الإنساني إلى انسداد الأفق السياسي وما شهده اليمن من اقتتال داخلي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفساد سياسي وسوء إدارة لما يقدم للبلد من مساعدات اقتصادية عينية ومالية، وعزوف المستثمرين اليمنيين والأجانب عن الاستثمار بسبب الفساد والاختلالات الأمنية.
المصدر:الجزيرة نت