خبراء يتوقعون مستقبل الشرق الأوسط بعد 6 سنوات من الربيع العربي
عدن بوست - هافينغتون بوست: الأحد 26 مارس 2017 12:56 صباحاً
هل تندلع حرب عالمية ثالثة بسبب الصراعات في الشرق الأوسط؟ وهل يمكن أن يحدث انهيار للنظام الإقليمي العربي بفعل عوامل خارجية أو داخلية لصالح ميليشيات مسلحة؟ وكيف يمكن ظهور هيكل أمني جديد في المنطقة العربية يراعي قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
3 أسئلة طرحتها "هافينغتون بوست عربي على عدد كبير من خبراء السياسة اجتمعوا في مدينة إسطنبول التركية مؤخرا في إطار فعاليات مؤتمر منتدى الشرق الذي تم تنظيمه تحت عنوان "نحو بناء هيكل أمني جديد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا" وحظى بحضور واسع.
وفيما يلي جاءت الإجابات.
شكل الحرب العالمية المقبلة.. وأسباب فشل التجارب الديمقراطية
"سواء نجح هذا الربيع أو فشل فقد أثبت أن الأنظمة العربية بشكلها الحالي غير قابلة للاستمرار ولابد من إعادة تغيير شكلها".
عمر عاشور، محاضر أول في الدراسات الأمنية والعسكرية في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة، يقول مجيباً على أسئلة "هافينغتون بوست عربي" إن أنظمة الحكم سواء كانت الأنظمة السياسية أو الأمنية تأسست في مطلع القرن العشرين وفي منتصفه. ومع بداية القرن الحادي والعشرين بدأ النظام الدولي في التغير بصورة أو بأخرى. وفي منطقة الشرق الأوسط بدأ التغيير مع بداية الربيع العربي.
ولكنه يرى أن انهيار النظام الإقليمي في المنطقة يعود في الأساس إلى العوامل الداخلية أكثر بكثير من العوامل الخارجية، رغم وجود عوامل خارجية كثيرة تحاول أن تغير بسبب النظام العالمي الجديد وشكل الأنظمة في المنطقة، إلا أن العوامل الداخلية لهذه الأنظمة التي نشأت في مطلع ومنتصف القرن العشرين، أصبحت غير قادرة على الاستقرار والتعامل مع الديناميكيات الجديدة في العالم.
حول ما إذا كانت الصراعات في الشرق الأوسط مرشحة لوضع العالم في حرب عالمية ثالثة يقول عاشور إن الحرب الثالثة محتملة، "لكنها لن تكون شبيهة بالحربين العالميتين الأولى والثانية، إنما هي أشكال مختلفة، ربما بدأت بوادرها في الظهور مع ما يجري اليوم في المنطقة. فما يحدث في سوريا بحد ذاته يعكس حالة للحرب العالمية في منطقة جغرافية محددة، تشهد الصراع بين قوى إقليمية ودولية. وستكون الحرب المقبلة في صورة صراع متعدد الأشكال سواء كانت أمنية وسياسية وعسكرية واقتصادية في مناطق جغرافية محدودة من أجل تقاسم النفوذ".
وأضاف وربما يحدث بعد انتهاء الحروب في المنطقة مثل سوريا واليمن وحتى ليبيا والمنطقة بشكل عام، بروز نظام عالمي وإقليمي جديد وتقاسم نفوذ جديد كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية.
وعن علاقة الأمن بالديمقراطية قال الخبير بجامعة إكستر إن هذا الموضوع معقد للغاية.. "لأن إيجاد هيكل أمني جديد من حيث المبدأ في غاية الصعوبة لأن الأنظمة الأمنية تعمل بالأساس لحماية الأنظمة السياسية بدلاً من القيام بالدور الذي وجدت من أجله، وهي جزء من السلطة، وبالتالي فإن زوالها أو تغييرها هو زوال لأنظمة الحكم وهذا ما شهدناه في مناطق عدة مثلما في تجربة الثورة السورية التي كان هدفها فك سلطة الأجهزة الأمنية عن الشعب ووقف ممارساتها القمعية الاستبدادية ولكن النظام حافظ عليها وضحى بالشعب، لذا فإن تغييرها قضية إشكالية ربما يتطلب جهداً مضاعفاً".
أما فيما يتعلق بمراعاة القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة بالمستقبل فهذا لن يكون إلا بعناء شديد، بحسب عاشور.. "نعم ستكون هناك أنظمة أكثر تطابقاً مع حقوق الإنسان والشرعية الدولية أكثر من مفهوم الديمقراطية بمعناها الواسع .
والأنظمة السياسية في عالمنا العربي لن تذهب إلى الديمقراطية بشكل كامل. وقد شاهدنا ما جرى في المنطقة.. ففي مصر على سبيل المثال، فشلت التجربة الديمقراطية بعد الثورة، أو لم تتحقق نتائجها الحقيقية، بل بالعكس كانت هناك حملات مضادة لها. وهناك اليوم مراجعات حقيقية للديمقراطية في العالم وفي أوروبا وليس الأمر مقتصراً على الشرق الأوسط. ولذلك ربما نشهد قيام نظام عالمي جديد هجين بين الديمقراطية والعالم الجديد، ينتج عنه أنظمة سواء كانت سياسية أو أمنية مراعية لهذا النظام الجديد، الذي يحرص علي شكل الديمقراطية لكنه يحرص على مسائل الأمن".
ماذا تفعل الثورة المصرية المضادة في ليبيا.. ولماذا تحطمت دولة سوريا؟
أما الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، فقال إن انهيار الأنظمة يقع نتيجة مزج بين السببين، المحلي والخارجي.
"فإذا تساءلنا: لماذا تبدأ الصراعات في المنطقة، ستجد ليبيا على سبيل المثال تقدم لنا الإجابة: الليبيون يقاتلون بعضهم البعض، وهناك من يرعى هذه الأطراف المتقاتلة، وأحد هؤلاء الرعاة، هي الثورة المضادة في مصر. فقد كان جلياً منذ البداية، أن السيسي منذ وصوله للسلطة في مصر يدعم قوات حفتر في بنغازي. لذلك هناك حرب أهلية اندلعت لأسباب محلية وعوامل خارجية تؤججها".
ويعتقد هيرست أن عملية التفكيك والتدمير بالمنطقة لا تزال في بدايتها، ولذا فإن أي حرب إقليمية في المنطقة لن تنتهي بفوز أحد الأطراف، إنما ستؤدي إلى إرهاق جميع الأطراف، "وهنا تكون النقطة التي يمكن عندها بناء عملية بناء جديدة من الأسفل إلى الأعلى، حيث يقوم الممثلون الإقليميون بالاهتمام بمصالح بلادهم بدلاً من العمل لتحقيق مصالح الآخرين، لكن لايزال هناك طريق طويل من الاقتتال والحروب لإنجاز ذلك كما أرى".
ويضرب هيرست مثالاً بما حدث في سوريا قائلاً إن كلفة عملية بناء البلد أو إعادة إعمارها قد تصل إلى 300 مليار دولار، "فأي بلد يمتلك مثل هذا المبلغ؟! وأعتقد أن أفضل ما يمكن تحقيقه في سوريا حالياً هو وقف إطلاق النار، وبناء البلد ببطء. لكنني أعتقد أن سوريا كدولة قد تحطمت، وأن معظم السوريين في الخارج سيظلون في أماكنهم ولن يعودوا، وروسيا ودمشق ليس بمقدورهما إعادة إعمار سوريا.
هذه شروط ظهور الديمقراطية.. واحتمالات الحرب العالمية
ولا يعتقد ريتشارد أتوود -مدير مجموعة "الأزمات الدولية" في نيويورك- في إجابته علي السؤال الأول المتعلق بانهيار الأنظمة السياسية أن هناك شيئاً حتمياً، فهناك على حد قوله، مزيج بين العلاقات بين الدولة والمواطنين، ثم العلاقة بين الدولة والدول الأخرى، وهناك دور حيوي للأيادي الخارجية في المسألة، وتختلف الأسباب وتركيبة العوامل من دولة لأخرى.
ومجموعة "الأزمات الدولية" في نيويورك هي منظمة أهلية دولية غير ربحية، تسعى لتسوية النزاعات الدموية حول العالم من خلال تحليلات ميدانية ومن خلال إسداء المشورة وتأسست عام 1995.
كما أن أتوود لا يعتقد بالمقولة التي ترى أن قيم الديمقراطية ضد طبيعة المنطقة، ولكنه ليس متأكداً مما إذا كان من الممكن أن تنبثق الديمقراطية من ترتيبات أمنية جديدة. وفي معرض إجابته على سؤال الأمن والديمقراطية، قال: "أعتقد أن سؤال الديمقراطية يجب أن ينبثق من العلاقات بين الدولة ومواطنيها بدلاً من أن يظهر من خلال ترتيبات أمنية متبادلة بين الدول".
وحول احتمال وقوع حرب عالمية ثالثة بناء على ما يحدث من صراعات بالمنطقة قال أتوود: "هناك بالطبع صراعات مختلفة، تظهر باستمرار بين الساعة والأخرى، الأمر الذي قد يعد خطيراً. صحيح أنه من الصعب التنبؤ بمثل هذا الأمر، لكن من الممكن أن تندلع حرب عالمية جديدة بشكل مفاجئ، ويمكن أن نرى التوتر الحاصل في العديد من الصراعات داخل منطقة الشرق الأوسط، والذي قد يؤدي إلى تصعيد بين القوى الإقليمية المتورطة".
هل سقطت الأنظمة بالفعل.. والأمن للنظام أم للشعوب؟
وعلى العكس مما يوحي به السؤال أو بعض إجابات الخبراء عن سقوط الأنظمة السياسية يرى فيكتور ويلي -المستشار الحالي للمنتدى الاقتصادي العالمي- أن الأمر الواقع يشير إلى أنه لا يوجد سقوط للأنظمة السياسية بالمنطقة.. "ففي مصر على سبيل المثال هناك نظام السيسي الذي جاء بعد الثورة وهو لا يتعرض للسقوط، و نظام بشار الأسد في سوريا الذي يصير أقوى مع الوقت".
ويتحفظ ويلي على مفهوم الأمن المطروح للنقاش ويقول: "أية رؤية أمنية يجب أن تتضمن مبدأ أمن البشر وليس أمن الدولة. إن تعريف الأمن الذي نناقشه دائماً ما يكون مختصراً، ويجب أن نسأل أنفسنا أي أمن ذلك الذي نتكلم عنه، هل نتكلم عن أمن النظام أم أمن الأشخاص؟"
مؤشرات الهشاشة السياسية في المنطقة.. وهل الحرب ستكون عالمية؟
عمر أصلان - الأستاذ المساعد في معهد للعلوم الأمنية بأكاديمية الشرطة الوطنية التركية- يقول لـ "هافينغتون بوست عربي" إن المراقبين والخبراء في هذه المنطقة يربطون دائماً المشاكل الحالية بالأحداث التاريخية، "على سبيل المثال فإن أسس هذه الأنظمة لم تشمل الأقليات داخل المجتمع. أما إذا تكلمنا عن الأيادي الخارجية، فإن كل قوى أجنبية تبحث عن مصالحها. لذا عندما حدث الربيع العربي، فإن القوى العالمية تلاعبت بها من أجل تحقيق مصالحها".
ويعتقد أصلان بأن منطقة الشرق الأوسط تعاني من الهشاشة السياسية، ولكن لا توجد مؤشرات قد تؤدي إلى حدوث حرب عالمية كالحرب العالمية الأولى، "قد نرى حرباً إقليمية في المنطقة، لكن ليس من السهل وقوع حرب عالمية".
ولا يتفق أصلان مع المقولات التي تروج لفكرة تناقض قيم الديمقراطية مع طبيعة هذه المنطقة، فإذا عدنا إلى أوائل القرن العشرين أو أواخر القرن التاسع عشر، بحسب رأيه، سنجد أنواعاً مختلفة من جمعيات تأسيس الدستور، مثل التي نعرفها اليوم، "وما حدث أنه في الحرب العالمية الأولى، ظهرت في المنطقة أنظمة وليدة الاستعمار في كل من سوريا والعراق ودول أخرى، قامت بترسيخ قوانينها الخاصة لحكم الناس وتفريقهم إلى مجموعات عدة".
لماذا تبقى المنطقة الأكثر تأثيراً على العالم.. ومتى تأتي الديمقراطية؟
أما مسعود أوزجان -رئيس مركز البحوث الاستراتيجية في وزارة الشؤون الخارجية التركية- فيرى أن انهيار الأنظمة يرجع إلى العديد من الأسباب: "أولها عدم استجابة الأنظمة لطلبات شعوبها. لكن على الناحية الأخرى، يجب ألا ننسى دور اللاعبين العالميين، إذ يجب أن نضع في اعتبارنا أن اللاعبين العالميين أحياناً يتدخلون في شؤون الدول الأخرى إيجابياً، ومرات أخرى بشكل سلبي".
وإلى الآن، يضيف أوزجان، "يمكننا بسهولة القول بأن صراعات الشرق الأوسط تؤثر على بقية مناطق العالم، عن طريق الهجرة والإرهاب، ولكنها لن تشعل حرباً عالمية أخرى. إلا أنه يمكننا القول بأن هذه المنطقة ستستمر في التأثير على العالم، وخصوصاً في أوروبا".
"هذا ممكن جداً".. كانت هذه العبارة مفتاح إجابة الخبير التركي على سؤال العلاقة بين الهيكل الأمني الجديد والديمقراطية، حيث يرى أنه يجب أن يظهر هيكل أمني جديد في المنطقة يراعي القيم الديمقراطية.. "لكن يجب أن نكون صبورين، فالأمر يتطلب الكثير من العمل الشاق. ويجب على المجتمع العالمي أن يدعم ذلك، فهذه المطالبة بالديمقراطية الآن لا تجد دعماً من اللاعبين العالميين".
ما الذي فعله بنا الفساد.. وكيف تقود تونس قاطرة التغيير؟
مونيكا ماركس -الباحثة والزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية- ترى أن المشاكل المركزية في المنطقة، تتلخص في أنه ليست هناك حكومات تعمل من أجل المواطن، في حين أن هناك حكومات فاسدة، لا تهتم بالناس الذين لا يستطيعون التعبير عن رأيهم، أو حتى مشاركة نوع من الهوية الوطنية.. "والأسباب وراء هذا الوضع معقدة للغاية، وهي ليست خطأ الأنظمة العربية الدكتاتورية فقط، بل هي ميراث الاستعمار. فليبيا على سبيل المثال بداية من الاحتلال الإيطالي وصولاً إلى عهد القذافي، لم يستثمر أحد من قياداتها في المواطنين، ولم يعمل على أن يشعروا بهويتهم الوطنية الليبية".
كما ترى ماركس أن دول المنطقة تستطيع اتخاذ خطوات تجاه وضع هيكل أمني يراعي القيم الديمقراطية، "فتونس على سبيل المثال بعد الثورة، قام فيها الرئيس المرزوقي بوضع حقوق الإنسان في مركز اهتماماته، بدلاً من السياسات القديمة لوزارة الداخلية. من الممكن أن يستغرق الأمر وقتاً للحصول على هيكل أمني جديد، مثل ما تفعل تونس الآن".
لهذه الأسباب سيتوالى سقوط الأنظمة وتنشب "الحرب الضخمة"
يرجح سعيد فرجاني - مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة التونسية، وعضو لجنة صياغة سياسات مجلس الشورى- أن سقوط الأنظمة السياسية يرجع إلى خليط من كل شيء، "لأنه عندما تصبح ضعيفاً، ستصبح محاطاً بقوى عالمية، والدول ليست جمعيات خيرية، بل كيانات سياسية تعمل لتحقيق مصالحها، وعندما تجد الفرص سانحة لتحقيق هذه المصالح في المنطقة ، ستستغلها سواء عن طريق أياد داخلية أو عالمية".
ولكن جاء رأي فرجاني عن احتمالية وقوع حرب عالمية حاسماً، حيث قال: "لن تكون هناك حرب عالمية، ولكن ستقع حرب ضخمة. فعلى سبيل المثال، الوضع في ليبيا يسوء، كما هو الأمر في العراق وسوريا، وعندما نتكلم عن ليبيا فإننا نتكلم عن احتمالية تورط القارة الأفريقية بأكملها في الأزمة، بل ويمكن أن يمتد التورط إلى الشرق الأوسط كله، فالأمن القومي الليبي مهدد، ولذا تحدثت عن احتمال وقوع حرب كبيرة ".
ويضيف فرجاني: "الهيكل الأمني الجديد الذي يتحدث عنه سؤالكم يجب أن ينبع من النظام السياسي الديمقراطي للدولة، أكثر مما قد ينبع من الهيكل الأمني ذاته. إذا حاولنا إعطاء الأمن الأولوية قبل أي شيء، فإننا نكون قد حصلنا على دكتاتورية، عوضاً عن الديمقراطية المرتجاة".
إنه عصر صعود القوات المسلحة والحرب الباردة الجديدة
يرى محمد سرميني -المدير العام لمركز جسور للدراسات- أن صعود القوات المسلحة غير النظامية ظاهرة عالمية، "ونحن نتكلم هنا عن تغيير لنمط تاريخي كان يقوم في النصف الأول من القرن العشرين وما قبل ذلك، كانت فيه الدولة أو أياً كان ما يسيطر على الدولة، سواء كان النظام أوتوقراطياً أو ديمقراطياً أو أي شيء آخر، وكانت فيه الدولة قادرة على مواجهة التحدي العسكري من قبل تنظيمات غير نظامية بنسبة 90% في كل 10 صراعات مسلحة. ولكن هذا الموقف تغير بشكل حاد منذ الربع الأخير في القرن العشرين حيث صارت الدولة قادرة على تحقيق الانتصار فقط في ربع هذه المواجهات والنسبة الباقية تكون إما هزيمة عسكرية لمن يسيطر على الدولة وإما حدوث تسوية سياسية بين الدولة وبين القوات غير النظامية".
والسؤال هنا هو -والكلام لا يزال لسرميني- لماذا حدث هذا التغيير؟
"توجد لدينا أمثلة عديدة لكن إحدى التفسيرات هي أن الأنظمة تخلق الحاضنة الشعبية لمثل هذه المعلومات، بالإضافة إلى عوامل خارجية ودعم محلي، كما يمكن الحديث عن عدم احتكار الدولة للعلم العسكري فصار متاحاً إلى حد كبير للجميع".
و"مركز جسور للدراسات" مؤسّسة بحثية مستقلة متخصصة في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على الشأن السوري، مقرها الرسمي في مدينة غازي عنتاب التركية.
ولا يعتقد سرميني، كبقية الخبراء الذين سألناهم، أن حرباً عالمية ستقع، "وإنما أعتقد أننا سندخل في أجواء حرب باردة ثانية. غالباً نحن على وشك الدخول في صراع ومواجهة بين الغرب والروس وسيكون هناك شيء من الحروب بالوكالة بين الجانبين. فالاتحاد الأوروبي بشكل عام في غاية التوجس من التجمعات الروسية في المنطقة، سواء في أوروبا نفسها مثل أوكرانيا وجورجيا ودول البلطيق أو ما يفعله الروس من لعب في الداخل الأوروبي، سواء عبر انتهاك للحدود بطائراتهم وحتى في دول إسكندنافيا حتى في بريطانيا مرتين أو ثلاث مرات، ورغم وجود هذا التوجس الذي سيكون له كما أظن ردة فعل، فإن رد الفعل ليس واضحاً حتى الآن إلا أنه قد يؤدي إلى حرب باردة ثانية بين الغرب وروسيا".
وفي معرض إجابته على سؤال علاقة الديمقراطية بالمنطقة قال سرميني:
"توجد استراتيجيتان في هذا الصدد، تقول الأولى إن هذه المنطقة لا تصلح فيها الديمقراطية، وبالتالي يجب أن يكون هناك رجل قوي في الحكم يسيطر على الوضع بيد من حديد، بغض النظر عن تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في المجتمع، وفي الوقت نفسه يكون هذا الرجل القوي تابعاً لجهة خارجية. وهو النموذج الذي كان موجوداً إلى حد كبير. بينما تقول الاستراتيجية الأخرى إن هذه المنطقة لن يصلح فيها نظام الرجل القوي، فقد انهار الرجال الأقوياء في 2011، وكل ما سيحدث في ظل الأوضاع الحالية أنه ستكون هناك موجة جديدة تقتل رجلاً قوياً جديداً أو تسجنه أو تنفيه، أو أن تقع حالة حرب أهلية. وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة هي الإصلاح والتحول الديمقراطي فلا تكون هناك دوافع للانفجارات في إطار به شيء من الحرية والعدالة والديمقراطية".
والديمقراطية، برأي سرميني، مكلفة للغاية خاصة أن الأطراف المحلية والإقليمية "تخربها بتصرفاتها وسلوكياتها.. لكنها تظل الاستراتيجية الأكثر استدامة أو الأكثر نجاعة في الحل. أما الاستراتيجية الأخرى فقد ثبت أنها قد تكون حلاً للتهدئة والاستقرار لفترة وجيزة ثم يأتي الانفجار".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها