ماذا يعني شعار ترامب "أمريكا أوّلاً"؟
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الكيفية التي سيتعاطى بها الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مع "التحديّات الراهنة والمعقّدة التي يرثها فور تولّي منصبه"، لا سيما وأن ترامب لم يسبق له أن طرح "رؤية مفصّلة في السياسة الخارجيّة" أبعد من "الشعار الغامض" لحملته الانتخابية: "أمريكا أولاً". وذهبت الصحيفة إلى أن الأسماء المقترحة لتولي المناصب العليا في الإدارة الأمريكية الجديدة أبرزت "الانقسامات العميقة بين المحافظين"، حول كيفية مواجهة الإدارة الجديدة "التهديدات المتفاقمة" من دول في خندق المواجهة مع واشنطن، مثل إيران، وكوريا الشمالية، وسوريا، وروسيا، وكيفية إدارة العلاقات مع دول أخرى متحالفة معها مثل أوروبا، وآسيا، مشيرة إلى أن ترامب "يواجه سلسلة من القرارات التي سوف تبدأ في تجسيد نهجه في العالم، وفي توفير بعض الدلائل" حول استجابته لتلك التحديات بصفته قائداً أعلى للقوات المسلّحة.
وطرحت الصحيفة تساؤلات حول ما إذا كان شعار "أمريكا أولاً" يعني استخدام "القوة العسكرية الأمريكية"، و"القوة السيبرانيّة" بشكل "استباقي" ضد "التهديدات الناشئة" من "الدول النووية المارقة"، إلى "الجماعات الإرهابيّة"، أم أنه يعني استدعاء القوات الأمريكية المنتشرة في الخطوط الأماميّة للعودة إلى الديار، والتمركز بوضعية دفاعية. واستوقفت الصحيفة ازدواجية خطاب ترامب، ونهجه في السياسة الخارجية كونه سبق له أن انتقد الخروج المبكّر للقوات الأمريكية من العراق، من جهة، ورفض عملية "بناء الدولة" العراقية بعد الغزو الأمريكي من جهة أخرى، وأعادت إلى الأذهان تصريحات سابقة للرئيس الأمريكي المنتخب قال فيها إنه "لا يمكننا أن نكون شرطي العالم".
وعن الاتفاق النووي مع إيران، الذي وصفه ترامب بـ"أكثر الاتفاقات غباء على الإطلاق"، وبـ"المضلل"، فقد ذكر تقرير الصحيفة، الذي حمل عنوان "من إيران إلى سوريا نهج أمريكا أولاً لترامب يواجه أول الاختبارات"، أن الاتفاق هو عبارة عن "اتفاق تنفيذي"، وليس "معاهدة (دولية)"، وأنه في إمكان الرئيس المنتخب أن "يلغيه" أو "يعدّله"، لا سيما وأن ترامب كان قد أشار في حملته الانتخابية إلى أنه ما كان ليضاعف العقوبات على إيران، وما كان ليتفاوض معها، ويعيد إليها أموالها المجمّدة. ونبّه التقرير من أن هذه الخطوات قد يفيد منها "الإيرانيون غير السعداء بالاتفاق"، معتبراً أن "أي محاولة لإعادة فتح (مسار) التفاوض سوف يمنح ملالي إيران، أسوة بجنرالاتها وعسكرييها، وتيار المحافظين، فرصة لتغيير الاتفاق"، أو "التهديد باستئناف سباقهم نحو الحصول على القدرة النووية" بما يشمل "إعادة تأسيس البنية التحتية النووية" في البلاد، و"إعادة بناء مخزوناتها" النووية. وعن الدول التي شاركت في توقيع "اتفاق فيينا" مع طهران، فقد أوضح التقرير أنها "ليس فقط، تدعم الاتفاق"، بل أيضاً "تتلهّف للاستفادة من الفرص الاقتصاديّة الناجمة عنه، عبر بناء علاقات تجارية مع إيران"، لافتاً إلى أن هذه الدول "سوف ترفض على نحو شبه مؤكّد" أي دعوة من ترامب للتخلي عن الاتفاق، أو لإعادة فرض العقوبات، خصوصاً وأن الاتفاق أسفر عن شحن إيران في يناير الفائت نحو 98 % من مخزوناتها النووية خارج البلاد، فضلاً عن قيام إيران بإيقاف العمل بمفاعل البلوتونيوم، ووضع آلاف أجهزة الطرد المركزي خارج الخدمة. وبحسب الصحيفة، فإن "الخيار الوحيد" المتاح أمام ترامب، والذي دعا إليه العديد من الجمهوريين، يتمثّل بـ"إعادة فرض عقوبات على إيران تحت ذرائع غير نووية"، كالتذرّع بـ"نشاطاتها في سوريا"، و"دعمها المتواصل للإرهاب"، علماً أن القيادة الإيرانية قالت إنها سوف تعتبر ذلك مخالفاً لـ"روحية الاتفاق"، محذّرة من إلغائه إذا ما جرى فرض هكذا عقوبات.
أما عن الأزمة السورية، فقد لفت تقرير الصحيفة الذي أعدّه ديفيد شينكر، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد تعهد قبل وبعد الانتخابات الرئاسية بأنه سوف ينتهج "مساراً مغايراً" للسياسة الأمريكية الحالية في سوريا، وربما، في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، باعتبار أن ترامب يرى أن "محاربة (تنظيم) الدولة الإسلامية (داعش)" يعد في "طليعة المصالح" الأمريكية في الشرق الأوسط، مع تشديده على أن بلاده "يجب أن تتحالف مع روسيا، وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد"، علماً أن الأخير صرّح أنه يعد ترامب "حليفاً طبيعيّاً في مكافحة الإرهاب". وأضاف الكاتب أن السبيل الذي سوف يمضي به الرئيس الأمريكي المنتخب لـ"تغيير موقفه بشأن سوريا" سوف يتم "مراقبته عن كثب من قبل السلطويين والدكتاتوريين الآخرين في جميع أنحاء العالم"، مثل الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي "يسجن المعارضين"، في الوقت الذي "يسعى فيه للحصول على المزيد من المساعدات العسكرية الأمريكية"، والعائلة المالكة السعودية، التي انتقدها ترامب بشدّة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها