خبراء: انتخابات الأردن تعمق الفجوة بين الملك والشعب
اعتبر خبراء ومتابعون للشأن الأردنى أن الانتخابات الأردنية التى أجريت أمس الأول "فارغة" بعيدة عن الديمقراطية، وتكرس لمزيد من سيطرة النظام، ووصفوا الإسلاميين بأنهم "غاندى العرب" لتحركاتهم السلمية المطالبة بالإصلاح والبعيدة عن العنف، مشيرين إلى أن الانتخابات جاءت محبطة لكل من القصر الملكى والشارع لرفض النظام القيام بإصلاحات حقيقية ورفض المعارضة المشاركة فى انتخابات باهتة.
وأضاف الخبراء أن الانتخابات ستأتى ببرلمان خالٍ من المعارضة ويكرس هيمنة السلطات عن طريق العشائر ورجال الأعمال والمقربين من السلطة الذين حصدوا مقاعد البرلمان، مشددين على أن من كان يتوقع أن تمهد تلك الانتخابات الطريق لسيادة الشعب "واهم"، فالعملية الانتخابية لم ولن تحدث أى تغيير فى المشهد السياسى الأردنى سوى أنها ستعمق فجوة الخلاف بين الملك والشعب.
وقال الخبير الأردنى رائد العابد: "يجب أن يكون واضحا أن الانتخابات البرلمانية فى الأردن دائما أداة فعالة فى ترسانة النظام الحاكم لخلق واجهة من المشاركة المدنية للسيطرة من ورائها على مقاليد الأمور فى المملكة.. فتكريس هيمنة الملك عبد الله على البلاد والسلطة التشريعية يتم من خلال طريقتين، الأولى الدستور الذى لم يتغير منذ عام 1952، ويعطى الملك سلطة حل البرلمان وإصدار القوانين المؤقتة، وانتخاب وعزل أعضاء مجلس النواب، وإعلان حالة الطوارئ، ومجموعة أخرى من النصوص تمكنه من السيطرة بشكل مباشر على كافة فروع الحكومة".
وأضاف العابد فى تصريحات لـ"الحرية والعدالة": "الثانى هو العملية الانتخابية، وقد استخدمت الأردن نظام الصوت الواحد الذى كان مثارا للخلاف لسنوات طويلة، وهو فى مجمله لصالح القبيلة وغيرها من الجماعات أصحاب المصالح الضيقة، أو الأحزاب ذات الأيديولوجية السياسية الموافقة للملك، وبجانب ذلك تشوب الانتخابات عمليات غش وتزوير ورشوة، وتلك الممارسات مصدر لغضب أطياف كثيرة من المجتمع الأردنى التى فضلت مقاطعتها حتى تحرمها من الشرعية، وهاتان الطريقتان تجعلان الأردن بعيدا عن تحقيق الديمقراطية".
وتابع: "بالتالى فإن نتائج الانتخابات فى ظل هذه الظروف خلقت برلمانا ضعيفا خاليا من أى سلطة شرعية، وجعلت أعضاءها المنتخبين فى خدمة المصالح الضيقة للنظام بعيدا عن رغبات الشعب.. كما أن قانون الانتخابات يضمن عدم بروز أى كتل سياسية كبيرة، ناهيك عن قيام ائتلاف مستقر لدعم حكومة برلمانية.. كل هذا من شأنه أن يقدم فرصة ممتازة للملك للتدخل مرة أخرى وتظل له اليد العليا بصورة مستمرة".
واتفق الدكتور عبد الخبير عطا أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط مع العابد، فى أن الانتخابات الأردنية لن تسفر عن شىء، بل ستكون أداة لتكريس سلطات الملك ولكن بواجهة شعبية، وتوقع أن يتم تعيين أحد الموالين الذى سيكون عضوا فى البرلمان لتشكيل حكومة من البرلمانيين الموالين للملك، وبدلا من أن يبدأ عهد ديمقراطى جديد سيشهد الأردن عودة الحكومة الملكية.
وقال عطا: إنه لا يمكن لإرادة الشعب أن تتحقق من خلال هذه المهرجانات الفارغة، فلكى يصبح الأردن مجتمعا حرا وعادلا يجب أن تكون تلك الانتخابات شرعية تتم فى إطار اتفاق وطنى، وتسهم فى رأب صدع الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية، وليس تعزيز قبضة النظام على السلطة، فهذه الانتخابات بتلك الطريقة هى محاولة لكسب الوقت، وخطوة إلى الوراء قبل بداية موجة الربيع العربى، مما يبعد الأردن عن الديمقراطية الحقيقية، مشبها مقاطعة الإسلاميين للانتخابات بتحركات "المهاتما غاندى" فى الهند الذى قاد احتجاجات سلمية لمقاومة الاحتلال البريطانى.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن مشكلة الأنظمة الملكية فى الدول العربية أنها لا تفهم أن الثورات يمكن حدوثها بسرعة، وأن سياسة تجاهل دعوات الإصلاح تفكك الأنظمة الاستبدادية والفاسدة، والنظام الأردنى فسر دعوات الإصلاح على أنها تنازل عن كافة الصلاحيات، مما دفعه للقبول بالوضع الراهن، بدلا من انتهاج سياسة التغيير السلمى، ومع الوقت سوف يثبت للنظام أنه كان على خطأ كبير.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها