سّري للغاية: سباق توتال والحوثيون للسيطرة على أكبر وأنجح قطاع نفطي في اليمن (وثائق)
نشر الناشط الإعلامي والكاتب اليمني محمد العبسي على مدونة له على شبكة الإنترنت وثائق تنشر لأول مرة تحوى معلومات عن علاقة الصراع السياسي القائم في اليمن وبين الوجود النفطي في البلاد.
ونشر الكاتب العبسي تقرير وصف بالسري للغاية تحت عنوان : سباق توتال والحوثيون للسيطرة على أكبر وأنجح قطاع نفطي في اليمن، بالإشارة إلى شركة صافر.
ويحتوي التقرير في مطلعة النقاط التالية:
- اتفاقية منح أكبر وأنجح قطاع نفطي في اليمن لتوتال مجاناً (وثائق)
- كيف تحول أنصار الله إلى "أنصار الشيطان" و"شقاة" توتال الفرنسية
- توتال ستحصل على ثلاثة قطاعات نفطية في خليج عدن وثلاثة في البحر الأحمر (اليد الخفية في تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم)
- الحوثيون زعموا أن مدير صافر منح محافظ مارب 100 ألف دولار بتوجيه هاتفي من الرئيس. حصرياً وثيقة التوجيه الرئاسي.
- 4 من كبار قادة وزارة النفط وقعوا على اتفاقية منح القطاعين 18 و20 لتوتال: ترى هل سيوجه وكيل النيابة رمزي الشوافي ومحامي الدولة سعيد العاقل بايقافهم مثل قادة صافر؟
- مدير شركة توتال في جميع رسائله وفي نص الاتفاقية يزعم مراراً وتكراراً إن الاتفاقية تنفيذ لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية
- إعلان شركة صافر عن اكتشاف غاز الجوف إذ طمّع السيد وجعل الشركة في قائمة أهداف الجماعة المسلحة
- ربع مليار دولار تدفع لقادة الجيش لحماية النفط (قائمة بالشركات والمبالغ) وحدها صافر لا تدفع لهذا يتعرض الأنبوب للتفجير
- القائم بأعمال مدير شركة صافر الجديد (زبارة) نصبه الحوثيون وليس وزير النفط ولا النائب العام.
يستهل التقرير الحديث "بالوثائق" عن عقد شراكة بين الحكومة اليمنية وشركة توتال يقضي بموجبه أن تصبح شركة توتال شريكاً في قطاعي صافر و(شبوة ومأرب):
تفاصيل التقرير (1-2)
كشف وثائق سرية تنشر للمرة الأولى عن بنود عقد شراكة (لا اتفاق مبدئي تفاهمي) بين شركة توتال وبين الحكومة اليمنية تصبح بموجبها شركة توتال شريكاً في قطاعين نفطيين هامين هما قطاع 18 (صافر) والقطاع 20 المجاور له (شبوة ومأرب)، وكلاهما قطاعان تشغلهما الشركة المملوكة للدولة صافر.
لو كشفت هذه الثلاثة أوراق في بلد متقدم كانت لتطيح بالحكومة. هذه الثلاثة أوراق تعدّ أكبر فضيحة وأوضح واقعة سرقة لثروة اليمن النفطية للأسباب التفصيلية التالية:
السبب الأول: بيع جبل من ذهب بقبضة تراب
نصّت المادة الأولى من الاتفاقية على أن تدفع شركة توتال مبلغ 100 مليون دولار (قاطع مقطوع) للحكومة اليمنية على أن تستردّها لاحقاً من نفط الربح (أي نفط الكلفة) لا من القطاعين نفسهما، وإنما من قطاع آخر هو القطاع 10 (شرق شبوة) الذي تديره توتال. بمعنى أن 100 مليون دولار ليست حق امتياز تحصل عليه الحكومة (أو حتى نقل قدم بالمفهوم العامي) وإنما قرض تستطيع توتال استرداده خلال أشهر من إنتاج القطاع 10 الذي تديره.
وحتى في حال تم احتساب 100 مليون دولار كامتياز تحصل عليه الحكومة ولا تستردّه توتال، فإن 100 مليون دولار هي كمن يشتري ساحل أبين من أقصاه إلى أقصاه، أو شارع الستين بأرضيه وبيوته ومحلاته بـ70 ريال.. (أفْلاس)!
هذا في حال افترضنا أن 100 مليون دولار هي ثمن شراكة توتال في القطاعين وليس قرضاً تستعيده باليد الأخرى كما ورد في المادة الأولى من الاتفاقية.
لماذا؟ لأن القطاع 18 صافر الذي تفوق مساحته قطر عدة مرات، هو أكبر وأنجح قطاع نفطي في اليمن بإنتاج يومي 280 ألف برميل نفط ونفط مكافئ، منها 40 ألف برميل نفط خام يومياً. أي أن 100 مليون دولار المقدمة من توتال هي فعلياً، وبأسعار النفط المنخفضة حالياً، ليست سوى إنتاج صافر النفطي لـ3 أيام فقط.
وإلى جانب مصافي مأرب، فإن صافر المنتج الوحيد في اليمن للتالي:
a) الغاز الطبيعي المسال lng المصدّر للخارج عبر شركة أخرى هي (يمن lng) الشركة اليمنية للغاز المسال التي ترأسها شركة توتال بحصة 39%.
b) الغاز البترولي (المنزلي) lpg للمستهلك المحلي (25 ألف برميل يومياً)
c) غاز محطة مأرب الكهربائية (100 مليون قدم مكعب يومياً) عُشر ما يصدر للخارج.
وعليه فإن الـ100 مليون دولار، أو المليار دولار، هي كمن يبيع جبل من ذهب بقبضة تراب.
السبب الثاني: لا مناقصة، لا تنافس، توجيهات فخامة الرئيس
في العادة تعلن حكومات الدول، المتقدمة أو النامية، عن مناقصة دولية للاستثمار في عدد من القطاعات النفطية المفتوحة. أي القطاعات غير المنتجة للنفط، وغير الاستكشافية التي تنقّب فيها شركات تنقيب. ثم يتم تأهيل واختيار عدد من الشركات كمرحلة أولى تتبعها عدة مراحل تنتهي بصياغة العقود والاتفاقيات، ثم تحال إلى البرلمان من أجل الموافقة عليها وإصدارها في قانون. وهذا ما تفعله الحكومة اليمنية عادة كان آخرها في 18 أغسطس 2013م عندما أعلن وزير النفط السابق أحمد دارس عن "تأهل 18 شركة نفطية عالمية للحصول على حق الامتياز في 20 قطاع نفطي".
في هذه الاتفاقية لا يوجد أ،، ب،، ت،، وإنما ياء على طول.
والأهم أنها قرار بالأمر المباشر. أي من دون مناقصة ومن دون تنافسية أو إعلان. والأسوأ أنها لقطاعين نفطيين لا يحتاجان إلى تطوير ولا استكشاف من توتال لكون أحدهما (18 صافر) ينتج أعلى نسبة إنتاج من بين جميع القطاعات النفطية في اليمن: 280 ألف برميل نفط ونفط مكافئ يومياً، أي خمسة أضعاف ما تنتجه توتال في القطاع 10 الذي تديره.
السبب الثالث: الدول تمنح الشركات قطاعات مفتوحة وليس قطاعات منتجة
في عالم النفط تصنف القطاعات (المنصّات) إلى ثلاثة أنواع:
- قطاعات إنتاجية (أي منتجة للنفط) وعددها 12 قطاع.
- قطاعات استكشافية واعدة (تنقّب فيها شركات ولكن النفط لم يستكشف بعد) وعددها 49 قطاعاً نصفها 25 قطاعاً تعمل فيها شركات التنقيب، بينما 24 قطاعاً تحت إجراءات المصادقة القانونية لاتفاقياتها.
- قطاعات مفتوحة (قطاعات معروضة للمناقصات والاستثمار) وعددها 49 قطاعاً.
في العادة وفي جميع أنحاء العالم يكون 99% من الاستثمار النفطي في القطاعات المفتوحة رقم 3 (c) وليس القطاعات الإنتاجية a كالقطاع 18 أو القطاعات الاستكشافية b كالقطاع 20 الذين كانا ليمنحا لتوتال بموجب هذه الاتفاق لولا رفض مدير شركة صافر أحمد كليب ونائبه سيف الشريف الذين أطيح بهما مؤخراً، بعد سلسلة مضايقات، إثر بلاغ تقدمت به الهيئة القانونية الثورية التابعة لجماعة الحوثي إلى النيابة العامة، ورغم أن التحقيق ما زال جارياً، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، أصدر محامي الدولة سعيد العاقل رسالة، غير قانونية من ناحية إجرائية، تطلب من وزير النفط إيقافهما قبل انتهاء التحقيق (بلغني أنه فعل إثر تهديده من اللجان الشعبية بفتح ملف مقتل هاشم حجر الناشط الحوثي الذي توفي في ملابسات غامضة في سجون الدولة قبل سنوات وكان العاقل مسئولاً عن القضية وقتها).
السبب الرابع: تعارض المصالح توتال بائع ومشتري في غاز اليمن
آن هناك مبادئ قانوني معروف عالمياً هو "تعارض المصالح"، إذ كيف تكون توتال شريكاً في القطاع 18 صافر المنتج الوحيد للغاز المسال، وفي الوقت نفسه توتال ترأس تحالف شركات بيع وتصدير الغاز المسال في شركة يمن lngالشركة اليمنية للغاز المسال. أي هي المزود والمصدر. والبائع والمشتري في آن واحد.
في عام 1997 تقدم الراحل فيصل بن شملان باستقالته من وزارة النفط عندما أقرت الحكومة اليمنية إدخال شركة هنت الأمريكية بحصة 17% في مشروع الغاز المسال (ما بات يعرف الآن الشركة اليمنية للغاز المسال ylng) لكون ذلك تعارض مصالح. فكيف تكون هنت مشغل القطاع 18 وقتها، وفي الوقت نفسه شريكاً في شركة تصديره. طبعاً تولى وقتها الدفاع والتنظير حول أهمية وضرورة وحتمية شراكة هنت الدكتور عبد الكريم الإرياني وكان مسئول تسويقها السياسي.
السبب الخامس: توتال تحكم سيطرتها على منابع الطاقة في اليمن
اتفاقية بيع الغاز المسال لم تعدّل وكل ما قاله الرئيس هادي وحكومة الوفاق لا يعدو كونه كذبة ودعاية غير انتخابية.
ما الذي حدث؟ بسبب انهيار أسعار الغاز المسال في أمريكا إثر اكتشاف الغاز الصخري وتدنيها إلى 2 دولار واقل في بورصة هنري هوب، قررت توتال وشركاءها تحويل بيع الغاز اليمني إلى السوق الأسيوية حيث يصل سعره إلى 14 دولار. كان ذلك إجراء لا مفر منه ولمصلحة توتال قبل مصلحة اليمن، وأرباحها من أي ارتفاع في السعر أكبر من اليمن بحكم الحصص.
ما جرى كان ببساطة ما يعرف في مجال الطاقة بـ"تحويل الوجهة". وبسببه ارتفعت إيرادات الحكومة من 280 مليون دولار سنوياً من بيع الغاز في 2011 إلى نصف مليار دولار . فالذي تم هو عملية تحويل وجهة فيما يتعلق بثلثي الكمية الذي تشتريه توتال وسويس وحصلت الحكومة اليمنية بموجبه على 7 دولار (من 14 دولار) بدلاً عن 3 دولار. أما الثلث المتبقي الذي تشتريه كوغاز الكورية فلم يعدّل إلا مطلع 2014م. أي أن حكومة الوفاق لم تقم بشي. ذلك أن نص اتفاقية أو عقد البيع الذي وقعه معه رئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال مع كوغاز يقضي بأن تتم "مراجعة أسعار البيع كل خمس سنوات (من 2009 عام التصدير إلى 2014م).
لكن ما سبق هو الجزء هو الخبر السار.
أما السيئ فهو أن توتال ترغب في المزيد وتريد تعويض ما تعتبره خسارة. بل إنها تمنّ على اليمن وتعتبر ما تم تعديلاً للأسعار بحسب نص البند الرابع من الاتفاقية.
في الحقيقة إن شركة توتال تريد الحصول بهذه الاتفاقية وضع اليد على جميع مصادر الطاقة في اليمن وليس فقط رفع الكميات المصدرة للخارج والتطوير الاستكشافي حسبما هو مذكور في البند الثالث من الاتفاقية أمامكم.
السبب السادس: إعلان اكتشاف غاز الجوف إذ طمّع السيد
لماذا وضعت شركة توتال نصب عينيها القطاع 20 وما يزال قطاعاً استكشافياً وليس قطاعاً إنتاجياً مثل القطاع 18 صافر؟ ولماذا القطاع 20 وليس 48 قطاعا استكشافياً آخر؟
لنقدم الزمن إلى الأمام بضعة أشهر.
في 18 فبراير 2014 أعلنت شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج عن اكتشاف الغاز في أول بئر تم حفره في محافظة الجوف. هناك مخزون هائل جداً في القطاع 18 صافر، وأكثر قطاع مرشح لأن يكون كذلك هو جاره والذي يقع على تماس منه وله نفس التراكيب الجيولوجية. إنه القطاع 20. وتلك أمور لا تخفى على توتال وخبراؤها وسماسرتها في أروقة وزارة النفط والمعادن وهيئة الاستكشافات النفطية.
هذا الإعلان تسبب في حالة إرباك عام. وظلت الصحف والمحللون والسياسيون يتحدثون عن نظريات مؤامرة، وعن اكتشاف بحيرات، وعن قرب قدوم شركة غاز بروم الروسية، وعن انزعاج المملكة العربية السعودية وقلقها.... إلخ. في حين أن قيادة شركة صافر أرادت بهذا الإعلان قطع الطريق أمام أطماع شركة توتال وإيصال رسالة إلى الرئيس وقيادة الدولة أن هناك استكشافات جيدة بخلاف ما يروجه خصومها داخل شركة الغاز وفي توتال، غير متوقعة أن هذا الإعلان سيؤدي إلى تفاقم حدة المواجهات المسلحة بين جماعة الحوثيين والإصلاح والقبائل في الجوف من جهة، وسوف يسيل لعاب جماعة مسلحة ومتعطشة وبحاجة إلى موارد وموطئ نفوذ، وورقة مفاوضات، مما جعل من شركة صافر تحتل موقعاً متقدماً في قائمة الأهداف التي يريد الحوثيون (أنصار الله) إسقاطها، أو وضع اليد والسيطرة عليها إثر إسقاط صنعاء، ولو تطلب الأمر رفع شعارات برّاقة كالفساد ومحاربته من جماعة نهبت من معسكرات الدولة أسلحة ثقيلة بما لا يحصى من مليارات.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها