من سبتمبر إلى فبراير.
يمكن القول إن كل الثورات أصابها الزيف فيما بعد إلا ثورة "26 سبتمبر" فقد كانت زائفة منذ البداية.
سيكون ممكناً أن نستعير هذا التعبير المكثف للروائي الانجليزي غراهام غرين في مذكراته عن ثورة المكسييك.
انجليزي آخر، إدغار أوبالانس، اليمن الثورة أو الحرب أن الثوار عندما فكروا بإسقاط نظام الحكم لم يجدوا سوى وسيلة واحدة: أن يخضعوا لابتزاز الضابط الكبير "السلال" الذي اشترط أن يكون رئيساً لدولة ما بعد النظام الإمامي.
وهكذا ستكون الأسرة التي كانت مشرفة على مالية دولة الإمام هي نفسها السلالة التي ستشرف على موازنة دولة الرئيس. أما كبار ضباط الإمام فسيكونون كبار ضباط الجمهور. وستتناسل الملكية في الجمهورية أصل وصورة لنصف قرن: من القاضي إلى الغفير.
هذا قول سينطوي على قدر عالٍ من الوجاهة لكنه سيتجاهل الإشارة إلى حقيقة تاريخية: فالثورة ليست حدثاً، هي زمن، متوالية من التغيرات الجذرية بالنسبة للزمن، تفصل بين تاريخين يختلفان جذرياً في طبيعة مضامينهما الاجتماعية والفلسفية..
فقد أسقطت ثورة سبتمبر نظام الإمامة، المتماسك والعميق، وأبدلته بنظام آخر سيء الطباع والخصائص لكنه غير متماسك وغير عميق، وبلا تاريخ. نزعت القداسة عن نظام الحكم، ومنحته بعداً زمنياً، غير إلهي.
هكذا وصل رجل من العامة، شديد الأمية، اسمه صالح إلى الرئاسة. وأيضاً: هكذا سقط. لم يكن الإله رفيقه في شوطي رحلته.
ربما كانت ثورة لكنها كانت لـ لاشعب، فتحولت ودارت، في انتظار الشعب. وها هي الآن يحرسها ثلث شعب، أو أقل. وفي الوقت الراهن: يكفي هذا.
وكل سنة وأنتم طيبون.