الفيلم المسيء و مثلث الثورة المضادة
استطاعت قوى الثورة المضادة أن تجمع قواها هذه المرة تحت لافتة الغيرة على الرسول و الإسلام في سياق ردود الفعل الغاضبة على عرض الفيلم المسيء للرسول الكريم عليه الصلاة و السلام، و في محاولة يائسة و بائسة لتلك القوى عملت جاهدة على الظهور باعتبارها مدافعة عن الإسلام و المسلمين و الرسالات السماوية حتى لو كان ذلك على حساب أمن الناس و سكينتهم و سمعة الشعب و أخلاقه و أعرافه، و إلا ما معنى أن يظهر أحدهم و هو يسرق دبة غاز منزلي؟ هل في ذلك نصرة للرسول؟ ماذا يستفيد المسلمون من سرقة أسطوانة غاز حتى لو كانت مملوكة لسفارة الدولة التي أنتج فيها الفيلم الهابط والسيئ و المسيء للإسلام؟ أليس في هذا توضيح لجملة اتهامات غربية للمسلمين تصمهم بالتخلف و العنف والهمجية؟
نعرف ان الجميع ساءهم مثل هذا الفيلم الساقط فنيا و مهنيا و شكلا و موضوعا، لكن أن يتصور البعض أنه وحده المعني بإظهار ردة الفعل فهذا من الحماقة و السفه، و كم يجد المرء ما يدعو للسخرية و التندر حين يلاحظ كيف تصرف هذا الـ(بعض) و هو يزعم أنه ينتصر للرسول و الرسالة على صاحبها أفضل الصلاة و أزكى السلام،
على القناة التي تدعى (عفاش اليوم) كنت أسمع أحد وعاظ بلاطجة ميدان السبعين يصرخ مهددا الولايات المتحدة و الأمم المتحدة و أوروبا من عرض الفيلم و ظل يصيح و المذيع يشد من أزره و يحرضه على مواصلة التهديد و الوعيد، و انقطع صوته ليعود من جديد مشيرا إلى أنهم في حال لم يمتثلوا لمضمون تهديده فإنه ليس مسئولا عن غضب اثنين مليار قد يرتكبون ما لا يحمد عقباه، و حينها تفاعل المذيع ليظهر أنه لا يقل ذكاء و غضبا عن ضيفه فقام يلوح باستخدام عقوبات الفصل السابع بحق منتجي الفيلم!!!
و الحقيقة أن مشاهدة بعض هؤلاء المحتجين و هم يقومون بأعمال ما جاء الرسول و الإسلام إلا للتحذير من اقترافها، حين قال عليه الصلاة و السلام: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، يضر أكثر مما ينفع، و للأسف الشديد فليس من الأخلاق الاعتداء و النهب و التكسير، و ليست المشكلة في تفاهة ما أتلفه المتظاهرون و لكن بدلالة ارتكاب مثل هذه التصرفات التي تسيء للمسلمين و تجعل من أنتجوا الفيلم و من يقفون وراءهم يقلبون أيديهم في زهو و يقولون للمعترضين عليهم من بني جلدتهم: ألم نقل لكم؟؟
قبل يومين كان زعيم حوثي ينتشي مزهوا و كأنه وجد في الإساءة ضالته لأنه و جماعته أظهروا كم هم غاضبون على المقدسات الإسلامية، و كان يتساءل في صفاقة: أين الذين يغضبون عندما يسب الصحابة؟ و كأنه يريد أن يقول: لماذا تغضبون منا وحدنا حين نسب الصحابة؟ أو لعله يريدنا أن نصدق أن من تطفح أفكارهم و ملازمهم بالنيل من أصحاب رسول الله يمكنهم أن يكونوا صادقين في غضبهم و غيرتهم و ادعاء نصرتهم للرسول الكريم، مع أن هؤلاء الغاضبين لا يتورعون عن سفك دماء المسلمين المسالمين و الآمنين في صعدة و حجة و الجوف؟ ماذا فعل طلاب مركز دماج غير أنهم كانوا يتدارسون حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ أم أنه كان يتعين عليهم أن يتمسكوا بملازم حسين الحوثي و يتركوا حديث الرسول كي يأمنوا عقاب جماعته؟
و بالمثل كانت وسائل إعلام المخلوع تتباهى بكونها تقف – وحيدة كما تظن- دفاعا عن الرسول و تهاجم الآخرين لأنهم ليسوا غيورين على الإسلام كما هو الحال بالنسبة لمرتزقة آل عفاش الذين هبوا لنصرة الإسلام و المسلمين في محنتهم، و هؤلاء لم ينسوا أن يمارسوا ما مارسه الحوثيون من منّ و أذى،
و ثالثة الأثافي أن "القاعدة" هي الأخرى تهدد و تتوعد بالانتقام، و على طريقتها ربما توجه الضربة القاصمة للأمريكان بقتل أبرياء في عدن أو البيضاء أو أبين أو حضرموت، و هكذا يكتمل مثلث الرعب في اليمن و تلتقي قوى الثورة المضادة من عائلة المخلوع و عناصر القاعدة و جماعة الحوثي ظاهرا على مناصرة الإسلام و المسلمين و باطنا على مواصلة الأعمال الإجرامية من قتل للأبرياء و سفك للدماء المحرمة و إزهاق للأرواح البريئة- و هي أرواح مسلمة بالمناسبة، و على اليمنيين أن يتحملوا الأذى الناجم عن هذا المثلث المخيف حتى يقضي الله كان مفعولا.