من يضخ محفزات الخراب في أوردة التيس المذبوح!؟
صار لدينا «تيسًا» مُتهمًا في صناعة البلابل، يغوي أصحابه بالوساوس فيقترفون الرزايا.
بهذا الشكل أفصح الرئيس الانتقالي عبدربه منصور عن المخربين، في لقائه بمكونات شبابية في الحوار الأربعاء الفائت قال هادي: «من يحاول إعاقة التحول الديمقراطي في البلاد من خلال افتعال الأزمات وضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط»، معتبرا تلك الأعمال «رفسات أخيرة لتيس مذبوح».
ليس صعبًا التكهن بما يرمي إليه الرجل، والتخمين حول المقصود، الصورة الجمالية لجُملة هادي تتضمن الدلالة بوضوح، الرفسات تعني افتعال الأزمات ومنسوجات الخراب، وتيس مذبوح ليست سوى شخص كليم قاعدٌ على طاولة الإئتمار يخطط للانتقام ممن ألحق به ضرر مصلحته.
يتداول الأقدمون قصة استخدام لفظة ”تيس" حسب الشخصيات الأكثر شُهرة، يؤكدون أن الرئيس المغدور به إبراهيم الحمدي أطلقها على علي عبدالله صالح عند ترقيته إلى ضابط، سماه: تيس الضباط.
على نافذة تهيؤية تُطل صورةً مرئية على شاشة التخييل: ضابط مسكين يُدخن أردأ علب التبغ، نحيل البنية، ما يجعل هندامه العسكري فضفاضًا على جسده، وغير مرتب.
بالطبع، هُنا لَبسٌ بالفهم والمعرفة، حول علي صالح الذي نبزه الحمدي بتيس الضباط. ومن يكون!؟
وعليه، فإن استخدام هذا النبز، يأتي وفق تراكم تاريخي للشخص من جهتين: غور المُستقصد في التياسة لدرجة قيادته للأزمات، أو أن يكن هذا الشخص هو الظل الملازم لضابط السبعينيات الذي قصده الحمدي.
النبش الطفيف للتاريخ، مجرد وسيلة لفهم الحاضر، وعليه: هل استدعى الرئيس هادي مجريات قديمة من أيام الحمدي لتذكير صالح، أم أن التشبيه كان عَرضيًا؟ وهل وُلدت خصومة بين هادي وصالح على خلفية تحركات الأخير ضد هادي في حزب المؤتمر؟!
***
تفاقمت الأزمات في الآونة الأخيرة، استرد صانعوها الحركة الدؤوبة، وبالمقابل يتجلى العجز الحكومي في التعامل مع المستجدات وتتضح ملامح الخمول في القيادة جلها.
والظاهر أن المبادرة الخليجية أدخلت المكونات السياسية في بحيرة غموض لزجة فلم يتمكنوا من مواجهة صالح بصريح العبارة بأنه وراء الحرائق التي تشتعل في أرجاء شتى، كل ذلك لأنه - أي صالح- متموقع على تل الحصانة المطل على ساحة الأحداث.
فمن بعد أن تولى هادي الرئاسة، توالت التفجيرات، في بلحاف شبوة فجر مسلحون أنبوب نقل الغاز وتوقف بشكل كامل، وفي مأرب كثف النشطون ضرباتهم على أبراج الكهرباء لتدخل البلد إلى كبد العتمة وسط وفاق سياسي حائر.
على كلٍ، بطريقة رفسات التيس المذبوح، يمكن قياس الأزمات. فضغط أعصاب الذبيحة يتوالد ضخ الدم، فمن يضخ المحفزات لصالح؟
يؤكد العلم الحديث أن مراكز الإحساس بالألم الموجودة في الأدمغة تتعطل إذا توقف ضخ الدم عنها لمدة ثلاث ثوان، لاحتياجها الضروري إلى ملازمة الأكسجين في الدم.
ويفسر العلم رفسات التيس المذبوح بأن الجهاز العصبي آخر ما يموت، يرسل الجهاز العصبي إشارات من المخ إلى القلب لإمداده بالدم، عندها تقوم العضلات بالضغط ويحدث تحرك سريع للأحشاء، يقوم القلب بالإسراع في نبضاته بعد أن يمتلئ، فيرسل شوارده إلى المخ، فتتلوى أعصاب التيس وتتصنع رفساته.
واستنتاجًا من عملية رفسات التيس، فإن أسبابها: الضخ. بمعنى إرسال الاشارات المحفزة للانبعاث من جديد، وحين لم يجد بصيص حياة، يُذعن للأمر الواقع.
وعليه، فإن هناك من يضخ إلى صالح محفزات العودة إلى الحياة السياسية من جديد، وعندما تصل الاشارات إليه يصنع النكال بحثًا عن عودة.
وبين صعود وهبوط، حفلت أيام (الشهرين السابقين) بأحداث استثنائية، كانت كما لو أنها رهان بين طرفين.
ففي الشهر الفائت، وقبل أن يجف ماء الوعد الذي قطعه هادي ألا تتكرر مجزرة السبعين (حدثت في 21 مايو 2012 وراح ضحيتها ما يربو عن 90 جندي)، في اليوم التالي فقط استهدفت عبوة ناسفة باص كان يقل ضباط يعملون في القوات الجوية، كما توالت حوادث الاغتيالات دون توقف.
وحين كثف من تصفهم الحكومة "بالعناصر التخريبية" الأسبوعين الماضيين، نشاطهم في ضرب أنبوب النفط الرئيسي، وحوادث الاغتيال، خرج هادي مُتحدثًا عن "الرفسات الأخيرة للتيس المذبوح" يوم الأربعاء، ليتلقى ردًا في اليوم التالي (الخميس) بـضرب أنبوب النفط. وهو تفجير ثالث لذات الأنبوب خلال يومين فقط.
كما فشل أحدهم - فيما يبدو- على زرع عبوة ناسفة في سيارة ضابط أمن سياسي بالعاصمة صنعاء يوم الجمعة، ونثرت شخصًا إلى أشلاء.
***
تأهبًا لـ2014، يقوم صالح بالبروفات الأولية تمهيدًا للحظة الفارقة التي يقسم فيها كل شيء اثنين بمن فيهم حزبه، الكواليس الراهنة تُفصح عن نوايا الرجل، هناك جدال مُحتدم بينه وبين هادي.
الخميس الفائت كان صالح يرأس اجتماعًا لحزب المؤتمر الشعبي العام، وكانت الخلفية المتصلبة عرض جدار قاعة الاجتماع، خلفية لها دلالتها: على اليمين صورة صالح، خط اسمه واضحٌ للعيان (رئيس الجمهورية)، وعلى الشمال صورة هادي بذات الخط (رئيس الجمهورية)، وفي المنتصف رمز المؤتمر وشعاره.
فيما كان على مقاعد الاجتماع: وزير الاتصالات في اليمين، وآخر رئيس حكومة في عهد صالح علي محمد مجور في جهة الشمال، وفي المنتصف يقعد صالح. وكأنه يقول: أنا الحزب وبأذرع جنوبية!.
حسنا، هنا ثغرة قانونية، قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية في مادته العاشرة يحظر على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي مشاركتهم في اجتماعات حزبية أثناء فترة عملهم في البعثات اليمنية في الخارج.
تنبهت صحيفة الثورة الرسمية في لقطةٍ لها بصفحتها الأخيرة في العدد الصادر السبت، كان عنوانها: السلك الدبلوماسي بعيداً عن الحزبية.
المقصود هو على مجور، استدعاه علي صالح من مقر عمله، حضر لأول مرة منذ تعيينه سفيرًا ومندوبًا لليمن في الأمم المتحدة، حضر الاجتماع الذي عقده المكتب السياسي لحزب المؤتمر.
قيادي في المؤتمر قال: «قرارات مفصلية سيتخذها صالح واللجنة العامة للمؤتمر خلال الأيام المقبلة، تهدف إلى إعادة ترتيب الوضع الداخلي للحزب، وتحريك العمل التنظيمي، لمواكبة كافة المستجدات والتطورات في الساحة».
مضيفاً «سيتم اتخاذ قرار إزاحة الرئيس هادي من قيادة الحزب وأمانته العامة، وتعيين رئيس الحكومة السابق الدكتور علي محمد مجور بديلاً عنه كأمين عام للحزب» حسب ما أوردته "المدينة" السعودية.
الشواهد تؤكد أن صالح يصنع تكتلاته في كل مكان، يركل القانون جانبًا، يتفحص اللائحة الداخلية للحزب، ثم يسدد ضرباته بعناية. هنا يبحث عن بديل لهادي، ببساطة يقدم مجور ليتولى منصب الأمين العام للحزب بدلًا عن هادي كما تحدثت مصادر متطابقة من قبل. وأولوياته أنه يعمل من أجل اختيار مرشح الرئاسة القادمة عن الحزب، إذ تم ترقية عضويين في المؤتمر إلى مصاف اللجنة الدائمة، لأن اللائحة الداخلية تؤكد أن الجهة المخولة لتقديم المرشح باسم الحزب هي اللجنة الدائمة!.
الحيل الماكرة تُجديه نفعًا، والزعيم "كما تصفه وسائل إعلامه والمقربة منه"، متمرس جدًا على الحيل، يعرف خصومه السياسيين ألاعيبه، حتى من التغيرات التي تطرأ على صوته، فيتلاعب بالطبقات.
هي أكبر من أن يستوعبها محرر صحيفة الحزب الالكترونية، غرض الاجتماع التشديد «على ضرورة التمسك بتنفيذ المبادرة الخليجية دون انتقاص أو اجتزاء، وإلغاء جميع القرارات التي تتعارض معها، وضرورة إنجاح الحوار الوطني بما يتفق مع رؤى جميع المكونات» حسب ما أورده موقع المؤتمر نت.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها