الحراك الجنوبي.. بين دوامة الصراع الداخلى وسندان التجاهل الدولي
ربما قد يكون الحديث عن الذي حققته القضية الجنوبية في دهاليز وأروقة المنظمات والهيئات الدولية امر محبط للغاية بنظر اغلب الحراكيين ولكنها الحقيقة المؤلمة التي ينبغي علينا طرقها بدلا من الدوران في حلقة مفرغة ولمن ينظر بنظرة فاحصة ومحايدة يرى إعراض وصد دولي لورقة الحراك الجنوبي ولقضيته العادلة ، وبحسب سياسين ليس اعراضا لجوهر القضية بقدر ماهو لمحاميها الفاشل ومسوقها الغير محترف والمتخاصم مع ذاته ومع الجميع كونه يهتم بتفاصيل الداخل على حساب جداول الخارج ،وربما تكون نظرة المجتمع الدولي للجنوب اقل بكثير مما نتصور فلايعد مايقوم به الشارع الجنوبي منذ زمن إلا كونها اقلية متضررة تبحث عن ذاتها عبرالانفصال عن الشمال وهنا يكمن فشل الحراك وقيادته.
إنها خيبات وفشل حراكي بأمتياز يديره علي سالم البيض ومكتبه وزبانيته ولم تكن باقي المكونات بعيده عن الفشل أيضا خاصة وانها تسعى لأن تكون صاحبة التمثيل الأكبر في الجنوب ولكي نكون منصفين فهناك نجاحات في اطار الحشد والتعبئة الجماهيرية الا إنها تظل نجاحات على المستوى المحلي ولم تتجاوزه في ظل فشل دبلوماسي كبير..
وما يزيد طين الجنوب بله ارتباط أجنحة بالحراك بـ"إيران " وهي الدولة المحاصرة دوليا واقليميا والمختلفة مع شعب الجنوب عقديا .
تكرار ممل!!
بالرغم من حشود ضخمة في عدن لمرات متتالية الا ان المولد هو المولد والجمعة هي الجمعة ولم يكن قيادات الحراك على مستوى سياسي عال ليتم توضيف هذا الحشود في خدمة مسارات القضية ولو ببعدها السياسي المتعارف عليه داخليا ومع هذا يبقى الحراك الجنوبي بدون قيادة سياسية ترشده وتسوق قضيته بالشكل المطلوب بما يتوافق ويسير مع تضحياته وتطلعاته ..
وكم كانت صدمة الشارع الجنوبي كبيرة عند سماع ممثلين للمجتمع الدولي وهم يشددون على اهمية الوحدة والانخراط في الحوار في انعقاده جلسة صنعاء قبل اشهر ، حتى ان اجابة بعضهم عن سؤال صحفي مهتم بالشأن الجنوبي بإستغراب من تعدد لفظة الانفصال لمرات متعددة في سؤاله وكأنهم لأول مره يسمعون عن لفظ -انفصال- وعن قضية تدعى بالقضية الجنوبية وهو مازاد اصرارالمبعوث الدولي لليمن في دعوته لمشاركة جميع مكونات الحراك في الحور فحسب .
أما ما يقف فعلاً كعراقيل كبيرة أمام الحراك الجنوبي فهو الموقف الدولي فحتى اللحظة يصر المجمتع الدولي ممثلاً بالدول الكبرى على وحدة اليمن وهذا قد لا يحدث في بلد آخر فقد لا تجتمع روسيا والولايات المتحدة مثلاً على موقف موحد ورؤية واحدة تجاه اي قضية في العالم عدا اليمن وهذا ما جعل الحراكيين يشعرون بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقهم سيما أولئك ممن يمسكون بملف العلاقات الخارجية وأبرزهم قادة جنوبيين في الخارج وبعد أن خذلتهم روسيا بموقفها كذلك دول الخليج وأبرزها المملكة العربية السعودية التي لا تزال حتى اللحظة ترفض التعامل الرسمي مع تلك القيادات وإن كانت تلتقي بهم بطريقة غير معلنة الأمر الذي أضطر رموز الحراك الى التلويح بأكثر من مرة بإستخدام أدوات معينة وخطاب إعلامي محرض ضد السعودية بعد ان كانوا يتوددون لها طيلة السنوات الماضية حتى يكسبونها الى جارهم وما زاد الطين بلة هو إتهامات خليجية للحراك بتلقي دعماً إيرانياً وإن كان هذا صحيحاً فقد يكون كردة فعل متوقعة سيما بعد ان أغلقت كل الأبواب امامهم حتى أن بعض الدول الخليجية أبلغت قيادات جنوبية بعدم ممارسة النشاط السياسي من أراضيها مما أضطر تلك القيادات للإنتقال الى بلدان أخرى .
من يقنعهم ؟!
والطامة الكبرى ان ناشطين جنوبيين منخرطين في صفوف الحراك يحاولون إلغا أي تفكير مخالف او حتى رأي متأني ينظر للامور بعقلانية فهم يوهمون الشارع بالنصرالقريب ويفرشون الطريق بالورود لتتلقفه القيادات الميدانية التي اغلبهم ضباط في الجيش الجنوبي ويقوم هم ايضا بتخدير الحشود في المهرجانات والامسيات دون أن يسأل احدهم نفسه ولو سؤالا واحدا عن جدوى هذه المسيرات والحشود في تغيير الواقع واستعادة الدولة وكما عبر احدهم عن صوت الجنوب المرتفع بكل الساحات الذي لا يسمعه المجتمع الدولي بسماعته بل ويعدها "أصوات غير مترجمة"..
وكان أجدر بقيادات الحراك التي ما تزال تتصارع على المناصب والميكرفونات أن تتسابق في كيفية الوصول للمجتمع الدولي ومنظماته لإيصال رسالة هذا الشعب المناضل من سنوات , لتبقى قيادات الداخل والخارج كماهي منذ سنوات تجتمع من أجل أن تجتمع مرة أخرى وتستمر الاجتماعات والبيانات التي لا يتجاوز صداها المحيط الداخلي ..
ماذا بعد ؟
خيارات أخرى مطروحة للحراك ومنها -الخيار المسلح- خصوصاً من خيبة أمل كبيرة جناها الشارع الجنوبي بعد تصريحات عربية واقليمية هنا وهناك تدعو الى الحفاظ على الوحدة والنسيج الاجتماعي والقبول بمخرجات الحوار وكان اخرها تأكيد الجامعة العربية على وحدة اليمن أرضاً وأنساناً ، حتى ولو كانت الوحدة التي يتحدث عنها المجتمع الدولي هي وحدة المخزون النفطي والموقع الاستراتيجي لليمن ليس أكثر .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها