المنتدى القضائي في اليمن يبدأ أعماله بعد انقطاع 16 عاماً بمشاركة 3 آلاف قاضٍ
بدأت اليوم الثلاثاء في قاعة 22 مايو للمؤتمرات بصنعاء فعاليات المؤتمر العام الثالث للمنتدى القضائي الذي ينعقد على مدى ثلاثة أيام بمشاركة 3 آلاف قاضٍ وعضو نيابة من أعضاء السلطة القضائية في المحاكم والنيابات العامة.
ويأتي المؤتمر لمناقشة عدد من القضايا أهمها اقرار النظام الداخلي الجديد للمنتدى وانتخاب قيادة جديدة، بعد 16 عاماً من الانقطاع.
وينعقد المؤتمر في ظل متغيِّرات كثيرة شهدتها الساحة القضائية، وأبرزها إعلان عشرات القضاة الجنوبيين مقاطعتهم للمؤتمر، وتأطرهم في كيان مهني جديد أطلقوا عليه نادي قضاة الجنوب، وصدور حكم دستوري بإلغاء 34 مادة في قانون السلطة القضائية، لتعارضها مع الدستور، وصدور قرار مثير للجدل بترقية أعضاء السلطة القضائية، بعد الحكم، ما عده قضاة انتهاكاً لمقتضاه.
وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام الثالث القاضي يحي محمد الماوري خلال حفل الافتتاح ان المؤتمر سيعمل على تقديم رؤية المنتدى لمؤتمر الحوار الوطني من خلال ماسيتم مناقشته من روى وأوراق عمل حرصاً من القضاة على تقديم رؤية قضائية نابعة من المسؤولية الوطنية في تدعيم نتائج مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
واضاف ان من بين القضايا التي سيتم مناقشتها مسالة رئاسة المنتدى وعمل ودور المنتدى الذي توقف نشاطة قرابة 17 عاما الي جانب التركيز على استقلالية القضاء مشيرا انه لا يمكن اقامة الدولة المدنية الحديثة بدون استقلال القضاء.
من جانبه، قال القاضي عصام السماوي رئيس المنتدى القضائي، رئيس المحكمة العليا، ان الأسباب السياسية والمادية كانت تقف عائقاً أمام عقد المؤتمر، مشيراً إلى أن اشتراكات القضاة لم تكن تكفي لعقد المؤتمر.
وأضاف أن المؤتمر ينعقد اليوم واليمن يمر بمنعطف خطير ويشهد تجاذبات سياسية في مؤتمر الحوار الوطني «إذ كان يمثل قلق لنا في التاثير على المؤتمر».
وقال السماوي ان المؤتمر يهدف الى انتخاب قيادة جديدة واقرار النظام الداخلي وترسيخ استقلال القضاء.
واوضح ان من ايجابيات انعقاد المؤتمر الخروج بتوصيات الى لمؤتمر الحوار الوطني توكد مبدأ استقلال القضاء، مشيراً إلى ان «القضاء اليمني يجب ان يكون قضاءًاً مستقلاً».
وطالب القضاة بالابتعاد عن الهوى والنظر بعين الاعتبار الى مصلحة اليمن والشعب اليمني.
من جانبه، دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي الدكتور على ناصر سالم المشاركين إلى مراعاة مبدأ الوفاق والاتفاق اثناء مناقشاتهم للنظام الاساسي للمنتدى كونه صمام الأمان للوصول إلى الاهداف المرجوة منه في تعزيز استقلالية القضاء واصلاح الشأن القضائي.
واشار الى أن بناء الدولة المدنية الحديثة لن يتأتى إلا بنظام قضائي مستقل نزيه ومحايد بعيداً عن كافة المؤثرات الحزبية والولاءات الشخصية والمناطقية وغيرها من العيوب.
واشاد رئيس مجلس القضاء الاعلى بالنجاحات التي حققها مؤتمر الحوار الوطني، مبدياً أمله ان يوصل البلاد الى بر الامان ويحقق ما يصبو إليها ابناء الشعب اليمني في ايجاد دولة ديمقراطية مدنية حديثة يسودها النظام والقانون.
ولفت إلى ان مجلس القضاء الاعلى تواصل مع مؤتمر الحوار الوطني حول رؤاه بشأن وضع السلطة القضائية في الدستور الجديد، موضحا ان الدستور الحالي تضمن عدد من المكاسب الدستورية التي ضمنت استقلال القضاء مالياً وادارياً وقضاياً، وهو ماتميز به الدستور اليمني عن الدساتير العربية.
واشار الى انه تم اقتراح العديد من المسائل الهامة من اجل ضمان استقلالية القضاء ونجاح مهام السلطة القضائية على جميع المستويات بما يخدم العدالة في اليمن.
ولفت إلى الجهود المبذولة من قيادة السلطة القضائية في ايجاد نظام للتأمين الصحي لأعضاء السلطة القضائية، حيث تم تشكيل لجنة من القضاة وأعضاء المنتدى، مشيراً إلى انه بعد انتهاء المؤتمر سيتم العمل على مراجعة ما توصل إليه في هذا الجانب للوصول الى هذا النظام واخراجه الى حيز التنفيذ.
ووجّهت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الأسبوع الماضي دعوات إلى القضاة وأعضاء النيابة العامة لحضور المؤتمر وتكفّلت بتكاليف سفرهم وإقامتهم. ودعا بيان صادر عن اللجنة القضاة إلى تعزيز الثقة والتضامن فيما بينهم، وخاطبهم قائلاً: «لا تكونوا أيها الزملاء أنتم والظروف المعقدة عليها (اللجنة)، وكونوا معها لبناء أول مؤسسة مهنية مستقلة استقلالاً حقيقياً للقضاة في اليمن».
تلك الظروف المعقدة التي تشير إليها اللجنة تتمثل في تأخّر انعقاد المؤتمر منذ بدء التحضير له قبل زهاء عام، والتجاذبات بين مسؤولي وأعضاء السلطة القضائية.
رفع القاضي رئيس محكمة بني مطر الابتدائية، أحمد عبد الله الذبحاني، في مايو الماضي دعوى مستعجلة ضد رئيس المنتدى القاضي عصام السماوي، لإلزامه إيداع 30 مليون ريال في خزينة المحكمة الإدارية، لتغطية تكاليف ونفقات المؤتمر القضائي الذي كان مقرراً انعقاده قبل شهرين.
حسم الخلاف قبل الفصل في الدعوى، وتم تحديد موعد انعقاد المؤتمر، وتمّت الموافقة على مشاركة جميع أعضاء السلطة القضائية، عوضاً عن الالتزام بمقتضى النظام الأساسي القائم الذي كان يحدد مشاركتهم بواقع مندوب لكل عشرة قضاة.
وصدر مؤخراً قرار جمهوري غير مُعلن بترقية قضاة، في وقت تشهد السلطة القضائية فراغاً تشريعياً بعد صدور حكم دستوري من المحكمة العليا ألغى 34 مادة في قانون السلطة القضائية، ونزع صلاحيات وزير العدل الذي كان مخولاً باقتراح الترقيات وإجراء التنقلات قبل إقرارها.
ويرى قضاة أن تلك الترقيات تعتبر انتهاكاً لمقتضى الحكم الدستوري، وأعلن عن اعتزام بعضهم رفع دعوى قضائية أمام الدائرة الإدارية تطعن في القرار، كما رفعت دعوى أخرى تطالب بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية، بإدخال تعديلات على القانون بما يتلافى الفراغ التشريعي، ويعيد إخراج القانون بما يتوافق مع مقتضى الحكم.
كانت المحكمة العليا حكمت في مايو الماضي ببطلان 34 مادة في قانون السلطة القضائية لما تمثله من تدخل من السلطة التنفيذية في أعمال القضاء وإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات وفق منطوق الحكم الخاص بهذه القضية.
وفقاً للحكم الدستوري، نزعت اختصاصات وزير العدل التي خوله إياها القانون، في إدارة وتنظيم شؤون السلطة القضائية، كذلك نزع الحكم صلاحيات رئيس مجلس الوزراء في تعديل وإضافة بدلات وعلاوات وترقيات للقضاة باعتبار ذلك تدخلاً سافراً في أعمال السلطة القضائية.
غير أن الحكم لم يشكل انتصاراً ناجزاً للقضاء في ظل عدم مسارعة السلطة التشريعية في معالجة آثاره، بتعديل قانون السلطة القضائية بما ينسجم ومقتضى الحكم.
واعتبر وزير العدل القاضي مرشد العرشاني أن حقوق الإنسان معرّضة للإهدار إذا لم يتم التعاطي بجدية مع ما أحدثه حكم الدائرة الدستورية لأعمال القضاء من تعطيل لعدد من أجهزتها؛ أهمها هيئة التفتيش القضائي.
وأيد ذلك قاض رفيع في تصريح لـ«المصدر أونلاين»، في يونيو الماضي، مشيراً إلى أن الحكم ترتّب عليه فراغ تشريعي كبير، وكان ينبغي فوراً مباشرة إقرار تشريع قانوني جديد من قبل مجلس النواب، يسد الفراغ الذي أحدثه الحكم، ويتلافى تعطيل عمل السلطة القضائية بما فيها المحاكم المرتبطة، وفقاً للائحتها، بوزير العدل.
وتأسس المنتدى القضائي في 16 يوليو 1991، وحددت مدته بأربع سنوات، وأوعزت رئاسته لرئيس مجلس القضاء الأعلى، ما يعتبره كثير من الفاعلين القضائيين إضعافاً للمنتدى وإلغاء لدوره، ويؤكدون على ضرورة انتخاب رئاسته بمعزل عن تبعيتها لمجلس القضاء الأعلى.
يرأس المنتدى حالياً رئيس مجلس القضاء السابق القاضي عصام السماوي، وتوقف المنتدى عن عقد مؤتمراته منذ أكثر من 17 عاماً، توقف خلالها نشاطه، وشكا خلالها القضاة من ضعفه وعدم دفاعه عن حقوقهم.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها