سباق محموم بين القنوات لكسب المشاهدين في رمضان
سعت القنوات اليمنية الحكومية والخاصة إلى خطب ود المشاهد اليمني وإقناعه بجدوى مشاهدتها في شهر رمضان المبارك عبر مجموعه من الأعمال التلفزيونية التي تنوعت بين مسلسلات بعضها امتداد لأجزاء سابقه وأخرى جديدة وبين برامج مسابقاتية وحوارية تفاعلية.
ويعد هذا أول رمضان بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع,الذي أفضى رحيله إلى رفع سقف الحريات إلى مستويات لم تكن متوقعه بفضل الثورة,الأمر الذي دفع نجوم وممثلين لخوض قضايا ومشكلات في المجتمع لم يكن مسموحا من قبل تناولها بهكذا جرأة وطرح,لولا تضحيات الشهداء الأبرار.
وإزاء فضاء مفتوح كهذا من الطبيعي أن تكون الأعمال المعروضه كثيرة إلى حد أن المشاهد يمكن أن يضيع وسط الزحمه لا يدري أي قناة يختار ولا أي مسلسل يشاهد.
ولعل السبب وراء زيادة كل هذا المنتج التلفزيوني يعود إلى إنشاء قنوات جديدة خاصة فضلا عن القنوات الحكومية المعروفه كاليمن وسبأ وقناة عدن والإيمان,والقنوات التي ولدت حديثا هي وانضمت إلى قائمة سهيل والسعيده,قنوات ازال واليمن اليوم ويمن شباب والساحات.
أعمال بالجملة
ولو استعرضنا قائمة الأعمال المعروضه ابتداء من قناة اليمن سنجد أن برامجها لرمضان كثيرة تجاوزت 18 عملا متنوعا ومنها (قوافي,أحسبوها صح,عيني عينك3,مسابقة القران الكريم,الخفافيش,مسلسل حي الحكمة,صفحات جديدة,مسابقة الأطفال),ويظل أبرزها وأكثرها قيمه ومشاهده حتى الآن برنامج " أعلام صنعو تاريخ اليمن ",وهو عبارة عن سلسلة حلقات وثائقية تحكي سيّر شخصيات وطنية سياسية وفكرية واجتماعية.
وعرضت القناة حتى الثلاثاء حلقتين عن الرئيس الراحل ابراهيم الحمدي والشهيد جارالله عمر,ولاقت الحلقتين متابعة واستحسانا كبيرا في أوساط اليمنيين كونها المرة الأولى التي تعرض فيها القناة برنامجا عن الحمدي بالذات.
وفي القنوات الخاصة,بلغت الأعمال التي تعرضها قناة السعيده أكثر من 12 عملا تلفزيونيا متنوعا أشهرها " مسلسل الأطفال,مجلس رمضاني مع القاضي العمراني,زاد الطريق,همي همك 4,أوجاع مرئية,مفاهيم صححها النبي,العقيدة الصحيحة,حافة الأنس,أتحداك في نص ساعة ".
ويبقى مسلسل " همي همك", من أفضل الأعمال بحسب النقاد وهو يسجل هذا العام نسخته الرابعة وجديده الاستعانه بممثلين مصريين وتصوير بعض الحلقات في القاهرة,إلى جانب حافة الأنس.
من جانبه,أكد نائب مدير قناة سهيل الفضائية,عبد الرحمن النمر,أن الخارطة البرامجية لسهيل تحتوي على 20 برنامجاً تلفزيونياً تتوزع وفق أشكال برامجية متنوعة(حوارية وميدانية، ودينية وثقافية واجتماعية وسياسية ودرامية، ومسابقات).
وأشار النمر في تصريح صحفي,إلى أن أهم البرامج (عاكس خط2) البرنامج السياسي الساخر والذي يقدمه المبدع محمد الربع وبحله جديدة، يعالج قضايا مجتمعية، ويسلط الضوء على قضايا الفساد والنهب والاستبداد، كما يمس حياة المواطنين ويعالج مشاكلهم، بأسلوب كوميدي ساخر.
كما تعرض القناة برنامجاً جديداً يحمل اسم (تباتيك) وهو برنامج اجتماعي ترفيهي منوع، يتضمن العديد من الفقرات الخفيفة والمشوقة، ويهدف البرنامج الذي يقدمه الفنان المبدع محمد الحاوري إلى توثيق الروابط الاجتماعية، والترفع ع الخلافات السياسية، والدعوة للوفاق ولم الشمل ووحدة الكلمة والصف، والعمل الجماعي لأجل اليمن".
ومن بين البرامج مسلسل (الحسن والحسين ومعاوية) دراما تاريخية يعرض لأول مرة بالوطن العربي، وتنفرد سهيل بالمسلسل المكون من 30 حلقة مع قنوات عربية أخرى".
وقال النمر: إن حلقات المسلسل الـ30حلقةً استغرق إنتاجها 3 سنوات، وتم تصوير مشاهده بست دول عربية، بلغت تكلفة إنتاجه 8 ملايين دولار، أجاز نصه 30 عالماً بينهم 4 من الشيعة. ابرز العلماء الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور سلمان العودة .
وخلال أيام شهر رمضان تعرض قناة سهيل برامجاً دينية منها: (الفقه يمان) يقدم فتاوى شرعية على الهواء مباشرة عصر كل يوم، إضافةً إلى برنامج (طفلي والقرآن) يهدف إلى تعليم القرآن وغرس القيم الايجابية والمفاهيم الدينية اللازمة التي تسهم في بناء شخصية الطفل والوجدانية",وكذا برنامج (روائع) يقدم حلقاته الداعية الإسلامي الدكتور عائض القرني.
ويتابع" ومن بين البرامج برنامج (قناديل الفجر) برنامج وثائقي يحكي قصص شهداء ثورة التغيير في اليمن، وابرز محطات الشهداء في رحلتهم الحياتية ولحظات الاستشهاد، فضلاً عن دورهم في ساحات النضال، من إعداد محمد الجماعي".
وتعرض القناة كذلك برنامج (فرسان الحرية) كبرنامج تسجيلي عن جرحى الثورة الشبابية الشعبية السلمية في اليمن يستعرض معهم مواقف ولحظات شهدوها في الساحات والمسيرات وما تعرضوا خلالها لإطلاق نار وإصابات وجروح مختلفة وشهاداتهم عن تلك الأحداث المروعة.
كما ستعرض القناة برنامج (نحو المعالي) برنامجاً حوارياً تنموياً يقدمه الخبير التربوي والمدرب الدولي الدكتور داوود عبد الملك الحدابي ، وذلك كرؤية للنهوض والارتقاء نحو المعالي والمستقبل المنشود باعتبار التعليم أولى خطوات النهضة والرقي".
إضافةً إلى برنامج (مذكرات سائح) للدكتور علي العمري تشارك سهيل بثه مع كبرى القنوات العربية، يتحدث عن مذكرات الدكتور العمري السياسية بمختلف البلدان العربية والعالمية"، وكذا برنامج (أسرار منال) تعده وتقدمه منال العالم الشهيرة والمعروفة بتقديم برامج حول المطبخ العربي والعالمي.
وضمن برامج سهيل برمضان برنامج (للتاريخ) يلتقي قيادات في ساحات الحرية والتغيير بمختلف المحافظات يدلون خلاله بشهاداتهم للتاريخ حول مواقف ومحطات شهدوها خلال مسيرة ثورة التغيير في اليمن.
وقال النمر:" ان القناة رفعت شعار (رمضان .. ثورة وبناء) تنطلق بهذا الشعار من عمقها الثوري والسعي لاستكمال أهداف الثورة وربط المشاهد اليمني بثورته وانجازاتها المختلفة، وتذكيره بتضحيات الشهداء وآلام الجرحى,مضيفاً" كما ننشد في هذه الدورة البرامجية إلى تثقيف المشاهد بثقافة التسامح والبناء، والارتقاء باليمن أرضاً وإنساناً وصولاً إلى أهدافنا الكبيرة.
همّي همّك يتألق
واكتفى الأديب والكاتب المسرحي فتحي أبو النصر في تعليقه لـ " الصحوة نت", حول تقييمه للأعمال المعروضه في رمضان بالقول: " أشياء قليلة تلبي القيمة الوجدانية والروحية للإنسان ..أشياء قليلة جدا وسط زحام خيف بلا جدوى قوامه أكثر من 160 مسلسلا " .
وبدوره,يرى الصحفي والناقد الفني محمد الشلفي,الذي ابتدأ حديثه عن مسلسل "همي همك" في جزئه الرابع للمخرج فلاح الجبوري وبطولة فهد القرني ومجموعة من الممثلين,إن هذا المسلسل واصل تألقه بعد الجزء الثالث الذي كان أنضج الأجزاء من كل الجوانب الفنية على عكس الجزء الأول والثاني.
ويقول الشلفي لـ " الصحوة نت",: " في الجزء الرابع المعروض على قناة السعيدة يدخل طاقم المسلسل مغامرة استضافة ممثلين مصريين، ومطلوب منهم تبرير فني للمغامرة وإقناع المشاهد بها. ومع ما توفر له من إمكانيات بلغت 80 مليون أتمنى ألا يكون المخرج أعتمد على الممثلين المصريين على حساب جودة العمل وهذا ما سنعرفه عند نهاية الجزء الرابع, أعتقد أن فكرة تسليط الضوء على المناطق التهامية وما يحدث فيها كان موقفا إلى حد كبير وبحاجة أيضا إلى جزء آخر ".
ويشير إلى عمل درامي آخر يعرض على ذات القناة بشكل جديد من الأعمال المسلسل المسرحي "حافة الأنس" وهي فكرة تجريبية تقوم بها فرقة خليج عدن المسرحية المعروفة، مع مخرجها عمرو جمال وهو يعودنا دائما على الجديد مثل مسلسل "أصحاب" العام الماضي، وهذا العام ينقل المسرح إلى التلفزيون، ويقترب المسلسل بمسلسلات "ست كوم" مع بعض الاختلافات التي تعرض على القنوات العربية.
ويقول الشلفي إن المسلسل يسلط الضوء على مدينة عدن والحارة فيها سلبياتها وإيجابياتها بطريقة كوميدية،
وهي تجربة جديدة تكشف التنوع في الأعمال الدرامية لهذا العام,لافتا إلى أن المخرج عمرو جمال عودنا على الجديد وأجمل ما في المسلسل هو إعطاء الفرصة لكتاب سيناريو شباب كتبوا لأول مرة عن طريق المسلسل من خلال ورشة، وهذا يحسب للمخرج والمؤلف الشاب عمرو جمال وهي فرصة لخلق كتابا جدد.
وسئل حول رأيه في الأعمال الدرامية في قناة اليمن,فقال : " لا تقدم الجديد، حيث ندور في نفس الدائرة ونكتب عن نفس القضايا بنفس الطريقة القديمة,وأعتقد أن المحاذير التي تعترض إنتاج قناة اليمن سيؤدي بما تنتجه إلى أن يكون أقل من المستوى المطلوب " .
وأشاد الشلفي في سياق نقده الفني للأعمال الدرامية على القنوات اليمنية,بالبرنامج الكوميدي " عاكس خط ",والذي تقدمه,قائلا : " أعتقد أن هذا البرنامج هو الوحيد الذي استطاع رفع سقف الحرية والانتقاد في اليمن ولم يحدث حسب علمي من قبل أن فعل برنامج تلفزيوني مثلما فعل مستفيدا من مساحة الحرية الواسعة التي أتاحتها الثورة، الانتقاد المباشر للشخصيات يكسر الصنمية والتقديس للأشخاص ويعمل كنقد للتقويم ",لكنه قال في المقابل إن البرنامج بحاجة إلى أفكار جديدة ليصمد أكثر ربما من خلال استضافة شخصيات حقيقية أيضا أو أفكار غيرها.
ويعتقد الشلفي أن الدراما تفعل ما لم تفعله السياسة حين تهتم بكل مدينة على حدة وتبرز المجتمع بسلبياته وإيجابياته وأيضا تعرف اليمنيين ببعضهم,مشيرا إلى ما يقوم به مسلسل "همي همك" الذي يتخذ من الحديدة وتهامة ومجتمعها مكانا له ليقرب العائلة التهامية ولهجتها إلى بقية المناطق في اليمن، ويفعل ذلك مسلسل "حافة الأنس" منطلقا عدن ومجتمعها مكانا له، وهذان المسلسلان المتقدمان والأكثر شعبية.
وتحدث عن بقية الأعمال في القنوات الأخرى بالقول إن ما تنتجه هذه القنوات لم ترق إلى مستوى إنتاج فن درامي حقيقي بسبب المحاذير التي يمر بها الجميع أو التوجيه الذي تتخذه بعض القنوات.
تفاؤل بمستقبل الدراما
وخلص في ختام حديثه لـ " الصحوة نت",إلى أنه متفائل بالدراما اليمنية لأنها في طريقها إلى التقدم خاصة بعد صمود مسلسلات مثل "همي همك" وتأثيرها على المجتمع. وبروز تجارب جديدة تضيء مناطق جديدة، وسيخلق تزايد القنوات اليمنية نوعا من التنافس يدعم الدراما.
ويقول الكاتب محمد الحبيشي الذي شارك في إعداد مسلسل «عيني عينك»,الذي تبثه قناة اليمن في جزئه الثالث هذا العام,وتأليف الفنان عبد الكريم الأشموري، ومن إخراج المخرج المعروف فضل العلفي,إنه من المبكر جدا إعطاء تقييم للأعمال المعروضه على القنوات في رمضان.
وأشار في تصريح لـ " الصحوة نت",إلى أن الأعمال التلفزيونية ستركز على الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية وكل ما يهم المجتمع اليمني.
وقال الحبيشي متحدثا عن مسلسل" عيني عينك",الذي شارك فيه,إنه يتناول عدة قضايا ويلامس الوضع الذي يعيشه المواطن اليمني في هذه المرحلة من قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية، ويركز، بشكل أساسي، على القضايا الأمنية والانفلات الأمني في البلاد والمتنفذين،إضافة إلى مناقشته لقضايا السطو على الأراضي وسرقة السيارات وانقطاعات التيار الكهربائي والحالة المعيشية للمواطن اليمني.
ولفت إلى أنهم في المسلسل تطرقوا إلى قضايا مغيبه في الإعلام أو لم تحظ بالقدر الكافي من الاهتمام وتسليط الضوء عليها في إشارة منه إلى دور المتنفذين في الانفلات الأمني وظاهرة سرقة السيارات التي قال إنها ليست جديده ولكنها لم تلقى الاهتمام المطلوب من قبل.
وحول تقييمه لسقف الحريات اليوم بعد الثورة مقارنة بالعهد السابق,أوضح الحبيشي أن الوضع الآن أفضل بكثير مما كان عليه وهو ما سمح لهم يتناول قضايا بأسلوب جرئ وقوي لم يكن ممكنا في السابق,دون رقيب أو خطوط حمراء.
كوميديا ساخرة
ويشير المخرج الدكتور فضل العلفي إلى أن المسلسل يعتمد على " الكوميديا الساخرة في تناول مثل هذه القضايا كي تصل إلى الجمهور بشكل سلس، بعيدا عن الطرق الفجة والمباشرة، ونحن نقدم المشهد اليمني بشكله الواضح وبشفافية لم نطرحها من قبل".
أما مؤلف العمل وبطله الممثل عبد الكريم الأشموري، فيقول في تصريحات سابقة لـ " الشرق الأوسط ", إنهم في أسرة مسلسل «عيني عينك» يحاولون «الاستفادة من الأجواء الراهنة ومن مساحة الحرية المتاحة ورفعها إلى أكبر قدر ممكن»، وإنهم، في هذا العمل، يحاولون مناقشة «الكثير من القضايا العامة من وجهات نظر مختلفة ومتعددة»، لأن هناك، في المجتمع اليمني، «الكثير من الأخطاء والسلوكيات الاجتماعية أو أخطاء في الممارسة وتطبيق القانون، ونحن نحاول أن نسلط الضوء على هذه الأخطاء التي تخلق تذمرا لدى المواطن اليمني وحالة عدم رضا»، ويرى الفنان الأشموري أن العمل «طالما أنه سيعرض في رمضان، يجب أن يكون في قالب كوميدي، ومن المعروف أننا نلعب على مفردة المفارقة بين ما يطمح إليه الناس ويحتاجون إليه، وبين ما يصطدمون به من عوائق مصطنعة».
ويتحدث الممثل الأشموري عن مسلسل «عيني عينك» أنه «يطرح جملة من المفاهيم الراهنة كمفاهيم جديدة لمرحلة أخرى، وأنه لا بد من احترام القانون والدستور والمواطنة المتساوية والقضاء من أجل أن نبي دولة»، ثم يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأحداث التي مر بها اليمن منذ فبراير 2011، وحتى اليوم، طغت على العمل، «لأن ما حدث، في هذه الفترة، طغى على كل شيء في حياتنا، في اللغة السياسية والإعلامية والدينية وحتى في الحياة العامة».