محاولات صالح لمنع زيارة هادي للرياض
ما إن تقرر قيام الرئيس عبدربه منصور هادي بزيارة المملكة العربية السعودية على طريق عودته من الولايات المتحدة حتى ثارت ثائرة التخريب وارتفعت وتيرته حد الترتيب لاقتحام دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء من قبل مجاميع من منتسبي ما كان يسمى بـ"الحرس الجمهوري".
وتبدو زيارة الرئيس للمملكة العربية السعودية واحدة من أبرز القواسم المشتركة بين أحداث صباح الجمعة في الثاني من أغسطس الجاري والتي كانت ترمي لاقتحام دار الرئاسة أثناء غياب الرئيس هادي وزيارته للولايات المتحدة التي تقرر فيها العودة إلى الرياض، وبين أحداث الثالث عشر من ذات الشهر العام الماضي والتي جرى فيها محاولة اقتحام وزارة الدفاع من قبل مجاميع من منتسبي الحرس الجمهوري أثناء غياب الرئيس هادي للمشاركة في قمة مكة المكرمة.
وربط مسؤول في الحكومة اليمنية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يومها بين محاولة قيام منتسبي الحرس باقتحام وزارة الدفاع وبين غياب كل من الرئيس عبدربه منصور هادي ووزير الدفاع الذي كان يومها في الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف المصدر ذاته أن هناك مخططا للرئيس السابق ونجله لإرباك العملية السياسية والتسوية القائمة في ضوء المبادرة الخليجية، وأشار إلى أن المعلومات المتوافرة لدى الحكومة تشير إلى وجود مخطط للاستيلاء على عدد من المنشآت الحيوية المهمة بينها وزارة الدفاع والبنك المركزي وعدد من الوزارات.
وعبر متابعون عن غرابة تجمهر تلك المجاميع من قوات الحرس الجمهوري صباح الجمعة الماضية للمطالبة بحقوق مالية رغم أنه يوم إجازة.
وهي الغرابة التي تزداد باختيار ميدان السبعين مكانا للتجمهر بدلا من الاعتصام في معسكراتهم، أو أمام وزارة الدفاع أو رئاسة الوزراء.
وتزامن مع ذلك أعمال فوضى في نفذتها مجاميع من اللواء (13) في محافظة مأرب بأعمال فوضى، كما شهدت الليلة السابقة اعتداءات متكررة على الكهرباء بعد أسابيع من الكف عن هذا النوع من التخريب.
وتقول المؤشرات إن أحداث الجمعة الماضية كانت ترمي إلى أحد أمرين:
الأمر الأول: وجود مخطط لانقلاب عسكري وشيك، وأن هذه الأعمال ليست إلا مقدماته وبوادره، خاصة وأن مركز الإعلام التقدمي التابع لـ" يحيى محمد عبدالله صالح" قال في تغطيته للحدث إن حشودا من الجيش والأمن تحتل ميدان السبعين، متهما حرس الرئاسة باستخدام الرد العنيف وإسقاط أربعة مصابين بأسلحته الخفيفة والمتوسطة "في محاولة قمعهم".
وأضاف: "وفي تصريحات لـمركز الإعلام التقدمي الذي انفرد بالتواجد وتغطية الأحداث أكد المحتجون أنهم يطالبون بتسوية مرتبات أفراد القوات المسلحة والأمن ومنحهم الإكرامية الرمضانية كما جرت العادة سنوياً، وتحسين ظروفهم المعيشية، ونددوا بوزراء الداخلية والدفاع والمالية وهتفوا لرحيلهم من السلطة".
كما يؤكد هذا الاحتمال قيام صالح والحوثي في نهار ذات اليوم (الجمعة الماضية) بإخراج مجاميع كبيرة في مسيرة جابت عددا من شوارع العاصمة.
وردد المشاركون في المسيرة هتافات ضد الرئيس هادي الذي وصفته بصديق أمريكا وصديق إسرائيل. وكان لافتا تجدد هذه المسيرات أولا بعد فترة انقطاع، وتجدد الخطاب الموجه ضد الرئيس بشكل مباشر بعد أن كان الخطاب قد اقتصر خلال الأشهر الماضية على استهداف الحكومة.
الأمر الثاني: ويتمثل الأمر الثاني في عدم دلالة أحداث الجمعة عن مخطط وشيك للانقلاب، وأنها تريد في الوقت الراهن الإيحاء فقط بوجود هذا الانقلاب بهدف الضغط على الرئيس هادي وإجباره على العزوف عن زيارة المملكة العربية السعودية، والعودة رأسا إلى اليمن.
ويخشى صالح وعائلته من حدوث أي تقارب بين الرئيس هادي والإدارة السعودية صاحبة التأثير الأقوى في الشأن اليمني.
ويتأكد هذا الاحتمال بالنظر إلى هذه الأحداث التي جرت في ظل زيارة الرئيس هادي واتخاذه قرار زيارة الرياض في طريقه للعودة لليمن، ومقارنتها بمحاولة اقتحام وزارة الدفاع العام الفائت والمشار إليها في الأسطر الأولى.
وملفت للنظر أن صالح يعتبر زيارات هادي للرياض هي وحدها القادرة على توثيق علاقة الطرفين، ما يعني علم صالح بافتقاد هادي لأي قنوات أخرى لتحقيق هذا الهدف، وفي المقدمة القناة الدبلوماسية عبر وزارة الخارجية التي يديرها أبو بكر القربي الموالي له، أي صالح، والقناة الأمنية وعلى رأسها جهاز الأمن القومي الذي لا يبدو أن هادي فعل فيه شيئا من التغيير أكثر من تغيير رئيسه ووكيله (علي الآنسي، وعمار صالح).
وسواء كانت أحداث الجمعة الماضية بوادر انقلاب حقيقي يخطط له، أو لمجرد الإيحاء بوجوده، فإنها حلقة في سلسلة أعمال عنف وفوضى، وهو ما استشفته كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا حين أعلنتا في ذات اليوم (مساء الجمعة) إغلاق سفارتيهما في اليمن.
كما تكشف هذه الأحداث أن صالح لم يفقد –حتى الآن- مبررات اعتماده وتعويله على القوة العسكرية التي لا يزال يحكمها ويديرها من خلال قياداتها الموالية له والتي لا تزال تحتفظ بمواقعها رغم قرار إلغاء اسم "الحرس الجمهوري".
كما يعوض عن الجزء الذي فقده من القوة العسكرية بالتحالف مع الحوثي الذي ارتبط معه بتحالف ضد الرئيس هادي، خاصة منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ويخطط الطرفان المتحالفان للانقلاب من خلال أعمال العنف والفوضى في العاصمة صنعاء وعدد من المدن.
ولا تزال التقارير تتوالى مؤكدة تزويد صالح للحوثي بالسلاح ومنحه مواقع هامة في قوات ما كان يسمى بــ"الحرس الجمهوري" فضلا عن تجنيد الآلاف من أتباعه.
وتمثل القوات العسكرية التي أعلنت قياداتها الانضمام للثورة القوة الأولى التي فقدها صالح، فيما يتمثل ما فقده كقوة ثانية في موقع وزير الدفاع.
وعلى أن وزارة الدفاع قد أسندت إلى صديق عبدربه منصور هادي اللواء محمد ناصر أحمد خلال رئاسته قبل سنوات، إلا أنه لم يكن يخشاه في تلك الفترة حين أسندها إليه الوزارة، إذ كان يسيطر على الجيش والقوات المسلحة من خلال أبنائه وأقاربه.
وكان حريصا في المراحل الأخيرة على إبعاده، إلا أنه لم يتمكن من تغييره بفعل استماتة عبدربه منصور في الاستحواذ على هذه الوزارة من خلال اللواء ناصر.
وكانت آخر فرص صالح في إبعاد اللواء ناصر من وزارة الدفاع في فترة تقاسم الحكومة بين كل المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك عقب توقيع المبادرة الخليجية، إذ كان هادي رئيس فريق المؤتمر الشعبي المخول باختيار الوزارات التي يريدها، وكانت القائمة التي تضم وزارة الدفاع هي خياره بإجماع الفريق باستثناء سلطان البركاني -عضو الفريق الموالي لصالح والمقرب منه.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها