الحراك الجنوبي تحالف منقسم على نفسه، وذكريات الماضي تعيق توحده
الفراغ السياسي في اليمن قد يفتح نافذة للانفصاليين (2)
في حين أن الدعم الذي اكتسبه من خلال الاستفادة من الاستياء المتفشي من الحكومة المركزية، إلا إن الحراك الجنوبي عبارة عن تحالف منقسم على نفسه، وهو حالياً حراك موحد بالاسم فقط. يقول ناشطون إن تحويل التنافر بين الفصائل الانفصالية إلى مجموعة منظمة ومتماسكة، أمر يحتل أولوية قصوى. المؤتمر الذي عقد مؤخراً وحضره عدد من الشخصيات القيادية في الحراك الجنوبي، اختتم ببيان يضع خططاً لتأسيس مجلس موحد يعمل ككيان مركزي ممثل وحاكم للحراك. لكن أي جهود تضاف إلى هيكل الحراك من المرجح أن تواجه تحديات كبيرة.
حتى وإن كانوا مجتمعين في معارضتهم للوضع الراهن، فإن أولئك المنضوين تحت مظلة الحراك الجنوبي، تفرقهم الخلافات السياسية والإيديولوجية والمناطقية. ذكريات صراعات الماضي القريب أيضاً تعيق وحدة الحراك، وعلى الأخص حرب 1986 الأهلية، صراع النخبة الحاكمة الذي تحول إلى قتال دموي دام 12 يوماً وخلف آلاف من القتلى.
على الأرض، فإن تأثير الفصائل ينحصر في مناطق معينة، وبالرغم أن البعض يصفهم بالرؤوس الظاهرية للحراك، إلا أن الرئيسين السابقين علي ناصر محمد وعلي سالم البيض ما زالت تعد شخصيات مثيرة جداً للجدل.
وبينما يحاولون تنظيم صفوفهم، سيضطر قادة الحراك الجنوبي إلى إعادة حساباتهم، في ظل وجود جمهور ما زال يترنح من تداعيات اضطرابات العام الماضي، وحكومة منكبة على وصف الانفصاليين بوكلاء الفوضى, ومتطرفين عنيدين غاضبين بسبب دحرهم من معاقلهم في محافظة أبين الجنوبية.
إن ارتفاع معدلات الجريمة والعنف في عدن، جعلت الناس يشكون من الانعدام التام للنظام والقانون. ما لا يقل عن خمسة أشخاص قتلوا في مظاهرات للانفصاليين الشهر الماضي، بينما أدى تزايد الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين الانفصاليين، أدى إلى اعتقاد بعضهم أن قادة الحراك بدأوا يفقدون القدرة على كبح جماح المتطرفين بين صفوفهم.
على الرغم من أن السياسيين اليمنيين والدبلوماسيين الدوليين ما زالوا علناً يركزون على عملية الحوار الوطني المقبلة، تمهيداً لصياغة دستور جديد من المتوقع أن يشارك فيه القادة الجنوبيون، إلا أن المواجهات التي وقعت في عدن، زادت من مخاوف أن الوضع يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة. وعلى الرغم من تأكيد التزامهم بالنهج السلمي، يقر بعض الناشطين بصراحة أنه في حالة عدم إحراز أي تقدم، فإن تحول بعض الفصائل إلى التمرد المسلح، أمر وارد جداً.
يقول رجل مسن من القادة الانفصاليين "ما زلنا نؤمن بالنضال السلمي وأنا أؤمن بذلك، ونستطيع تحقيق أهدافنا بمساعدة المجتمع الدولي." قبل أن يشير إلى الكفاح المسلح الذي أنهى الاستعمار البريطاني لأكثر من قرن لمدينة عدن. وأضاف قائلاً: "انظر، لقد أخرجنا البريطانيين وسنخرج الشماليين. لست أنا من أقرر كيف سيتم ذلك، القرار يعود للشعب الجنوبي."