حوار اليمن وتحديات بناء الدولة
يقف مؤتمر الحوار اليمني أمام تحد على درجة كبيرة من الأهمية وهو إنجاز مشروع بناء الدولة المدنية اليمنية العصرية التي اندلعت من أجلها ثورة الشباب في العام 2011 وجاهد اليمنيون منذ عقود من أجل بنائها لإرساء دولة النظام والقانون التي تضمن لهم العدالة الاجتماعية والكفاءة والنزاهة.
ويرى محللون يمنيون أن بناء هذه الدولة المنشودة مازال يواجه تحديات كثيرة يتوجب على المتحاورين في العاصمة اليمنية صنعاء العمل على تجاوزها.
ويتحدث بعض المراقبين عن تخوفات كثيرة من معيقات إنجاز هذا المشروع منها القبيلة والعسكر والانفصال والطائفية.
عطية: هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل فرق بناء الدولة
تباين شاسع
وقال عضو فريق بناء الدولة بلجنة الحوار الوطني أحمد عطية إن فريق بناء الدولة أنهى عددا من الزيارات الميدانية للمحافظات بهدف تكوين رأي عام حول مخرجات الحوار، مؤكدا أنه لا تزال هناك كثير من الصعوبات والتحديات التي تواجه عمل الفريق.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن أهم تلك التحديات استمرار التدهور في الجوانب الأمنية، والتباين الشاسع بين الأفكار المطروحة بالحوار حول شكل الدولة القادمة بين من يؤمن بخيار الدولة الفدرالية متعددة الأقاليم أو باتحاد فدرالي بإقليمين أو بنظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات.
وأضاف عطية أن الأمر ما زال في طور مناقشة صلب محاور الحوار الوطني المتمثل في هياكل بناء الدولة اليمنية القادمة والهوية وشكلها والنظامين الانتخابي والإداري ونظام الحكم، مشيرا إلى أن ثمة انسجاما إلى حد ما بين مكونات الفريق.
السلطة الخفية
من جهته تحدث عضو لجنة الحوار الوطني عن الحراك الجنوبي بدر باسلمة للجزيرة نت عن أربعة تحديات رئيسية أمام بناء الدولة أبرزها معالجة القضية الجنوبية بشكل يؤدي إلى تحقيق العدالة باعتبارها أهم القضايا الملحة أمام الحوار.
باسلمة يرى ضرورة الفصل بين الدين والدولة
وذكر باسلمة من ضمن تلك التحديات التخلص من السلطة الخفية للدولة والتي عبر عنها بـ قوى الائتلاف الثلاثي بين القبيلة والعسكر وعلماء الدين التي لا تزال تتحكم بمصير البلاد ومقاليد الدولة كاملة منذ العام 1962، على حد وصفه.
واعتبر أن أخطر التحديات على بناء الدولة اليمنية إلحاح بعض القوى على ربط الدين بالسلطة في الدستور اليمني الجديد، كما شدد باسلمة على ضرورة إيجاد آلية دولية ضامنة لتنفيذ جميع مخرجات الحوار.
ويرى باسلمة ضرورة الفصل بين الدين والدولة لضمان عدم التحول مستقبلاً إلى "دولة دينية متشددة" كون اليمن يعاني من صراعات مذهبية ولا سيما أن هناك أحزابا وطوائف دينية ومذاهب مختلفة تتنافس للوصول إلى الحكم، مشيرا إلى أن هذا الفصل يمكن من خلاله تحييد أي تيار ديني قد يحكم اليمن مستقبلاً من تأثيره على السلطة واستغلالها لنشر مذهبه.
غير موضوعية
غير أن نائب رئيس منسقية الثورة الشبابية اعتبر الحديث عن القبيلة والعسكر والانفصال والطائفية، باعتبارها من معيقات إنجاز مشروع بناء الدولة، بأنه تخوف غير موضوعي كون "القوة الشعبية لشباب الثورة باتت هي الأبرز الأمر الذي ساهم في تغيير الخارطة السياسية للبلد".
وأعرب أسامة الشرمي في حديث للجزيرة نت عن خشية شباب ثورة أن يكون الفساد والإرهاب والمحاصصة التوافقية هي أبرز ما يعيق بناء الدولة، إذا ما أضيف لها أموال الشعب المنهوبة التي مازال الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح يستخدمها لتقويض عملية التغيير برمتها.
وأضاف "يتوجب على القوى السياسية اليمنية بما فيها المخلوع (المؤتمر الشعبي العام) أن تتطلع نحو المستقبل، وتطوى صفحة الحكم الأسري، والسعي نحو المشاركة الجادة في مؤتمر الحوار".
فيصل انتقد تشعب قضايا الحوار وضعف أداء فرق العمل
ضعف الأداء
بدوره، انتقد الكاتب الصحفي فيصل علي ما أسماه تشعب قضايا الحوار وضعف أداء الفرق العاملة فيه التي قال بأنه "غلب عليها الطابع السياسي الجهوي العشوائي بعيداً عن الجانب المهني الفني".
واعتبر في حديث للجزيرة نت مشروع بناء الدولة بأنه يشكل تحديا أمام اليمنيين جميعا وليس أمام الحوار، وأنه يأتي نتيجة طبيعية لغياب المشروع الجامع وعدم وجود هدف واضح لدى الجميع حول طبيعة هذه الدولة، بالإضافة إلى وجود تجمعات عشوائية في البلد.
وأوضح أن هذه التجمعات كـ الحوثيين أو الحراكيين تعمل بدون تنظيم لجهودها سواء في مؤتمر الحوار أو خارجه، ولم تستطع أن تتحول إلى كيانات سياسية وحزبية يسهل التعامل معها في إقناع أنصارهم بقبول النتائج التي سيفضي عنها مؤتمر الحوار.
المصدر:الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها