الإنفلات الأمني في اليمن بين ثأر (المخلوع) وتساهل (هادي) .. غياب الدولة يفرز بأستمرار لاعبين جدد في الساحة
تدور أسئلة عديدة لدى المواطن اليمني حول الأوضاع الأمنية عقب ثورة التغيير منها لمـــاذا لم تسقط الطائرات العسكرية إلا بعد سقوط نظام صالح؟ لماذا لم تسقط ابراج الكهرباء إلا بعد سقوط ذلك النظام؟ لماذا لم تسقط القذائف على انابيب النفط إلا بعد سقوط المخلوع ونظامه؟.
أسئلة مختلفة وقد تكون معروفة لدى النظام الحالي إلا أنها لم تستطع حتى اللحظة من الإجابة عليها ولا تمكنت من محاسبة الجناة الممارسون لتلك الجرائم التي كبدت الحكومة خسائر فادحة وأصابت المواطن بخيبة أمل أفقدته نظرة التفاؤل حول المستقبل المجهول.
شهدت اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص في الأونة الأخيرة انفلاتاً أمنياً ملحوظاً من اغتيالات لقيادات عسكرية وتفجيرات في مناطق شعبية إلى سقوط طائرات عسكرية في العاصمة صنعاء وكذا الإعتداء على أنابيب النفط وخطوط الكهرباء بشكل مستمر ومتكرر.
لم يستفيق اليمنيون بعد من صدمة اغتيال الطيارين الثلاثة في محافظة لحج أواخر الأسبوع الماضي حتى تفاجئوا في أقل من أسبوع بسقوط طائرة عسكرية بالعاصمة صنعاء الاثنين الماضي.
وقد أخذ سقوط الطائرة العسكرية "سوخواي22" أبعاد مختلفة فمحللون يرجعون سقوطها إلى خلل فني وأخرون يرون أنه بفعل فاعل وأنها مدبرة مسبقاً.
وبهذا الصدد قال مراقبون محليون: أن سقوط الطائرات العسكرية بهذا الشكل وفي فترات زمنية متساوية ليس خللًا فنيًا بل هو خللًا أمنيًا , يستدعي من الرئيس هادي أن يترك البحث عن الأسباب الفنية التي غالبًا ما تظهر بها نتائج التحقيق في حوادث كهذه , والبحث عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء سقوط الطائرات التي تمطر سماء العاصمة ويذهب بسببها ضحايا مدنيين.
وكانت مصادر عسكرية كشفت في فبراير الماضي عن توجهات رئاسية صدرت لقيادة القوات الجوية بالوقوف المؤقت لأي تدريب للطيران العسكري فوق المدن المأهولة بالسكان, إلا أن ما حدث ظهر اليوم يكشف وبجلاء أن تلك القرارات ذهبت أدراج الرياح دون أي اهتمام من الجهات المختصة الملزمة بوضع معايير تحدد إقلاع الطائرات وأماكن إجراء التدريبات, بعيدًا عن الأحياء السكنية.
وفي الـ19 من فبراير 2013م, توفي 12 شخصًا بينهم 9 مدنيين وجُرح 22 آخرون, إثر سقوط طائرة مماثلة طراز "سوخواي 22" روسية الصنع بالقرب من ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء.
ووفقًا لبعض التقارير الصحفية أن عدد الطائرات التي سقطت في عدة أماكن من اليمن وبأسباب مختلفة خلال الأربع السنوات الماضية بما فيها حادث اليوم بشارع الخمسين يصل إلى 11 طائرة عسكرية، بمعدل 3 طائرات سنويًا، وبكلفة تقديرية 800 مليون دولار و100 ألف.
وذكر مركز أبعاد للدراسات والبحوث في دراسة سابقة أن اليمن تمتلك (156) طائرة عسكرية، موزعة على (6) قواعد عسكرية وهي, قاعدة كلية الطيران الجوية بصنعاء، وقاعدة الديلمي الجوية بالحديدة، وقاعدة العند الجوية بلحج، وقاعدة عدن الجوية،و قاعدة الريان الجوية بحضرموت، بالإضافة إلى قاعدة الجند الجوية بتعز.
تكرر سقوط الطائرات وكما أشارت التقارير إلى أنها وصلت لـ11 طائرة عسكرية خلال السنوات الأخيرة حيث وأنه لم تتمكن الجهات المسؤولة حتى اللحظة من الحد منها وحماية الطائرين والمواطنين التي تجرى التدريبات لتلك الطائرات على رؤوسهم وعلى بعد أمتار قليلة من مناطق مأهولة بالسكان مع أن الرئيس أصدر قراراً بمنع إجراء التدريبات الطائرات الحربية في سماء المدن.
وحول الأحداث التي شهدها ويشهدها الجنوب من اغتيالات لكوادر عسكرية وتفجيرات لمناطق مأهولة بالسكان يرى الناشط السياسي بالجنوب أسامة الشرمي: أن هناك من يريد إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء معتقدين أنهم بذلك يعيدون تموضعهم للسيطرة على الحكم في الجنوب وإقصاء الآخرين بالقتل أو السجن والنفي تحت مبررات شعاراتيه فارغة، أيضا لدينا تجار الفوضى والتدخلات الخارجية كل هذه الأمور تعطينا فكرة عن الأسباب الكامنة وراء العنف.
وأرجع الشرمي كل تلك الأفعال إلى غياب الدولة حيث قال: كما أن غياب الدولة ومؤسساتها سيفرز بأستمرار لاعبين جدد في الساحة ولا يغيب عنا هنا التذكير بأصحاب الأفكار المتطرفة الذين ما كان لهم أن ينشطوا دون حالة التفتت السياسي الذي تشهده البلد.
وحول الإنفلات الأمني بالنسبة لليمن بشكل عام فقال أسامة: أن ذات الأسباب واللاعبين هم من يعبث بالخارطة الأمنية للبلد مع تبادل للأدوار بإختلاف المنطقة ومدى قوة وضعف الكراتين التقليدية والسياسية والطائفية والجهوية في ضل غياب نسبي للدولة في المدن وغيابها التام في الأرياف.
أعتقد أن أي مرحلة إنتقالية في أي بلد كانت تتميز بالإنفالات الأمني الحاد و تحول جزء كبير من مؤيدي النظام المطاح به في إطار الهيكلة الإداري للدولة والذين يشعرون بتهدد مصالحهم إلى مجرد عمال تخريب لمؤسسات الدولة و العبث التام بكل ما له علاقة بالمرحلة الإنتقالية، هذا ما يراه من وجهة نظره الكاتب والمحلل السياسي نبيل البكيري.
مضيفاً: وهذا ما حدث في اليمن بعد الثورة اليمنية، هذا عدا عن التدخلات الأقليمية الكبيرة من قبل قوى تريد أن تعزز تواجدها في اليمن فتعمل على تغذية حالة الانفلات الأمني
وذهب الكاتب والمحلل السياسي البكيري إلى أنه لابد من معرفة المستفيد من خلط الأوراق خلال هذه الفترة حتى يتسنى للقائمين على الدولة معرفة من يقوم بمثل هذه الأعمال الإجرامية حيث قال: أما ما يتعلق بإسقاط الطائرات والإغتيالات المتكررة لكوادر الأجهزة الاستخابرتية و الجوية فلا أستبعد أن ثمة أطراف مستفيدة من مثل هذه الأعمال التخريبة الأجرامية، ولا شك أيضا أن مثل تلك الأطراف تريد تحقيق مصالحها من خلال القضاء على مقدرات المؤسسة الرسمية ولا أستبعد هنا وجود أيادي مخابراتية لقوى أقليمية تساعدة حلفائها على مزيد من الأعمال الانقامية والإجرامية كي تمهد الطريق ربما لسيناريو قادم على يستند على الفوضى الأمنية وفرض وجوده بالقوة والسلاح وخاصة إذا ما ربطنا بين تلك الأسلحة المهربة التي تم القبض عليها و بين الجهة التي تقف ورائها، سيقودنا هذا حتماً إلى نتيجة مفادها إذا اردت أن تعرف من يقوم بهذا العمل فأعرف من المستفيد منه.
وفي ختام تقريرنا هذا كما أبتدأناه بتفسيرات وأسئلة نختتمه كذلك بتفسيرات وأسئلة حيث تتبادر إلى الذهن عدة أمور تبحث عن تفسير، وأسئلة تبحث عن إجابات أبرزها، ما هو مصير اليمن؟ وإلى أين ستسير البلاد؟ وهل ستمر المرحلة الإنتقالية أم أن فبراير 2014م لن نصل إليه إلى بعد خراب البلاد؟
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها