الفدرالية باليمن بين الرفض والتأييد
يواصل فريق بناء الدولة المنبثق عن مؤتمر الحوار اليمني استعراض الأفكار الرئيسية المقدمة من ممثلي المكونات المشاركة في الحوار بشأن هوية الدولة اليمنية المنتظرة، وذلك وسط تباين واضح بين تلك الأفكار التي لا تزال مثار جدل لدى العديد من الأوساط السياسية في اليمن.
ويرى محللون ومراقبون أن ميول الأمزجة الشعبية والنخب السياسية لا تزال تتفاوت بين من يرى ضرورة الأخذ بخيار الدولة الفدرالية المتعددة الأقاليم كحل للمشاكل والاحتقانات السياسية التي يعانيها البلد، وبين من يعتقد بخيار الحكم المحلي الواسع الصلاحيات للتخلص من المركزية الشديدة.
ويعد خيار الفدرالية من عدة أقاليم، الذي يدعمه الحزب الاشتراكي اليمني، من أبرز الرؤى المطروحة من قبل القوى اليمنية على طاولة مؤتمر الحوار، ويركز على أن تكون "الجمهورية اليمنية دولة اتحادية تتكون من أكثر من إقليم تحدد بقانون يستفتى عليه".
وتنص هذه الرؤية على أن "يقوم بناء الدولة على أساس لا مركزية الحكم وتوزيع السلطات، وتلتزم الدولة بمبدأ الفصل بين السلطات كأساس حاكم للتنظيم الدستوري لاختصاصات وصلاحيات سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية".
تأييد
وبحسب عضو مؤتمر الحوار من فريق "قضية بناء الدولة" محمد ناجي علاو، فإن عددا من الخيارات بشأن هوية الدولة يجري الاستماع لها في إطار الحوار أبرزها الفدرالية من إقليمين أو عدة أقاليم، ونظام الحكم الواسع الصلاحيات، إضافة لمطلب استعادة الدولة الجنوبية الذي يطالب به أنصارالحراك المشاركين في الحوار.
وقال للجزيرة نت "بعد الانتهاء من الاستماع لجميع الرؤى سيجرى نقاش لتحديد ما هو النظام الأمثل الذي يفترض أن يستجيب لحل الإشكالات الناتجة عن الاستبداد السياسي في البلاد سواء في شطري اليمن أو داخل دولة الوحدة".
وعبّر عن اعتقاده بأن الرؤية الغالبة التي تحظى بتأييد كبير وقبول على المستوى الإقليمي والمحلي والدولي، هي نظام فدرالية الأقاليم باعتبار أنه لا توجد -حتى الآن- على الإطلاق دولة استقرت بإقليمين.
بدوره أكد نائب رئيس مؤتمر الحوار الوطني القيادي في الحراك الجنوبي ياسين مكاوي أن الرؤى بشأن بناء الدولة ما زالت في طور النقاشات داخل إطار اللجنة المعنية ولم تصل إلى هيئة رئاسة المؤتمر.
وقال في حديث للجزيرة نت إن تحديد مخرجات القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار هو ما سيحدد المسار الحقيقي لشكل نظام الحكم وهوية الدولة اليمنية، وكذلك بقية المسارات الأخرى ذات الصلة بالدستور وبناء الحكم الرشيد.
رفض
وبينما يؤكد محللون وباحثون وجاهة الأطروحات التي قُدمت في مؤتمر الحوار بخصوص شكل الدولة ونظام الحكم وفي مقدمتها رؤية الحزب الاشتراكي، فإنهم يحذرون من الأخذ بأي شكل من الأشكال المنصوص عليها في تلك الأطروحات قبل الشروع في بناء الدولة.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة إلى أن الأطراف التي قدمت رؤاها انطلقت من زوايا مختلفة ومتعددة ترتبط بمخاوف كل طرف وطموحاته المستقبلية. وأوضح أن من إيجابيات تلك الرؤى أنها قدمت تشخيصا للواقع السياسي في اليمن.
وقال الزرقة للجزيرة نت إن "جميع الأطروحات خلصت إلى أن اليمن دولة رخوة وتمتلك نظاما سياسيا مصابا بخلل كبير".
وأكد أن البدء بتنفيذ شكل الدولة الفدرالية أو الكونفدرالية لن ينهي الإشكالات السياسية الراهنة، وأن الأولى هو إعادة بناء الدولة قبل التفكير في نوعية شكل الدولة.
من جانبه اعتبر الناشط الحقوقي والقيادي البارز في الثورة اليمنية خالد الآنسي أن مكمن الخلل في اليمن يتمثل في عدم وجود دولة المؤسسات والنظام، وليس في شكل الدولة.
وقال للجزيرة نت "نحتاج لنظام سياسي يعتمد نظام الحكم المحلي الكامل الصلاحيات ويضمن للمواطنين العدالة والمساواة في المواطنة وأمام القانون".
وفي السياق ذاته، يتفق مع الآنسي والزرقة الباحث اليمني نبيل البكيري رئيس المنتدى العربي للدراسات الذي أكد أن الإشكالية الكبرى تكمن في أن الجميع ينظر إلى مسألة الفدرالية أو الكونفدرالية على أنها الحل السحري للمشكلة التاريخية في اليمن.
لكنه أشار إلى أن الإشكالية الكامنة في اليمن هي غياب وجود الدولة، موضحا أن الأخذ بأي من الرؤى المطروحة في ظل الدولة الضعيفة لن ينتج سوى "دولة ضعيفة".
وأكد أن الخيار الأنسب هو تجربة الدولة القوية مع وجود نوع من الحكم المحلي الواسع الصلاحيات، كخيار مرحلي تبنى عليه لاحقاً الحلول النهائية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها