المركز الثقافي بالقاهرة يشهد توقيع التعايش الإنساني ..الواقع والمأمون

شهد المركز الثقافي اليمني في القاهرة مساء أمس الأول ـ الأربعاء ـ حفلاً ثقافياً مميزاً، خصص لمناقشة وتوقيع كتاب "التعايش الإنساني.. الواقع والمأمول" للمفكر والأكاديمي الدكتور نجيب عسكر، بحضور نخبة من المثقفين والدبلوماسيين والأكاديميين والإعلاميين، الأمسية التي أدارها الإعلامي عمار المعلم تحولت إلى منصة حوارية جمعت بين الرؤى الفكرية والدينية والسياسية، وأعادت التأكيد على دور الثقافة في تعزيز قيم التعايش والسلام. 

 

 يعالج جذور الصراع

 

 

في مستهل المداخلات أكد الدكتور عبدالله الذيفاني أن المركز الثقافي اليمني بات نافذة حقيقية للتثاقف، ومركز إشعاع فكري يبرز الإبداعات اليمنية والعربية في القاهرة، وتوقف الذيفاني عند أبرز ملامح الكتاب، موضحاً أنه يقوم على ثنائية الصراع والتعايش، الخير والشر، والحق والباطل، وأن هذه الإشكالية الإنسانية تعود جذورها إلى قصة هابيل وقابيل، وأضاف أن الدكتور عسكر قدم خلاصات فكرية عميقة وطرح مصطلحات فلسفية تساعد في فهم المجتمع وأزماته، معتبراً أن عناوين الفصول نفسها تصلح أن تكون أطروحات بحثية مستقبلية تستند إلى الرؤية الإسلامية منطلقة من القرآن الكريم والسنة النبوية، وأشار إلى أن الكتاب يقدم رؤية عملية لإصلاح الخطاب الديني بما يتواءم مع متغيرات العصر وتطوراته، مع ميزة الانفتاح على مختلف العلوم دون انحصار في تخصص واحد

 

 بذرة موسوعة عن التعايش

 

من جهته اعتبر الأستاذ منير طلال أن الكتاب يشكل بداية أو بذرة لموسوعة شاملة عن التعايش الإنساني، ومقدمة أساسية لدراسة دور الإسلام في ترسيخ قيم التسامح والعيش المشترك ، وأوضح أن المؤلف حلل أسباب الصراعات الإنسانية، وعرف التعايش بوصفه واقعاً غير مثالي ، لكنه يظل ممكناً حتى في أكثر المجتمعات تقدماً، ولفت إلى أن التعايش يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكرامة الإنسان وحريته، وهو ما يجعل قيمته الإنسانية متجاوزة للأطر النظرية إلى التطبيق العملي في الحياة اليومية

 

 

 مواجهة خطاب الكراهية 

 

 

أما السفير المصري السابق في اليمن أشرف عقل فقد قدم قراءة شاملة للكتاب ، معتبراً أنه وثيقة فكرية تتبعت العلاقات الإنسانية منذ بدء الخليقة وحتى العصر الحديث محللة جذور الصراع وأنواع الكراهية ، وأوضح أن الدكتور عسكر ميز بين خطاب الكراهية وحرية التعبير ، مبرزاً كيف يتم في بعض الأحيان استغلال حرية التعبير لتغذية الكراهية وهدم الدول من الداخل عبر ترويج الشائعات، وأضاف أن المؤلف لم يكتف بالتشخيص بل طرح وسائل عملية للحد من خطاب الكراهية ، من أبرزها: التمسك بالقيم الإسلامية، ورفض الإرهاب والأفكار المتطرفة، والاستثمار في الإعلام الجديد الجاد والمسؤول، وتحصين اللغة العربية من التشويه الذي يُستغل لتمرير رسائل سلبية، وأكد عقل أن الساحة العربية أحوج ما تكون اليوم إلى مثل هذا الطرح لتعزيز قيم التسامح بين الشعوب، خاصة في ظل التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة

 

 الإسلام حامل راية التعايش

 

وفي ختام الحفل تحدث الدكتور نجيب عسكر عن تجربته في تأليف الكتاب مبيناً المراحل التي مر بها والصعوبات التي واجهها حتى إنجازه، وأوضح أنه حرص على إبراز الصورة المشرقة للإسلام كدين يحمل راية التعايش الإنساني، مؤكداً أن هدفه الأساسي يتمثل في غرس قيم المحبة والفضيلة، وتفكيك خطاب الكراهية الذي يقوض السلم الاجتماعي

 

 

  إضافة نوعية للمكتبة العربية

 

أجمع الحضور في مداخلاتهم على أن الكتاب يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية والإسلامية، ومرجعاً فكرياً يمكن أن يسهم في إصلاح الخطاب الديني والتوعوي، إلى جانب تعزيز ثقافة الحوار والتعايش السلمي بين الأمم والشعوب

 

وبهذا لم يكن الحفل مجرد مناسبة لتوقيع كتاب بل كان لقاءً فكرياً أكد أهمية الثقافة في بناء جسور التفاهم وفي مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة وفي مقدمتها خطاب الكراهية والانقسام.