عدن على شفير كارثة تعليمية إثر توقف التعليم وفشل حل الإضراب

تشهد محافظة عدن شللاً تامًا في العملية التعليمية منذ انطلاق الفصل الدراسي الثاني، نتيجة استمرار إضراب المعلمين، مما ينذر بكارثة تعليمية واجتماعية، خصوصًا لطلاب الثانوية العامة الذين لم يتمكنوا من استكمال نصف المنهج الدراسي.
ويعبر الطلاب عن قلقهم البالغ مع اقتراب موعد الامتحانات، في ظل غياب الحلول لاستئناف الدراسة. حيث أكد عدد منهم أن الإضراب أثر سلبًا على تحصيلهم العلمي.
وأشار أحد طلاب الثانوية العامة إلى أنهم درسوا فقط ثلاث أو أربع وحدات من أصل عشر في كل مادة، متسائلًا: "كيف يمكننا اجتياز الامتحانات والاستعداد للجامعة ونحن لم نكمل حتى نصف المنهج؟!"
كما أوضح أن تدريس مادة الرياضيات كان مجتزأً، حيث تلقوا دروسًا محدودة في التفاضل، بينما لم يتم تدريس التكامل والهندسة على الإطلاق، ما يهدد فرصهم في التخصصات العلمية مثل الهندسة.
في المقابل، أخفقت الحكومة وقيادة المحافظة ومكتب التربية والتعليم في عدن في إيجاد حل لإنهاء الإضراب، حيث لم يتمكنوا بعد من تلبية مطالب المعلمين المتعلقة بصرف مستحقاتهم المالية وتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية.
ومع استمرار الأزمة، يطالب الطلاب وأولياء الأمور الجهات المعنية، وعلى رأسها الحكومة وقيادة السلطة المحلية بعدن، ومدير مكتب التربية والتعليم بعدن، بالتدخل العاجل لإنقاذ العام الدراسي، وضمان عدالة الفرص للطلاب مقارنة بزملائهم في المحافظات الأخرى.
من جانب أخر، انتشرت على مواقع التواصل مشاهد تُظهر معاناة معلمو عدن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ففي باحة مدرسة الميناء بمديرية التواهي، حيث اعتاد الطلاب على تلقي دروسهم، تجمّع مساء الاثنين الماضي، عدد كبير من المعلمين، ليس لتحضير الدروس أو تنظيم الحصص، بل من أجل الحصول على وجبة إفطار قدمتها إحدى المنظمات الخيرية، وقد اقتصر الدعم على تقديم "نفر رز وربع دجاجة وحبتين من الرغيف"، لتصبح هذه الوجبة رمزاً واقعيًا لمعاناة المربين الذين، رغم تفانيهم في تعليم الأجيال، يجدون أنفسهم اليوم محتاجين للمساعدات الأساسية.
وفي لحظة تفيض بالحسرة، عبَّر أحد المعلمين عن شعوره قائلاً: "كنا نرفع أصواتنا مطالبين بزيادة الرواتب، وفجأة نُصدم بتقديم وجبة عشاء.. كم هو إذلال!". لتعكس كلماته مرارة واقع حياة معلمي عدن الذين عاشوا سنوات من العمل الجاد دون تحقيق التقدير المادي الكافي، حتى صاروا يعتمدون على المعونات لتأمين قوت يومهم.
وتأتي هذه الوقائع في إطار أزمة اقتصادية عميقة ضربت قطاع التعليم؛ إذ يخوض المعلمون منذ شهور إضرابًا شاملاً احتجاجًا على الرواتب التي باتت بالكاد تغطي احتياجات أسبوع واحد، في ظل انهيار العملة وارتفاع الأسعار، في بلد يتقاضى فيه المعلم راتباً شهرياً يبلغ حوالي 27 دولاراً، أصبحت أبسط مقومات الحياة كالرز والدجاج رفاهية لا يستطيع الكثيرون تحملها.
ولا تقتصر الآثار السلبية لهذا الوضع على المعلمين فقط، فقد توقف التعليم في عدن والمناطق المجاورة، مما أثر على آلاف الطلاب، وبينما يواجه المربون واقعاً قاسيًا، تتضاءل الفرص في ظل إهمال المسؤولين لمطالبهم المشروعة، ما يدفع البعض إلى البحث عن مصادر دخل بديلة أو حتى التخلي عن مهنة التدريس التي طالما اعتبروها رسالة نبيلة.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها