عقد من التحرير ولا تزال عدن تشكو

تستعد مدينة عدن للاحتفال بمرور عقد من الزمن على تحريرها من مليشيات الحوثي، وهي الذكري الذي كان يُعوّل عليها كثيرًا في إعادة بناء المدينة وتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، إلا أن الواقع اليوم، يعكس تحديات كبيرة لا تزال تواجه السكان.
في شهر رمضان 2015، سطر أبناء عدن بكافة اطيافهم وشرائحهم بما فيهم قيادة وقواعد الإصلاح مستقبل مدينتهم وجعلوا من يوم الـ 27 من رمضان ذكرى لا تنسى ويوما خالدا رسم مستقبل المدينة وحررها من طاغوت المليشيا الإيرانية الإمامة التي حاولت السيطرة عليها.
أمل لم يكتمل
يعتبر أبناء عدن هذا النصر نقطة تحول كبيرة كان يُفترض أن تؤدي إلى إعادة الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة، كانت آمال سكان المدينة عالية في أن يكون التحرير بوابة لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، إلا أن هذه الآمال لم تتحقق كما كان متوقعًا، حيث تواجه عدن اليوم أزمات متراكمة أثّرت بشكل مباشر على حياة المواطنين.
رغم التضحيات الجسيمة التي قُدمت خلال التحرير، لا يزال المواطن العدني يواجه تحديات معيشية يومية، وأزمات متتالية تهدد الاستقرار، فقد شهدت المدينة انهيارًا في الخدمات الأساسية ، ما جعل الحياة أكثر صعوبة.
وخلال 10 سنوات تصاعدت معاناة السكان، وتزايدت الأزمات حتى أصبحت جزءًا من الواقع اليومي للمواطنين، كما أسهمت الاختلالات الأمنية والممارسات غير القانونية في تدهور النشاط الاقتصادي، مما أدى إلى تفاقم البطالة وعدم استقرار الوضع الاقتصادي.
معضلة مستمرة
واليوم، لا تزال عدن تعاني عدم الاستقرار وتشكو من اختلالات أمنية كبيرة، فتعدد الأجهزة الأمنية وعدم خضوعها لسلطة حكومية واحدة جعلا الأمن في هذه المدينة هشًّا، وأصبحت الاعتداءات المسلحة والاختلالات الأمنية جزءًا من الحياة اليومية للسكان.
ويرى محللون أن استمرار هذا الحال أدى إلى خلق حالة من الفوضى يصعب السيطرة عليها، وفي ذات الوقت أسهم في تفشي الفوضى الأمنية بما في ذلك انتشار الجريمة المنظمة وعمليات الاغتيالات السياسية وتدهور الحالة الأمنية.
سخط شعبي
يقول فؤاد العقربي، من سكان مديرية الشيخ عثمان: "قبل عشرة أعوام، كنا نأمل أن التضحيات التي قدمها شهداء المدينة ستؤتي ثمارها، لكن اليوم نعيش واقعًا مريرًا، ويطالب العقربي في حديث لـ"عدن بوست"، بمحاسبة كل من تسبب في تدهور الخدمات وانتشار الفوضى الأمنية في المدينة".
وبينما يتطلع جميع أبناء عدن اليوم إلى اقتراب حلول الذكرى العاشرة للتحرير بفخر واعتزاز، فإنهم في ذات الوقت يأملون أن تكون هذه الذكرى فرصة لمراجعة الأخطاء وإيجاد حلول حقيقية لمعالجة أزماتهم المتفاقمة.
طريق الحل
ويُجمع الكثير من سكان المدينة على أن تحقيق استقرار سياسي وأمني شامل هو الخطوة الأولى نحو إعادة بناء المدينة، ويطالب هؤلاء بضرورة توحيد الأجهزة الأمنية تحت سلطة حكومية واحدة، إلى جانب وضع خطة تنموية حقيقية تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المعيشية، سواء من خلال تحسين الخدمات الأساسية أو توفير فرص عمل للشباب العاطل.
وفي هذا السياق، يؤكد الشاب عدنان النقيب، من سكان مديرية المنصورة لـ"عدن بوست" على أن الاستقرار الأمني هو أساس أي تنمية في عدن. ويضيف:" تعدد الأجهزة الأمنية والولاءات السياسية لها، إلى جانب تعثر أداء الحكومة والسلطة المحلية، زاد من تعقيدات الوضع في المدينة منذ تحريرها."
انتقادات لاذعة
بدوره، شن الصحفي فتحي بن لزرق هجومًا لاذعًا على إدارة عدن، متهمًا إياها بالفشل الذريع في توفير الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، رغم مرور عشر سنوات على التحرير.
وفي منشور له على "فيسبوك"، استنكر بن لزرق اعتبار توفير الكهرباء لعدة ساعات فقط "حلمًا"، مشيرًا إلى أن هذا الوضع لا يحدث حتى في دول تعاني من حروب أهلية وأزمات اقتصادية مثل الصومال وزائير وأجزاء من غرب الهند.
وأضاف بن لزرق أن إريتريا، رغم شح مواردها، تمكنت من تحقيق استقرار أفضل من عدن، ملقيًا باللائمة على جميع من تولوا إدارة المدينة منذ 2015. كما رفض تبرير التدهور بالتآمر الخارجي، مؤكدًا أن الإيرادات المحلية كافية لتوفير الخدمات الأساسية لسكان المدينة.
واختتم بن لزرق حديثه بالتعبير عن أسفه الشديد لحال عدن، داعيًا إلى اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ المدينة من أوضاعها المأساوية.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها