إب.. هموم وغلاء وجيوب فارغة تُفسد روحانية رمضان

يشهد أبناء محافظة إب هذا العام شهر رمضان في أجواء مشبعة بالهموم والمنغصات، وسط غلاء فاحش لم تشهده المدينة من قبل. فبينما كانت الأيام الخوالي تزخر بالبهجة والسرور، يحلّ رمضان هذا العام والأوضاع المعيشية للمواطنين أكثر قساوة وتدهورًا، نتيجة الانهيار الاقتصادي الذي تعانيه البلاد بفعل الحرب والانقلاب.
حركة مشلولة
عند دخول شارع العدين بمدينة إب، لن تجد الزحام والنشاط التجاري المعتاد، فقد كان الشارع في السابق ينبض بالحياة مع قدوم رمضان، إلا أن هذه الحركة تراجعت بشكل لافت منذ انقلاب مليشيا الحوثي. في البداية، حاول المواطنون مقاومة الأزمة عبر الادخار أو بيع مجوهراتهم، وصولًا إلى الاستدانة، أملاً في تجاوز أزمة اعتقدوا أنها مؤقتة، لكن استمرار الانقلاب جعل الحياة أكثر صعوبة، وحوّلها إلى جحيم لا يُطاق.
زكي السماوي، أحد تجار شارع العدين، يؤكد لـ"الصحوة نت" أن "رمضان هذا العام في إب سيكون الأقسى، فلا حركة تجارية ولا زبائن، والناس وصلت إلى مرحلة حرجة لا يمكن وصفها". وأضاف: "في السابق، كنا لا نجد وقتًا للجلوس بسبب ضغط العمل، أما اليوم، فمحلاتنا فارغة تعكس الواقع المؤلم الذي نعيشه".
أزمة اقتصادية متفاقمة
خلال الأسابيع الأخيرة، شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا كبيرًا، وسط انهيار اقتصادي، وانعدام فرص العمل، وانقطاع المرتبات، ما جعل أبناء إب وسكان المناطق الأخرى بين نار الغلاء ونار المعاناة المستمرة.
تقارير أممية حديثة كشفت أن 3% فقط من السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يتلقون رواتب شهرية، بينما يعتمد 54% على العمالة المؤقتة، ما يوضح ضعف القدرة الشرائية.
تحذيرات أممية
كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من أن قرار الحوثيين بمنع استيراد دقيق القمح، إلى جانب ذروة الطلب في رمضان، قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية خلال الأشهر المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن الأجور في مناطق الحوثيين شهدت انخفاضًا مقارنة بمناطق سيطرة الحكومة، حيث ارتفعت الأخيرة بنسبة 6% سنويًا، لكن الأجور في كلا الجانبين لا تزال غير كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 38% مقارنة بالعام الماضي.
عام هو الأقسى
في ظل هذه الظروف، يحاول أبناء إب التشبث بفرحة رمضان، إلا أن الفقر والضائقة الاقتصادية يسرقان بهجة الشهر الكريم.
سليم البعداني، أحد المواطنين، يقول: "رمضان هذا العام أكثر قساوة من الأعوام السابقة؛ فلا مرتبات، ولا عمل، ولا مصادر دخل، حتى في حدها الأدنى، مما جعل الحياة أكثر صعوبة".
وأضاف: "لم أستطع حتى الآن شراء كيس دقيق صغير، وأشتري بالكيلو يوميًا بانتظار الفرج. نحن نرى رمضان مناسبة دينية، لكن الغلاء والبطالة يقضيان على فرحته".
أما المعلم طاهر الحبيشي، الذي اضطر للعمل على دراجة نارية بعد انقطاع راتبه، فيقول بأسى: "حاولت ادخار بعض المال لشراء مستلزمات رمضان، لكن إيجار البيت المتراكم أجبرني على دفعه لمالك المنزل. كنت أأمل أن يتحرك العمل قبل رمضان لتوفير بعض الاحتياجات، لكن الركود الاقتصادي صدم الجميع". ومع ذلك، لم يفقد الحبيشي الأمل، قائلاً: "نظل نؤمن بأن الله سيعيد الخير يومًا ما".
إلى جانب أبناء محافظة إب، يعيش اليمنيون - عمومًا – رمضان هذا العام وسط ظروف معيشية هي الأسوأ منذ اندلاع الحرب، حيث تتلاشى روحانية الشهر الكريم تحت وطأة الفقر والجوع. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية وانعدام الحلول، يبقى السؤال: متى تعود البهجة إلى رمضان في إب، ويستعيد الناس حياتهم الطبيعية؟
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها