المهمشون في اليمن بين فكي كماشة.. الحوثي شمالا والانتقالي جنوبا
عدن بوست - سمير حسن - الجزيرة: السبت 19 مارس 2022 05:21 مساءً
أوجاع كثيرة تكالبت على النازحة اليمنية افتهان الوصابي بعدما تذكرت بحزن شديد زوجها الذي غيبه الموت بعد أشهر من تهجيرها من حي جبل الفرس، المليء بالأسى وقصص الألم والحرمان، في مديرية كريتر بمدينة عدن، جنوبي اليمن.
والوصابي، التي تجاوزت العقد الرابع من العمر، فرت من مدفعية الحوثي في مدينة تعز إلى مدينة عدن الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي، لتجد في انتظارها هناك جحيما آخر ليس أقل إيلامًا من الذي هربت منه من مدينتها التي ما زالت تطحن بيوتها رحى الحرب.
ومنذ وصولها إلى عدن استقر بها المقام مع عائلتها المكونة من 5 أفراد في سفح جبل يسمي "جبل الفرس" بكريتر، وكانت ضمن 200 أسرة من النازحين، معظمهم من فئة المهمشين تعرضوا لأعمال "عنف وإحراق مساكنهم وتهجير قسري من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات" حسب قولها للجزيرة نت.
قسوة الواقع
تقول بنبرات حزن للجزيرة نت "حياتنا تحولت إلى جحيم، جاء مسلحون من الحزام الأمني وقاموا بالاعتداء علينا وإشهار السلاح في وجوهنا وأخرجونا من الجبل"، وبصوت يعكس قسوة الواقع، تضيف "طردونا من منازلنا وصبوا عليها البترول وأضرموا فيها النيران".
وتبدو هذه النازحة بعد عامين من النزوح حائرة لا تدري ماذا تفعل لإطعام أطفالها، فبعد أن فقدت زوجها الذي توفي عنها بسبب مرض عضال وكان قبل ذلك يعولها بلقمة عيش تسد رمقها وأطفالها، تأتيهم يوما وتتلاشى أياما، أصبحت الآن معدمة تفتقد لأبسط الأشياء التي تبقي أسرتها على قيد الحياة.
وتتقاسم أسرة الوصابي حالياً العيش مع شقيقها في منزل صغير يفتقر إلى الماء والكهرباء بعد أن ظلت هي وأطفالها لأيام تفترش الأرض، وهي واحدة من بين عشرات الأسر التي كانت تسكن تلك المنطقة في بيوت مصنوعة من ألواح كرتونية وخشب وأخرى مبنية بالحجارة، وثَقت الجزيرة نت قصصهم وتحدثت مع عينة منهم.
وأحد هؤلاء، النازح سلمان صالح مسيب (36 عاما)، وهو واحد من فئات المهمشين الأشد فقراً، والذي أفاد بأنه يعيش حالياً ظروفا إنسانية صعبة للغاية في مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة مع زوجته وطفليه بعد أن أجبره المسلحون في تلك المنطقة على النزوح من عدن.
أساليب تنكيل
وقال مسيب للجزيرة نت إن "جنودا من الانتقالي اقتحموا الجبل سألوني من أين أنت، قلت لهم إني من مدينة زبيد بالحديدة، فقاموا بتهديدي وطلبوا مني الرحيل ومغادرة أرض الجنوب". وأضاف "ضاقت بنا الدنيا نحن فقراء لم نجد ما نأكل، ولكن لا أحد يهتم لأمرنا أو يساعدنا لأننا من فئة المهمشين".
وعلى غرار مسيب، يتذكر وضاح قائد بألم شديد ما تعرضوا له من تنكيل قبل التهجير، إذ أجبروه ضمن آخرين على حمل الطوب (الإسمنتي) والوقوف على رجل واحدة مدة طويلة، ويضيف للجزيرة نت "حدث ذلك تحت تهديد السلاح وكان معنا رجل مسن سقط الطوب على رأسه وغطت الدماء وجهه".
وكان تقرير حقوقي للمركز الأميركي للعدالة، رصد ووثق العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي، وقال التقرير "إن سكان جبل الفرس بكريتر، تعرضوا في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للعديد من الانتهاكات، تنوعت بين الاعتقال والمداهمة وتدمير وإحراق المنازل والتهجير القسري".
وحسب التقرير الصادر مطلع الشهر الماضي بعنوان "أصبحوا بلا مأوى" فقد وثق فريق المركز "12 حالة إحراق وتدمير وهدم كلي للمنازل، وتهجير 20 أسرة من منازلهم تحت تهديد السلاح، وهي أسر نازحة من محافظات عدة، تم تهجيرها للمرة الثانية أو الثالثة".
أسباب مناطقية
وبدأت هذه الوقائع في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين وقعت اشتباكات مسلحة بين فصيلين مسلحين تابعين للمجلس الانتقالي، يقود الأول قائد معسكر 20 سابقاً "إمام النوبي"، والثاني بقيادة "قائد الحزام الأمني"، تم على إثرها اقتحام الجبل وتهجير سكانه بذريعة التواطؤ مع قوات النوبي، والسماح لها بالتمركز في المنطقة الجبلية والتحصن بالمنازل.
وليست هذه الواقعة الأولى من نوعها، ففي أواخر العام الماضي تعرضت أكثر من 130 أسرة نازحة من المهمشين من أبناء محافظتي تعز والحديدة للتهجير من تجمعاتهم السكنية، بعد إحراق منازلهم من قبل قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع جنوب اليمن.
وقال رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين في اليمن نعمان الحذيفي إن ما تعرضت له العديد من الأسر المهمشة من عمليات تهجير قسري في عدن والضالع لأسباب تبدو في ظاهرها مناطقية وليست أمنية "هي جزء من مآسٍ كثيرة ومعاناة طويلة طالت فئة المهمشين من جميع أطراف الصراع في اليمن".
وأضاف "رغم أن جميع فئات المجتمع اليمني عانت من هذه الحرب، فإن المعاناة الإنسانية تبدو أكثر مأساوية بالنسبة لأسر المهمشين الذين تضاعفت معاناتهم عشرات المرات عن غيرهم وتسببت بنزوح وتشريد العديد منهم هربا من حدة الصراعات في أغلب مناطق اليمن".
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها