قرار للحكومة اليمنية يشعل خلافا بين منشأتين في عدن
عدن بوست - ارم نيوز: الاثنين 08 نوفمبر 2021 04:06 مساءً
أثار قرار الحكومة اليمنية، بشأن تحديد حرم ميناء عدن ومساحته التطويرية، الصادر الشهر الماضي، خلافا بين منشأتين حكوميتين اقتصاديتين بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، بسبب تنازع صلاحيتيهما حول الأراضي التي حددها القرار.
وأصدرت الحكومة اليمنية قرارا يحمل الرقم (29) لعام 2021، بناء على مذكرة قدمها وزير النقل، بشأن تحديد حدود ميناء عدن، اعتبرت فيه كافة المساحات المائية والأرضية المحاذية للميناء، جزءا من مخططه التطويري المقر وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (433) لعام 2006، كما فعّلت اللجنة الوزارية المشكلة بموجب القرار رقم (1) لعام 2014 لمتابعة تنفيذ القرار، ومتابعة الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء التراخيص الممنوحة من إدارة المنطقة الحرة – عدن، للشركات الاستثمارية لإقامة مشاريع على المساحات المائية والأراضي المحاذية لميناء عدن.
واستنكرت هيئة المنطقة الحرة في بيان سابق لها هذا القرار، واعتبرته مخالفا للقانون، في حين ردت مؤسسة موانئ خليج عدن، ببيان آخر يؤكد أحقيتها في إدارة المناطق التابعة لها، بموجب قرارات مجلس الوزراء والمخطط العام لميناء عدن وميناء الحاويات وقانون الموانئ رقـم (23) لعام 2013م.
منعطف تاريخي
واعتبر رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن ومديرها التنفيذي، الدكتور محمد علوي أمزربه، أن القرار الحكومي الأخير، يعدّ منعطفا تاريخيا مهما لميناء عدن، على الرغم من تأخر صدوره نتيجة الكثير من الظروف الموضوعية التي مرت بها البلاد، لأنه يحدد حدود الميناء وأراضي الظهير له، باعتبارها رديفا استراتيجيا مهما لإنشاء مناطق لوجستية لزيادة نمو نشاطه، وبالتالي زيادة النشاط الاقتصادي في البلد، وتمكّنه من تحويل عدن إلى مركز ريادي للأعمال والتجارة، من خلال إنشاء وبناء مخازن ومصانع للصناعات الصغير والمتوسطة، تخدم الأسواق المحلية.
وقال أمزربه، في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن ميناء عدن بقي طوال الفترة الماضية دون ظهير، يمكّنه من الدخول في شراكات مع شركات عالمية، رغم تميزه بموقعه القريب من خطوط الملاحة الدولية، في حين أن موانئ الدول المجاورة طورت من نشاطها حتى أصبح البعض منها رائدا ومحوريا على صعيد التجارة والشحن على مستوى العالم.
وتابع: ”قبل 3 سنوات، جاء برنامج الغذاء العالمي إلينا، يريد إنشاء 5 أو 6 مستودعات، لتكون عدن منطقة محورية للإغاثة في الإقليم، للقرن الأفريقي واليمن، وتم تداول هذا الأمر من رئاسة الحكومة إلى الوزراء وصولاً إلى المحافظين وإلى ميناء عدن والمنطقة الحرة، ولم نستطع توفير مساحة ملائمة لهذه المستودعات البالغ عددها خمسة أو ستة فقط، فما بالكم بإقامة مشاريع مهمة كمصانع ومخازن وغيرها، ولذلك ألغي هذا المشروع بسبب عدم توفر مساحة مناسبة له“.
قانونية القرار
وفيما يتعلق بالأطر القانونية التي استند إليها القرار الحكومي الأخير، يؤكد رئيس موانئ خليج عدن، أن ميناء عدن ظُلم في كثير من التشريعات القانونية خلال الفترات الماضية، إذ صودرت أراضيه المخصصة ومساحاته المحددة منذ الاحتلال البريطاني، ”فبعد فترة الوحدة اليمنية، صدرت قرارات جديدة خالفت ما سبقها، ولم يعد للميناء أي حدود تحدد معالمه ومساحاته المائية واليابسة المطلوبة لأي مشاريع توسعة أو المشاريع المرتبطة بنشاط الميناء“.
وأشار إلى أن ”القرار رقم 65 لعام 1993، أخذ الكثير من أصول ميناء عدن دون مراعاة للمنشآت القائمة، وحدد أربعة أو خمسة قطاعات في المنطقة الحرة كقطاعات مخصصة للميناء، ومع الأسف تم التصرف بهذه القطاعات في غير وظائفها الأساسية، إذ تم بناء الكثير من المشاريع العقارية مثلا في قطاع A وقطاع M، بل إن تصريحات بناء مشاريع عقارية صدرت للبناء في المسطحات المائية، ومثل هذه المشاريع لا يستفيد منها الميناء“.
كما أكد أن المنطقة الحرة في عدن لم تراعِ النص الواضح في المادة الثالثة من هذا القرار، وتصرفت في عدة قطاعات دون أي مراعاة للمنشآت والمشاريع القائمة، رغم وضوح القرار في تحديد قطاعات خاصة باعتبارها مرتبطة بنشاط الميناء، خاصة ميناء الحاويات أو محطة الحاويات في ميناء عدن، ”ونتيجة لغياب الرؤية لدى السلطات السابقة صدرت تصاريح لا تخدم الميناء ولا مشاريعه التوسعية ولا أنشطته“.
وأضاف أن هذا الحال استمر ودفع قيادات المؤسسة ووزارة النقل لخوض مسار طويل من النضال في سبيل تعديل هذه القرارات حتى صدور فتوى قانونية من وزارة الشؤون القانونية، للفصل بين مؤسسة موانئ خليج عدن والهيئة العامة للمناطق الحرة بعدن، ليسفر ذلك عن صدور قانون الموانئ، الذي ذكر في نصه أن كل المساحات والشواطئ الملاصقة للميناء، تعتبر جزءا من أملاك الميناء، وهذا ليس خاصا بميناء عدن، بل يشمل كل الموانئ اليمنية.
وقال أمزربه إن مؤسسة موانئ خليج عدن لم تسلب الأراضي من المنطقة الحرة، وإنه لا يوجد أي عداء، ”فنحن منشآت اقتصادية يجب أن يكون بيننا تعاون وتنسيق بما يخدم عدن والبلد بشكل عام، والمنطقة الحرة هيئة مستقلة مهمة، ومن خلال التنسيق المستقبلي سيكون هناك تعاون للاستفادة من الخبرات والامتيازات“.
تهديد للمنطقة الحرة
من جهته، يقول المتحدث باسم المنطقة الحرة في عدن، مدير عام إدارة المشاريع، الدكتور صالح المدحجي، إن القرار الحكومي الأخير يهدد بإلغاء المنطقة الحرة ودورها، ويتعارض مع أهداف بنائها ويضر بالمستقبل الاقتصادي للمدينة، المتمثل في تحويل عدن إلى منطقة حرة كاملة، وهي التي تملك كافة مقومات النجاح.
وقال في حديثه لـ“إرم نيوز“، إن حيثيات القرار تشير إلى ”إلغاء كافة التراخيص الممنوحة من قبل المنطقة الحرة للمشاريع الاستثمارية الواقعة ضمن المساحات المحددة بالقرار، حيث إن هناك العديد من المشاريع الاستثمارية القائمة، التخزينية منها والصناعية، التي تمارس نشاطها تحت مظلة المنطقة الحرة في عدن، وبالتالي فإن أي إجراء أو سحب للأراضي المقامة عليها تلك المشاريع أو إلغاء لها، يعني بالضرورة إغلاق تلك المشاريع، وبالتالي إصابة الاقتصاد بضرر بالغ نتيجة مثل هذه الإجراءات، وتلك المطالبات التي ستظهر لدفع التعويضات لأصحاب تلك المشاريع من خلال رفع القضايا والدعاوى في المحاكم المحلية والدولية“.
ولفت إلى ما ستخلفه هذه الإجراءات ”من بطالة في بلد يعاني تدهورا اقتصاديا، وتنفير لرؤوس المال الاقتصادي، إلى جانب فقدان مصداقية الحكومة في تذليل الصعاب وخلق بيئة استثمارية ملائمة للمستثمرين وتعزيز مبدأ الترغيب وليس الترهيب والتخويف وبالتالي عزوف العديد من رؤوس الأموال عن الاستثمار في عدن“.
وأكد المدحجي أن المنطقة الحرة في عدن خاطبت دولة رئيس الوزراء حول الآثار الاقتصادية للمنطقة الحرة والاقتصاد المحلي، ولتأكيد تعاملها بإيجابية تامة حول موضوع توسعة الميناء، ”وقامت بعمل محاضر مشتركة مع مؤسسة موانئ خليج عدن وبإشراف مباشر من قبل السلطة المحلية حول وضع الالية الفنية للأعمال التوسعية وكذا وضع المعالجات القانونية في تدعيم المشغل الحالي لميناء الحاويات المتمثل بشركة عدن لتطوير الموانئ في العام 2014م، وتم العمل بروح الفريق الواحد بين هيئة المنطقة ومؤسسة موانئ خليج عدن مؤمنين ايمانا يقينيا بأهمية الدور الذي يقوم به هذا الصرح في تعزيز الاقتصاد كونه يعد الشريان المهم للجمهورية والمنفذ الحيوي لكافة البضائع والسلع المختلفة“.
اللجوء للقضاء
وعلم ”إرم نيوز“، من مصادر مطلعة، أن مجموعة من المستثمرين والشركات التجارية الحاصلين على تراخيص من المنطقة الحرة، يعتزمون اللجوء إلى القضاء، من خلال رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية بعدن، ضد رئيس الحكومة اليمنية، ووقف أثر القرار رقم 29 لعام 2021 إلى حين الفصل النهائي بالدعوى.
ويرى خبير الملاحة، القبطان عبدالمعطي حسن، في حديثه لـ“إرم نيوز“، أن قرار تحديد حرم ميناء عدن يجب أن يكون بداية لإعادة النظر في القوانين التي صدرت في حالة الفوضى، كالقرارات التي سبقت وتلت حرب صيف 1994، بحيث لا تكون هناك ازدواجية في السلطة والقرار والصلاحيات.
وقال إن هذا القرار الأخير يؤكد القرارات السابقة في أحقية ميناء عدن وصلاحياته الهادفة إلى توسيع أنشطته أسوة ببقية موانئ العالم، بعيدا عن أي نزاعات.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها