حُليس.. في الذكرى الخامسة لمصرع الابتسامة..’’بروفايل‘‘
حُليس.. في الذكرى الخامسة لمصرع الابتسامة.. عن كاتم الصوت الذي يسرق أرواح الأبرياء في ظل محاكم التفتيش بعدن ’’بروفايل‘‘
في مدينة كريتر ’’المدينة القديمة‘‘ لعدن كانت البداية بالنسبة للطفل ’’صالح‘‘ حين رأي النور في 27 أكتوبر من العام 1962م لتبدأ حياته المفعمة بالسفر بين محطاته العمرية مُتنقلًا بين الصفوف الدراسية مثابرًا بقدر الحلم الذي كان يحمله منذ صباه.
ما إن تنقل بين المستويات الدراسية الابتدائية والثانوية فأمسك القدر بيده ليجد نفسه أحد طلاب كلية ناصر للعلوم الزراعية؛ حيث الاخضرار وعبق الفل وزهو الأركيد؛ وهو ما شكل ذائقة الشاب كان هذا في ثمانينيات القرن الماضي؛ حيث كان مثابرًا في تخصصه بقسم ’’البساتين‘‘ ومعه عُجن ذائقته بالزعفران.
سارع الشاب ’’صالح‘‘ الخُطى للمساجد حيث كان أحد تلاميذ الشيخ عمر باكثير والشيخ محمد عبد الرب جابر وأخرين ممن كان يستدير حولهم لدراسة كتب البخاري ومسلم؛ إلى جانب هذا كان هو الأخر واعظا وإمامًا للمسجد في كريتر؛ كانت عيون الناس ترمقه بإعجاب؛ ترمي عليه السلام كيف لا وهو الشاب الزاهد والنبيل.
ما إن تخرج مهندسًا زراعيًا عمل الرجل بمحافظة شبوة والتي شغل فيها أيضًا خطيبًا وإماما فيما كان يتردد على مدينة المكلا بحضرموت حيث كان منازل صديقه ’’ محسن باصرة‘‘ بحي السلام بالمدينة قبلته ،
إلا أن العام 1990م إبان قيام الوحدة اليمنية والتي كانت نقطة فارقة في حياته ومعها عاد إلى عدن ليكمل معها دراسته ليلتحق بسلك التربية والتعليم.
ما إن فتحت التعددية السياسية في اليمن وتحديدًا في عام ’’90‘‘ شرع ’’حُليس‘‘ في تأسيس حزب الإصلاح في عدن بمعية زملاء له حينها وتولى فيه دفة القيادة بين الفترة (1994 -1990)كرئيس أول مكتب تنفيذي بعدن فيما تنقل بعدها بين دوائر التنظيم والتأهيل والإرشاد وإدارة قطاع الطلاب والقضاء في الإصلاح إلى جانب عضويته في مجلس شورى الحزب .
كان حليس مرشح التجمع اليمني للإصلاح في العام 1997م تلك الانتخابات التي خاض غمارها أمام مرشح المؤتمر الشعبي العام ’’محمد مرشد ناجي‘‘ وقتئذ والتي حسمها الأخير لصالحه وبروح أبناء عدن تقبل الرجل الخسارة لإيمانه بالتنافس الشريف؛ وشغل الرجل وقته مدربًا في بناء القدرات والتنمية البشرية.
للرجل الكثير من الإسهامات المجتمعية ورفع كفاءة الشباب، فيما الجانب الإنساني أولاه الكثير من وقته إلى عمله السياسي والتربوي؛ كان الرجل سياسيًا مؤمنًا بحق الاختلاف حاله كعدن التي آمنت بأبنائها اليهود والهندوس والفرس والمسيحيين والمسلمين على حدٍ سوء قبل أن يذبح التعايش والنسيج الاجتماعي بسكاكين الفرقة الإجتماعية.
حاز الرجل على درجة الماجستير في التسامح والوسطية كما حاز على احترام الناس سياسيين كانوا أو عاديين؛ حيث كان الرجل خطيب مسجد الرضا بمديرية المنصورة؛ومايزال الناس يتذكرون خطبته وهو يصور الموت برحلة إلى بلاد الأفراح.
عاش الرجل أفراح المدينة وأتراحها في الحرب (2015) كما هو الحال في السلم كان للرجل موقفًا مشرفًا في دعوة الناس لمواجهة مليشيات الحوثي بعدن إبان اجتياحها.
لم يكن الرجل وهو صاحب الـ’’54‘‘ عامًا يعلم أن محاكم التفتيش في عدن تترصد له للإيقاع به حاله كحال طابور طويل من أبناء المدينة الذي سرق كاتم الصوت أرواحهم ضمن موجة تحريض مارسها النظام الجديد في عدن والذي يستمد قوته من الخارج؛ كان أغسطس منتصفه (2016) أخر ايام الرجل الذي استطاع مجهولون تصفيته رميًا بالرصاص لتبك المدينة معها بمرارة كما لو كانت خنساء أخرى.
استطاع زوار الليل و أجناد الردى تغييب الكثير من أبناء المدينة التي توشحت بالسواد كبغداد العباسية ولبث الناس تعدد القتلى يوماً بعد يوم بلا حيلة فطال القتل والتصفيات خطباء وأئمة المساجد ورجال المقاومةوعسكريين وقضاة وطابور طويل من أبناء المدينة التي أمنت بالتعايش الديني والسياسيي والثقافي والفكري لسنوات خلت.
وحده القاتل مازال طليقًا فيما العدالة ضلت طريقها ومذ ذلك الحين مازالت المدينة تستحضر المأساة سنويًا وأضحت ذكرى التصفيات التي تقوم بها محاكم التفتيش تنكىء ذوي من تصيدهم كاتم الصوت حال أبناء ’’حُليس‘‘؛ وفي ذكرى مقتله الخامسة تمر الذكرى على البراء ؛ أسماء؛ إبراهيم كحال الأطفال محمود وجلنار إبان ماسأة خوارزم.
وعلى تخوم المأساة؛ فقد تعرضت التعددية السياسية إلى انتكاسة حقيقية بسبب نزوة النظام الطارئ والذي يستقوي بالسلاح فيما ذهب كوادر الإصلاح الذين قاتلوا إلى جانب ابناء عدن إلى المقابر وحصدتهم عيون العسس وكاتم الصوت والسيارات المفخخة فتعرضوا للقتل والاختطاف والإخفاء والتنكيل والترهيب فيما فجرت المقرات وأحرقت ودُهمت الكثير من بيوت قيادات الإصلاح بعدن بل أن البعض منهم لا يعلم بمصيره أحد والذين مُلئت بهم السجون السرية المبثوثة على مديريات محافظات عدن.
وبحسب إحصائية رسمية للإصلاح فإن ’’14‘‘ عملية اغتيال طالت كوادره منذ 2015م و’’4‘‘ حالات اعتقال وإخفاء قسري و’’6‘‘ حالة مداهمات واقتحامات لمقراته من قبل مليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيًا؛ وإزاء ذلك كشفت منسقية مناصرة ضحايا الاغتيالات بعدن ووثقت في مارس من العام 2020 مقتل ’’200‘‘ شخص ضمن عملية الاغتيالات شهدتها عدن قُيدت جميعها ضد مجهول.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها