المبادرة السعودية لوقف الحرب والرفض الحوثي.. المقدمات والنتائج
أعلنت المملكة العربية السعودية مساء الاثنين وقف إطلاق النار من جانب التحالف العربي الذي تقوده لدعم الشرعية في اليمن.
وقال مسؤولون سعوديون إن هذه الخطوة تأتي تجاوباً من المملكة مع جهود المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن "تيموثي ليندركينغ" ومبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث، وعلى الفور سارعت جماعة الحوثي لإعلان الرفض القاطع لهذه المبادرة، واعتبرتها خالية من أي شيء جديد، لكن المتحدث باسم الجماعة قال إنهم سيواصلون الحديث مع السعودية.
وتضمن الإعلان السعودي الوقف الشامل لإطلاق النار وفتح مطار صنعاء أمام الحالات الإنسانية ودعم الأطراف اليمنية للحوار والوصول لحل سياسي شامل، تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة، وبذلك جاء الإعلان السعودي منسجما مع رؤية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحل المأمول في اليمن.
ومع ما حظيت به المبادرة السعودية من إشادة وترحيب، فقد جاء الإعلان الحوثي صادماً وناسفاً لجهود المجتمع الدولي، وفي مقدمتها جهود الإدارة الأمريكية الجديدة والمبعوث الأممي إلى اليمن، بيد أن الرفض الحوثي كان متوقعاً لدى أغلب اليمنيين والخليجيين، فهو استطاع تقديم نفسه للداخل والخارج كأداة حرب لا تعمل إلا في جبهات القتال والصراعات المسلحة.
آلية تقديم السعودية لمبادرتها الجديدة تثبت جديتها، حيث إنها قبل ساعات قليلة من الإعلان كانت قد أبلغت الأمم المتحدة بمضمون الإعلان، واكدت أن مبادرتها تأتي تجاوبا مع جهود المبعوثين الأممي والأمريكي إلى اليمن، فضلاً عن كون المبادرة السعودية شددت على سير العملية السياسية اللاحقة لوقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة، وبذلك اكتسب الإعلان قبولا داخلياً وخارجياً، كان يمكن الاستفادة منه لو تم التعاطي معه بشكل إيجابي من قبل المليشيات الحوثية.
استندت السعودية إلى أمرين رئيسيين، الأول معاناة الشعب اليمني جراء الحرب والضغوط الدولية المستمرة من أجل وقف الحرب وإيقاف التدهور المريع للأوضاع الإنسانية في اليمن، بينما لم يستند الحوثيون في رفض المبادرة لأمر ظاهر، باستثناء كونهم يرغبون في الحصول على امتيازات خاصة باعتبارهم سلطة أمر واقع في أغلب المحافظات اليمنية شمال البلاد بما فيها العاصمة صنعاء، وبالتالي فهم لا يكتفون بكونهم أحد الأطراف اليمنية، بل إنهم يحتكرون تمثيل اليمن أمام الخارج، معتبرين بقية الأطراف اليمنية عملاء ومرتزقة لا يحق لهم الحديث عن اليمن ولا الحوار حول حاضره ومستقبله.
وان كانت السعودية قد التزمت بما تمليه عليها معاناة الداخل وضغوط الخارج فمن شأن ذلك أن يشكل لها دعما رئيسياً في المستقبل حال إصرار الحوثيين على رفض جهود وقف الحرب، وفي حين كان يمكن إعادة النظر في تقييم الحوثيين، بمعزل عن الدعم والتوجيه الإيراني لو أنهم أعطوا للمبادرة حقها من التفكير والتشاور فيما بينهم، فإن رفضهم السريع أثبت لكثير من المراقبين أن جماعة الحوثي أداة إيرانية لا تملك العقل ولا الإرادة. إذ أن إيران تبدو المستفيد الأكبر من استمرار الحرب، بصفتها الداعم الوحيد للحوثيين كما أنها هي من تتولى توجيه الأوامر والتعليمات لهم، وهي أول من يحصد ثمار التصعيد الحوثي، من خلال ما تكسبه من أوراق يمكن استخدامها والضغط من خلالها على الإقليم والعالم.
راهنت إدارة بايدن على إقناع الحوثيين وإيران بوقف الحرب فعملت منذ الأيام الأولى لتولي بايدن رئاسة الولايات المتحدة على تقديم سلسلة من التسهيلات لطهران واتباعها الحوثيين، لكن مبعوثها اصطدم بردة فعل رافضة، وبعد لقاءات عدة جمعت مسؤولين أمريكيين مع قيادات حوثية تبين أن الحوثيين يطالبون الإدارة الأمريكية بالمزيد من الامتيازات. ومع إعلان الرياض هذه المبادرة فإنها تثبت لواشنطن وغيرها أنها ترغب في تحقيق ما يصبو إليه بايدن وإدارته، وأن إيران والحوثيين، على النقيض من ذلك، هم الأكثر حرصا على استمرار الحرب، فضلا عن كونهم من أشعلها بالانقلاب المشؤوم أواخر العام 2014.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها