شكلت 6 حكومات منذ الوحدة اليمنية.. حضرموت تتمسك بحقها في رئاسة الحكومة مستندة إلى رصيدها الوطني وتاريخ من القيادات الوازنة
تصاعدت حالات الغضب المجتمعي والسياسي في محافظة حضرموت، على إثر التهميش الذي تواجهه المحافظة، لا سيما في المشاورات الجارية في العاصمة السعودية الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي التابع لدولة الامارات.
وتتركز المشاورات حول تنفيذ اتفاق الرياض بشقيه العسكري والسياسي، غير أن الأخير هو ما تم التركيز عليه الآن بتأجيل الشق العسكري والأمني، بضغوط المجلس الانتقالي ومن وراءه الممول، الذي يصر على تشكيل الحكومة الجديدة بداية ثم الرجوع إلى الشق العسكري، فيما يشبه وضع العربة قبل الحصان.
وحيث أن تشكيل الحكومة يمثل الجانب الأبرز في الشق السياسي، فقد دفعت أبو ظبي، إلى إعادة معين عبدالملك ليرأس الحكومة المزمع الإعلان عن تشكيلها مناصفة، 50% للمكونات الشمالية، و50% للمكونات الجنوبية يذهب نصيب الأسد منها إلى المجلس الانتقالي الذي يحمل بندقية أبو ظبي في وجه الشرعية اليمنية.
ويواجه معين وداعميه تركيز السلطات في تعز التي ستصبح في حال مر هذا الضغط ممسكة بزمام السلطة التنفيذية من خلال معين عبدالملك، والسلطة التشريعية من خلال رئيس مجلس النواب سلطان البركاني ورئيس مجلس الشورى عبدالرحمن عثمان، على الرغم من مخرجات الحوار الوطني التي نصت على شراكة كل الأقاليم في السلطة والثروة، ورغبة أغلب القوى السياسية في أن لا تتركز السلطات في إقليم أو إقليمين.
كلما سبق، أثار سخط واسع في المجتمع الحضرمي، صاحب أكبر الأقاليم اليمنية من حيث المساحة والأرض الغنية بالثروات، رغم إن أبناء المحافظة المترامية الأطراف لا يرون منصب رئاسة الحكومة لديهم إلا بمثابة باندول مهدي مقابل ما تجود به محافظتهم!
تواريخ حضرمية
يستند الحضارم إلى تاريخ كثيف في رئاسة عدة حكومات، يعترونه تاريخاً مشرفاً، حيث قدموا "رجال دولة" بعضهم قاد الحكومة في ظروف صعبة ومراحل فارقة، حيث يتذكرون ترأس المهندس حيدر أبو بكر العطاس القيادي في الحزب الاشتراكي اليمني، لأول حكومة بعد الوحدة في العام 1990، وفرج سعيد بن غانم الذي تولى حكومة من 17 مايو 1997 حتى 29 أبريل 1998 حين قدم استقالته على إثر العراقيل التي وضعها أمامه نظام الرئيس السابق "صالح" وهو الذي عرف بالنزاهة والشفافية المطلقة الأمر الذي لم يرق لصالح وحاشيته، حيث لم يكن بن غانم من حزب المؤتمر وإنما شخصية مستقلة، جاء به صالح لتحسين صورة سلطته المتسخة بالفساد.
وفي مايو 2003 ترأس الحضرمي عبدالقادر باجمال سابع حكومة للجمهورية اليمنية، وظل على رأسها حتى العام 2007، كما أنه من قيادات حزب صالح وصاحب المقولة الشهيرة "الفساد ملح التنمية".
وعلى إثر المبادرة الخليجية التي جاءت نتيجة الثورة الشبابية الشعبية السلمية في 2011، تشكلت حكومة وفاق وطني بداية العام 2012، وكان على رأسها الشخصية الحضرمية البارزة محمد سالم باسندوة، صاحب التاريخ النضالي والوطني، والسجل الناصع في النزاهة في كل المناصب الحكومية التي تولاها، والذي اصطدم بقوى الثورة المضادة "الحوثي صالح" وعبر عن ذلك دموعاً، وكان صادقاً في تنبؤه حين أطاح بالبلاد الانقلاب الحوثي في 21 ديسمبر 2014 والذي كان صالح أحد أدواته.
وعقب الانقلاب جاء الحضرمي خالد بحاح على رأس حكومة أُسميت "حكومة الشراكة" تحت سلاح الحوثيين، لتتسارع الاحداث ويسير الحوثي جيوشه القادمة من الكهوف باتجاه المحافظات الجنوبية، ويفر الرئيس هادي، ورئيس الحكومة بحاح، الذي أعيد تعيينه في أبريل 2015 نائباً للرئيس ورئيساً للحكومة من العاصمة السعودية الرياض، واستمر حتى اقالته في أبريل من العام التالي، وقد عرف عنه أنه رجل الامارات في اليمن، وشغل في عهد صالح وزيراً للنفط، وكان عضواً في حزبه "المؤتمر".
بعد إقالة بحاح مباشرة جاء القيادي المؤتمري أحمد عبيد بن دغر، على رأس حكومة الشرعية واستمر حتى إقالته في أكتوبر 2018، وعرف عنه بمواقفه الحاسمة لا سيما فيما يتصل بالسيادة وعدم التفريط بالقرار الوطني، رغم الفساد الذي طبع حكومته.
أحقية مطلقة
يرى الحضارم في تلك الشخصيات رجال دولة، وتاريخاً يؤكد أحقية حضرموت في قيادة الحكومة، وتعيين شخصية حضرمية لتقود حكومة ما بعد اتفاق الرياض، أو حتى المؤسسة التشريعية ممثلة بمجلس النواب، رافضين تهميش المحافظة الأكبر والإقليم المترامي الأطراف الغني بثرواته وسواحله، ويرون أن على الأحزاب والقوى السياسية اليمنية أن تكون واضحة في رفض عودة معين على رأس الحكومة فيما لا يزال سلطان البركاني على رأس مجلس النواب، ويعولون كثيراً على الرئيس عبدربه منصور هادي في وقف العبث بمفاهيم المواطنة المتساوية في اليمن الجديد.
لقد عبرت مكونات حضرموت وشخصيات بارزة في المحافظة عن موقفها الرافض لهذا التهميش من خلال اجتماعات وبيانات خلال الأيام القليلة الماضية، وتوجت ذلك قيادات في السلطة المحلية بتعليق أعمالها احتجاجاً على ما يصفونها بالممارسات المخلة، محذرين من تغييب حضرموت بهذا الشكل الذي قد يولد انفجاراً ويشغل الشرعية عن انجاز معركتها في استعادة الدولة، والشروع في بناء الدولة الاتحادية.
ويبدو أن ابناء حضرموت باتوا اليوم أكثر وعيا من ذي قبل بحقوقهم ولن يفرطوا فيها، وأنهم قادرون على انتزاع ما يليق بإقليمهم والايام القادمة حبلى بالمفاجئات والتصعيد الكبير.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها