طفل في العاشرة يعول أسرة كاملة.. عناء الحصول على قرص الروتي
في أحد المنتزهات بعدن، اقترب مني طفلٌ يظهرُ على ملامحه التعب الشديد وفي عينيه لمعةَ حزن لا أعلم سر وجودها.
قال لي: اشتري منِّي يا خالة ويسرات لدبة الغاز "ربلات". قلت له شكرا دون اكتراث أو حتى التفات.. لمحته يطأطئ رأسه بانكسار وقد أصيب بخيبة أمل، وذهب ليجلس بجانب الشجرة في تعبٍ ووهن من شدة الحر والإرهاق.. كنت ألاحظ حركة جسده، أشفقت عليه، وشعرت بالأسف، فمشيت إليه وجلست بجانبه، وسألته:
• ما اسمك؟!
- أحمد قمرين.
• تدرس؟!
- نعم، في الصف الخامس.
• كيف تستطيع التوفيق بين الدراسة والعمل؟!
- الآن إجازة ولكن في أوقات الدراسة أبدأ عملي من بعد المغرب.
استفسرته عن كيفية توفر متطلبات المدرسة؟! فقال: طوال مدة الإجازة أشتري أشياءَ بسيطة وأجمعها لوقت الدراسة.
مشهد مألوف للجميع، لكن الحوار هنا بدا لي مختلفا. استرسلت معه بالحديث، وعند الحديث عن أهله كست وجهه غمامة من الحزن، ليتحدث بصعوبة: لديَّ أبوين عاجزين.. والدي مصاب برجله لا يستطيع الحركة، وأمي أُجريت لها عملية قبل وقت قصير ولا تستطيع القيام بأعمال البيت، ونحن تسعة أطفال، أنا أكبرهم، أعمل وعندما أعود إلى المنزل أحضر لهم بعض الطعام "فاصوليا وروتي".
طفل في الصف الخامس ابتدائي، أي في نحو العاشرة من عمره، يعول أسرة مكونة من تسعة أطفال وأبوين عاجزين مريضين.. لا أستطيع وصف الموقف، فقد كانت دموعي تنهمر بدون شعور من شدة ألمي وذهولي أن هنالك أناسا يعيشون بهذه الظروف الصعبة، ويعانون كل هذه القسوة من أجل قرص الروتي..!
أحمد مثل آلاف الأطفال اليمنيين الذين رمت بهم نيرانُ الحرب إلى أبواب الفقر والمجاعات.. لا يختلف عن أولئك الصبية الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء في المناطق المنكوبة، فاليمن بأسرها أصبحت بلداً منكوباً..
دواء أحمد ورفقته الوحيد في هذه الظروف والأحوال هو أن نمد لهم يد العون كيفما استطعنا.. أما الجهات المعنية فإن لها آذان لا تسمع، وعيون لا ترى..!!
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها