منبر الحرية يختتم جامعته الصيفية بالعاصمة اللبنانية بمشاركة نخبة من الأكاديميين والناشطين من مختلف الدول العربية
أقام منبر الحرية في الفترة من الرابع حتى التاسع من يوليو الجاري جامعته الصيفية في العاصمة اللبنانية بيروت، و شارك فيها عدد من الأكاديميين و الخبراء و الإعلاميين من دول عربية مختلفة،
و قد استهلت الجامعة الصيفية أولى جلساتها بورقة عمل قدمها الدكتور: أحمد مفيد- أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة فاس بالمغرب، و كانت ورقته عن "الثورات العربية و إشكالية الانتقال الديمقراطي"، و تحدث فيها عن أربعة محاور تشمل: علاقة الثورة بالديمقراطية و حصيلة الحراك العربي منذ بدايته حتى اليوم، و المعوقات التي تحول دون تحقيق الانتقال الديمقراطي، و مجموعة من مقومات تحقيق الديمقراطية.
و أشار إلى أن انتشار الديمقراطية في العالم بشكل عام مر عبر خمس مراحل، و هي: المرحلة الأولى و كانت عقب الثورتين الأمريكية و الفرنسية، و المرحلة الثانية التي جاءت عشية الحرب العالمية الثانية، و المرحلة الثالثة فكانت بداية السبعينيات في أوروبا الجنوبية كالبرتغال و إسبانيا و اليونان، أما المرحلة الرابعة فجاءت بعد ذلك في أوروبا الشرقية كصربيا و جورجيا و عدد من دول المنطقة التي شهدت ما عرف بـ"الثورات الملونة"، و المرحلة الأخيرة لانتشار الديمقراطية هي التي نعيشها اليوم في الوطن العربي فيما بات يعرف بـ"الربيع العربي".
و في ورقته اشار الدكتور مفيد إلى أن الثورة لا تعني بالضرورة الانتقال للديمقراطية ما لم تكن هناك مقومات للديمقراطية.
و في محاضرة لها عن "الثابت و المتغير في حركات الاحتجاج في فترة الانتقال نحو بناء الديمقراطية" قالت الدكتورة/ آمال قرامي- أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب بتونس إن الاحتجاجات انبثقت في الربيع العربي لكنها استمرت و لم تتوقف، و أصبحت ثابتا جديدا، مشيرة إلى أن الاحتجاج يأتي ردة فعل و شكل من أشكال المقاومة، و تعبير عن الاستياء من عدم تحقق بعض المطالب.
و قالت قرامي إن الاحتجاجات بدأت تتغير نحو العنف و إن كانت بدأت سلمية، و أخذت تستخدم أشكالا جديدة كالحرق و تكميم الأفواه و ارتداء الأكفان كما يفعل الشباب العاطلون عن العمل.
و أضافت: و كما يعرف الاحتجاج أنه سلوك اجتماعي يطغى عليه طابع انفعالي و ينتشر بالعدوى، كما يحصل الآن في مناطق جنوب تونس،
و ردا على سؤال: من يقوم بالاحتجاج تجيب الدكتورة أن المحتجين جمهور متفاعل يضم في البداية ناشطين لكنه يتوسع ليشمل جميع فئات المجتمع،و الملاحظ أنها كسرت الحواجز و ألغت الاعتبارات و الفوارق بين الرجل و المرأة و اشتركت فيها جميع الفئات.
و الاحتجاج يشير إلى قدرة المواطن العادي التعبير عن احتجاجه، و إذا كنا في الماضي نشاهد احتجاجات ضد الدولة القمعية فإننا نشاهد الاحتجاجات الآن ضد سلطات افرزها الصندوق،
و قالت أستاذة التعليم العالي أنه يلاحظ على الاحتجاجات أنها تأتي بشكل عفوي، كما نلاحظ أن وسائل الإعلام أصبحت من المحتجين، و كذلك يلاحظ وجود وعي لدى المواطن.
و اشارت قرامي إلى متغيرات جديدة تتمثل في كون الاحتجاجات صارت ظاهرة متواصلة و لم تعد مناسباتية و ليست مرتبطة بالنخب إلا في حالات نادرة، و من المتغيرات في الاحتجاجات نشاهد تغيرا في منظومة القيم و الابتعاد عن الإيديولوجيا،
أما البروفيسور الكويتي شفيق الغبرا فتنبأ بلعب الشباب العربي دورا فاعلا في العشر سنوات القادمة". وبدا الغبرا و هو خبير في السياسات الدولية أثناء محاضرته عن مستقبل الحراك العربي متفائلاً بمستقبل الحراك الذي فضل تسميته بالثورات الربيعية حيث قال “في السنوات العشرة المقبلة سيمسك الشباب بزمام الأمور".
وحول العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أدت إلى الثورات، اعتبر الغبرا أن الشباب العربي"اكتشف زيف نمط حياته كما أن القمع والتراكمات الداخلية، والعوامل الخارجية ساهمت بدورها في انبثاق الحراك العربي”.
و في اليوم التالي استعرض الغبرا مسارات ومستقبل ثورات الحراك العربي، وتساءل في محاضرة عن أسباب الثورات وأسباب الحراك التاريخي العربي وعن طبيعة المكونات والتفاعلات الرئيسية والآفاق المستقبلية التي تؤثر على هذا الحراك التاريخي.
وحول صعود تيار الإسلام السياسي قال الغبرا " ساهم فيه الفراغ التي خلفته الأنظمة المستبدة بإيجابياته و سلبياته". وأضاف ذات المتحدث أن" الإسلام السياسي نجح في التأقلم مع الثورات و لايزال في مرحلة التأقلم المستمر.
ولم يفت الغبرا التأكيد على خصوصيات الثورات العربية الجديدة المتسمة باللاعنف، وأضاف"الشيء الايجابي ليس هناك تيار أحادي قادر على احتكار الثورة"" كما أن الإسلام السياسي لم يعد ينتج فقط متشددين يذهبون الى الجهاد في أفغانستان، ولكنه ينتج أيضا عبدالمنعم أبو الفتوح السياسي الإسلامي المنفتح".
وغير بعيد عن ذلك تناول الباحث الاقتصادي المصري بالتحليل مستقبل تحرير التجارة الخارجية في بلدان الربيع العربي حيث اعتبر أن ى عوائق التجارة الخارجية في بلدان الربيع العرب لا تزال هي نفسها رغم الشعارات المرفوعة كما ان تحرير التجارة الخارجية لا تزال تواجهه صعوبات كبيرة.
وفي نفس السياق الاقتصادي توقف أستاذ الاقتصاد المغربي نوح الهرموزي عند تقيم حصيلة سنتين من الثورة خاصة جانب السياسات الاقتصادية المنتهجة في بلدان ما بعد الثورة، موضحا كيف تتسم معظمها بالارتجالية في أحسن الأحوال ومهادنة الفئات الأكثر ضجيجا ؛ نفوذا أو تنظيما، والتي تبحث بطبيعتها عن استمرار بؤر الريع التي كانت تستفيد منها أو "تناضل" فئات جديدة من أجل الحصول على امتيازات لم تكن تستفيد منها في ظل النظام القديم محاولة قلب الموازن لصالحها، بعدما أقصيت سنين من هذه الامتيازات.
و كان منبر الحرية اختتم فعاليات جامعته الصيفية الأسبوع الماضي، و في الحفل الختامي الذي أقيم في قاعة فندق بيت عينا بحريصا في جبل لبنان ألقى الدكتور/ نوح الهرموزي رئيس مشروع منبر الحرية كلمة شكر فيها المشاركين على حضورهم و تفاعلهم و مساهماتهم في الجامعة التي قال إنها تعد من أنجح الجامعات التي يقيمها منبر الحرية منذ سنوات، و قال إن الجامعة الصيفية هذا العام تميزت بتفاعل المشاركين فيها كما حظيت بمشاركة فاعلة من نخبة من الأكاديميين من مختلف التخصصات،
و في كلمته تمنى الهرموزي أن يستمر التواصل بين أصدقاء منبر الحرية الذين خاطبهم بالقول: لولا التزامكم ما كان للجامعة أن تحقق هذا النجاح.
من جهته قال الأستاذ/ عزيز مشواط مسئول الإعلام والعلاقات العامة في منبر الحرية إن روح منبر الحرية ستكون دائما موجودة في كافة مشاريعه المستقبلية بكوكبة من تهدف لعالم عربي أكثر حرية، متمنيا أن تكون هذه اللحظة لحظة تأسيس للمستقبل، و قال سنكون سعداء باستقبال باحثين و مفكرين و إعلاميين يعملون لأجل الحرية.
و قالت الدكتورة إكرام عدنني مسئولة الأنشطة في منبر الحرية إن هذه الجامعة ستكون بداية لتواصل جاد بين المشاركين من مختلف الدول و في كافة المجالات.
و في ختام الفعالية قامت إدارة المشروع بتكريم المشاركين بالشهادات و الجوائز التقديرية.
يذكر أن مشروع منبر الحرية ينظم ما بين الخامس والعاشر من سبتمبر المقبل الشطر الثاني من هذه الدورة بالقرب من العاصمة المغربية الرباط. وتُعدّ جامعة منبر الحرية الصيفية مناسبة لتنظيم ندوات دراسية وحلقات نقاش للحديث حول أهم قضايا الساعة في المجتمعات العربية.