القاعدة .. الغائب الحاضر في الحوار الوطني في اليمن
وأخيرا بدأ مؤتمر الحوار الوطني في اليمن حيث ستناقش كل القضايا والمشاكل الاساسية التي تهدد وجوج اليمن واستقراره. ولكن في الواقع لا احد يعرف بالضبط ما هي طبيعة المشاكل التي ستناقش، "سننتظر وسنرى" هكذا يقولون. دعونا نتخلى عن الانتظار ولبدا باستعراض بعض المشاكل مثل ما إذا كانت مشكلة تنظيم القاعدة في اليمن على اجندة القضايا المطروحة؟
موضوع هامشي
يتضح عندها شيء واحد: القاعد ة والجماعات المنسوبة اليها ليست من بين المحاور التسعة التي سيتم نقاشها . هنالك مشكلة جنوب اليمن الذي يطالب البعض فيها بالانفصال ، ومشكلة الحوثيين في صعدة في شمال اليمن ، بنية الدولة، القيادة الرشيدة، حقوق الانسان، التنمية ، المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ثم القيادة الرشيدة واعادة هيكلة الجيش ولا وجود لمشكلة القاعدة.
يبدو هذا غريبا بالنسبة للعالم الخارجي. اسأل أي اجنبي عن مشكلة اليمن الاساسية سيقول لك تنظيم القاعدة وعملياته الارهابية. السبب الاساسي الذي يدفع الاجانب للإحجام عن زيارة اليمن أو الاستثمار فيه هو تنظيم القاعدة. ولكن القاعدة لا تشكل مشكلا للأجانب وحدهم بل للمواطنين اليمنيين ايضا وربما بشكل اكبر.
فاليمنيون هم الذين يقتلون في الهجمات الانتحارية التي تنفذها القاعدة. واليمنيون هم الذين يعانون حين يحجم الاجانب والسواح عن زيارة بلدهم وتتراجع وتنسحب الاستثمارات منها، وهم الذين يعانون حين لا يمنحون تأشيرات سفر للخارج باعتبارهم خطرين.
عديم الاهمية
مع ذلك وبعض النظر عن الاهمية التي يوليها الغرب والاعلام الغربي للقاعدة فإن الامور داخل اليمن تختلف. فكل المشاكل التي يعاني منها البلد تناقش يوميا وبإسهاب عدا مشكلة القاعدة. النقاش حول القاعدة ينتهي بسرعة دائما بالخلاصة القائلة : القاعدة لا وجود لها. القاعدة تم خلقها بواسطة على عبدالله صالح وهي لا تمثل صحيح الاسلام.
صحيح أن الامور هنا ليست ابيض أو اسود كما قد يتصور البعض في الغرب. فليس من الواضح من هم عضوية القاعدة وليس من الواضح ايضا مقدار إيمانهم بايدلوجيا القاعدة كما أنه ليس من الواضح إن كانت أيديولوجيتهم مرفوضة من المواطن اليمني العادي. تظل الحقيقة أن القاعدة موجودة بشكل ما وأن البلاد تعاني منها.
اسباب مفارقة
البعض يقول أن الامر أكثر مفارقة، يقولون أن موضوع القاعدة تم استبعاده ليكون موضوعا اساسيا قائما بذاته لغرض ما. أحد هؤلاء هو المعلق السياسي حسن الحيفي يذهب الى أن استبعاد الموضوع تكمن خلفه رغبة في الابقاء على المشكل. القائد العسكري علي محسن الاحمر والاصلاح هم القاعدة فهم وهابيون يتم تمويلهم من قبل السعودية والامر هنا سيان. القاعدة نشأت داخل تنظيمهم لذا لا يودون قتالها . يحتل حزب الاصلاح 50 مقعدا من جملة 565 المخصصة للحوار الوطني.
نفس الامر كما يقول الحيفي ينطبق على المؤتمر الشعبي العام ، الحزب الرئيسي الآخر المشارك في الحوار ولأسباب مختلفة.
طبقا للحيفي فإن الحزب الحاكم قد ظل يستخدم القاعدة باستمرار للحصول على الدعم المالي والسياسي من الولايات المتحدة الامريكية . يحتل المؤتمر الشعبي 112 مقعدا في مؤتمر الحوار الوطني. لا الاصلاح لا المؤتمر الشعبي لديهما الرغبة في حل مشكلة القاعدة، هذا الى جانب أن المشاركين الاخرين لا يملكون قوة التمثيل الكافية لطرح المشكل.
موضوع جانبي
بالرغم من عدم الوضوح هنا إلا أن القاعدة لم يتم اهمالها نهائيا ، فمحاربة الارهاب ستطرح كقضية فرعية تحت راية المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وسيظل التساؤل إن كان الموضوع سيحظى بالاهتمام اللازم.
كما أن هنالك قضايا كبرى لم تخصص لها محاور خاصة بها مثل قضايا المرأة، ليس لعدم أهميتها ولكن لأهمية هذه القضايا التي ستتخلل كافة المحاور المطروحة.
هذه الطريقة في الاقتراب من المشكل لم يتم تجريبها على مشكل القاعدة والتي ربما كانت ستكون مفيدة جدا اذا حدثت.
ففي نهاية الامر لا يمكن اعتبار مشكلة تنظيم القاعدة في اليمن مشكلة عسكرية فحسب بل هي مشكلة تنمية وتعليم ومشكلة حقوق انسان ومشكلة جنوب اليمن الخ.
بارع شيبان أحد المشاركين الشباب لا يعلم الاسباب التي حالت دون أن تكون القاعدة أحد المحاور الاساسية في الحوار الوطني "انها مسألة هامة جدا بالنسبة للمجتمع اليمني وسأحاول وضعها على الاجندة".
ما الذي سيحدث إذا لم يتم النقاش حول الاستراتيجية المناسبة للتعامل مع مشكلة القاعدة؟
غالبية اليمنيين يرون أن ذلك سيشكل غلطة كبيرة أحد هؤلاء الناس منهم المدون ورجل الاعمال هيكل بافانا الذي يقول:
" سيكون الامر مخيبا للآمال وستجعل اليمن معرضا للتدخل الامريكي والسعودي ولكن شيء واحد مؤكد وهو
أن ذلك هو ما لا يريده اليمنيون".
اذاعة هولندا العالمية
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها