قراءة في التحضيرات التي سبقت إنعقاد مجلس النواب بسيئون
شكل التئام البرلمان اليمني السبت الماضي 12 ابريل 2019 ضربة قاصمة لجماعة الحوثي التي حاولت الغاء دور هذه المؤسسة التشريعية بعد الانقلاب المشئوم في سبتمبر 2014.
وعلى الرغم من محاولة قيادات حوثية التقليل من أهمية انعقاد مجلس النواب وانتخاب هيئة رئاسة جديدة إلا أن الوجع والإرباك بدا واضحا للعيان.
عمدت مليشيات الحوثي الى تعطيل البرلمان بعد محاولة الرئيس السابق صالح تحريك هذه الورقة إبان تقديم الرئيس هادي استقالته في بداية 2015 وهو ما حدا بجماعة الحوثي الى فرض طوق أمني على مقر البرلمان بالعاصمة صنعاء والتسريع في اعتماد ما سمي حينها إعلانا دستوريا شكل بموجبه مجلسا وطنيا ألغى دور البرلمان لصالح الأخير كخطوة استباقية تسلب صالح ورقة البرلمان.
كان الإعلان الدستوري محاولة حوثية لحوثنة الدولة والإمساك بكل الأوراق بيد هذه الجماعة الانقلابية خاصة وهي تدرك ان أغلبية النواب ينتمون الى حزب الموتمر الشعبي العام، وبالفعل تم تعطيل البرلمان ودوره ردحا من الزمن. وبعد ان تخلصت جماعة الحوثي من الرئس السابق عادت مجددا لتفعيل كرت البرلمان بحثا عن بعض الشرعية وهي الجماعة التي تعرف لدى الداخل والخارج بانها جماعة انقلابية استولت على السلطة بقوة السلاح واجتاحت المدن والمؤسسات بالقوة.
على الجانب الآخر كانت الشرعية تدرك أهمية البرلمان لكن حالة الشتات والدمار التي خلفها الانقلاب حالت دون انعقاد البرلمان، وفي غضون ذلك جرت محاولات حثيثة للملمة البرلمانيين وجمعهم تحت قبة البرلمان مرة أخرى.
منذ نحو عامين ونيف بذلت الشرعية جهودا كبيرة في تجميع شتات أعضاء مجلس النواب الذين تفرقوا بين العواصم العربية والمحافظات اليمنية المحررة حتى تلك المحافظات التي لا تزال ترزح تحت قبضة مليشيات الحوثي، لكن كل المحاولات لاقت صعوبات بالغة أوقفت الحركة.
ولعل أبرز الخلافات التي أعاقت التئام المجلس خصوصا بعد مقتل الرئيس السابق علي صالح هي الخلافات داخل حزب المؤتمر وتعدد رؤو قياداته فضلا عن صعوبات لوجستية وأمنية وتدخلات أخرى.
لكن الشرعية مؤخرا نجحت وبتعاضد الكتل البرلمانية في جمع النصاب القانوني اللازم لنجاح الانعقاد وانتخاب هيئة رئاسة جديدة.
ومنذ عامين رتبت الحكومة اليمنية اوضاع النواب الذين انحازوا للشرعية واعتمدت مرتباتهم ومستحقاتهم وانتظمت عملية التواصل والتنسيق بين الكتل البرلمانية وبين النواب بعضهم البعض وبين الحكومة اليمنية وتم ترتيب اكثر من لقاء واجتماع في الشتات في إطار الترتيب للجلسة الحاسمة التي ستعقد لاحقا في مدينة سيئون وهو ما تم بالفعل وبنصاب قانوني وأغلبية أعضاء البرلمان.
وفي هذا السياق بذل الرئيس ونائبه والحكومة الكثير من الوقت والجهد وانعقد اكثر من لقاء بين الريس والحكومة وأعضاء مجلس النواب واعادت الكتل البرلمانية نشاطها وفعاليتها واعادت بعض الكتل ترتيب قياداتها مثل ما حصل في الكتلة البرلمانية للتجمع اليمني للإصلاح التي انتخبت قيادة جديدة.
أما في جانب المؤتمر فقد كان الأمر أكثر تعقيدا.
فبالإضافة الى اتصالات وزيارات مؤتمرية للرئيس ونائبه، فقد قاد نائب مدير مكتب الرئاسة أحمد صالح العيسي الوساطة في تقريب وجهات النظر بين جناحي المؤتمر الشعبي العام والكتل المختلفة واستقطاب العشرات من أعضاء البرلمان الى صفوف الشرعية الامر الذي تكلل باتفاق أجنحة المؤتمر على تسوية معظم خلافها وعلى رأسها تسمية رئيس البرلمان.
وقد كان هذا الاتفاق الذي قاده العيسي، والذي يشغل القائم بأعمال رئيس الدائرة المالية في الأمانة العامة للمؤتمر ، نقطة تحول في ردم الخلافات بين أطراف داخل حزبه والخروج برؤية موحدة فيما يتعلق بانعقاد البرلمان.
كما امتدت الوساطة لتشمل التقريب بين رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وبين القيادي المؤتمري سلطان البركاني الذي انتخب رئيسا للبرلمان، و بين قيادات المؤتمر المنقسمة بين الرئيس هادي، والرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وبعد أربعة أعوام من الانقطاع عادت مطرقة البرلمان للعمل من جديد ولكن هذه المرة بيد النائب سلطان البركاني الذي انتخب رئيسا لمجلس النواب وانتقلت القبة من صنعاء الى مدينة سيئون التاريخ.
وحظيت دورة الانعقاد غير الاعتيادية باهتمام ومتابعة ومباركة الداخل والخارج وكل المهتمين بالشأن اليمني باعتبار ذلك مؤشر على استعادة مؤسسات الدولة وتفعيلها للقيام بواجبها الدستوري والقانوني المناط بها.
وفي هذا السياق بدا ايضا واضحا حماس المملكة العربية السعودية ودعمها اللوجستي والسياسي والمالي الذي سهل الكثير من العقبات وذلل الكثير من الصعاب وساهم بشكل فعال في انعقاد البرلمان ونجاح فعالياته.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها