قصة خالد حفيد فيلسوف الثوار حسن الدعيس
ظل الشاب الثلاثيني "خالد عبدالقادر عبدالله حسن الدعيس" القادم من ريف مديرية بعدان شرق محافظة إب وسط البلاد متنقلاً في جبهات المقاومة يقارع مليشيا الحوثي والذين يرى فيهم امتداداً للحكم الإمامي الذي ثار عليه اليمنيون في سبتمبر 1962م وكان جده حسن الدعيس من مناضلي ورموز الثورة اليمنية "26 سبتمبر" والتي كانت لحظة فارقة في حياة اليمنيين وأطلق عليه آنذاك فيلسوف الثورة.
كان وقع خبر مقتل الشاب خالد الدعيس فاجعا لكل من يعرفه ومؤلماً لمن سمع عنه أو تعرف عليه بعد خبر مقتله عبر مراجعة صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث كان وفياً لمبادئ وقيم المشروع الجمهوري حتى لقي حتفه يوم الجمعة الماضية على أطراف جبل ناصة بجبهة مريس بمحافظة الضالع.
أعادة قصة استشهاد خالد الدعيس إلى الأذهان قصة القيادي في المقاومة نايف الجماعي في مقاومة الحوثيين بالشعر والبندقية، وهما ينتميان لنفس المنطقة (بعدان- محافظة إب) واصل الشاب خالد نضاله بعزيمة وإرادة لا تلين، وإلى جانب كونه يحمل السلاح ويقاتل في الجبهات فقد كان يملك رصيداً من الثقافة والأدب والشعر والفصاحة وصفات القيادة وينتمي إلى أسرة عريقة اتسمت بالنضال الوطني في وجه المشروع الإمامي أبا عن جد.
والده عبد القادر عبد الله حسن محمد الدعيس من مواليد 1961 وكان ذا حضور مجتمعي كبير وفاعل تقلد عدداً من المناصب ونال عضوية مجلس النواب، منذ 2003 وكان عضو الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام وانحاز لثورة الشباب الشعبية السلميه العام 2011 وتوفي إثر إصابته بجلطة قلبية مفاجئة في العاشر من أكتوبر 2015م.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن الشاب الدعيس ومناقبه المتعددة وبطولاته في مقارعة المشروع الإمامي مستشهدين بما سطره الشاب في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قبيل مقتله بساعات.
وكتب الدعيس فيما يشبه رسالة الوداع لخص فيها جوانب من شخصيته، وكيف حصل على سلاحه الشخصي وذخيرته، وكيف تنقل في جبهات القتال حتى الساعات الأخيرة من حياته، متحدثاً عن مشاركته الطوعية في أحد مواقع القوات الحكومية بمنطقة الحقب بجبهة دمت وتصدى مع رفاقه بثبات لهجمات حوثية عدة.
وقال الدعيس في رسالته "قبل خمسة أيام أيضاً كانت التحذيرات تحوم حول ناصة، واليوم وفي السابعة صباحاً حاولت التطوع للإنضمام لتعزيزات تنطلق لناصة ورُفِضَ الطلب بحجة كفاية العدد ، ليتهم احتجوا بعدم الكفائة بدلاً عن الكفاية، لكنهم لا يعلمون أن مرارة الموت على أيدي بني هاشم أهون من مرارة العيش في ظلّهم، بل هي عندي حلاوةٌ لا مراره".
وأكد الدعيس سقوط جبل ناصة بأيدي الحوثيين معتبرها ضربة موجعة مرجعاً سبب سيطرة الحوثيين عليها إلى ما أسماه "غياب التنسيق بين القيادات والوحدات وعدم تقدير الأمور بتاتاً وفقر مدقع في فهم نفسيّة العدو" مكرراً القول "بغياب تنسيقٍ هو للأسف غائبٌ أصلاً عن ولاة أمور المعركة".
وأشار إلى أنه قضى سنةً في مأرب ثم أربعة أشهر في قعطبة ولكنه لم يتم استيعابه ليشارك ضمن القوات الحكومية موضحا أن البندقية التي لديه بأنها بندقية أبيه قام بتهريبها بطريقته من مديرية بعدان في وقت سابق فيما قام بشراء ذخيرته من ماله الخاص.
وانتقد قيادة الشرعية ودورها في إدارة معركة إستعادة الدولة حيث قال: "رب وقد ابتليتنا ببني هاشم، فلمَ ابتليتنا بولاةِ أمورٍ لا يستطيعون صرفاً ولا نصراً وأين ما توجهوا لا يأتون بشيء".
والتقط الدعيس صورة له ارفقها بمنشوره وهو يقف على تخوم جبل ناصة ويتحدث عن الصورة بالقول: "الصورة صباح اليوم - الجمعة- بعد رفضهم صعودي لأنال شرف الموت أو الثبات على ناصه الذي يقف خلفي بشحوب ولكن بكبرياءٍ حميرية، ولا أدري عن وجهي ماذا يحمل هل يحمل وجه قتيلٍ أم فاتح… أم منسحب".
وتحدث الشاب بكري الدعيس أحد أقارب الشاب الدعيس بالقول رحل شهيدنا مبكراً وخالداً خلقاً وشموخاً وثورياً وجمهورياً مدافعاً عن تراب الوطن فادياً له بمهجته وروحه العظيمة.
وقال عنه: "سبق الجميع فكراً وعلماً وعقلاً، ورحل متحللاً من الرايات الحزبية والانتماءات الضيقة غير الانتماء الكبير لهذا الوطن ومضى بشموخ الثوار وشجاعة الأبطال ونسل الأحرار".
واعتبر رحيله عظيما وانتقل إلى ربه بالطريقة اللتي تليق به وبعظمة مواقفه ومبادئه وقيمه الجمهورية.
الشاب فواز الجماعي أحد أبناء مديرية بعدان قال عن الشاب الدعيس "لقد كان الشهيد القائد خالد الدعيس أحد قيادات أحرار مديرية بعدان الشموخ، وأحد فرسان محافظة إب الميامين، وأحد أبطال الجمهورية البواسل الأوفياء، ناهيكم عن كونه شاعراً أديباً متحدثاً مفوهاً، ثائراً حُراً رافضاً للعيش بذل والحياة بخنوع ، كيف لا وهو حفيد فيلسوف الثورة الشهيد المناضل السبتمبري الشيخ حسن الدعيس الذي قارع الكهنوت الأمامي البغيض ، وما زالت مواقفه وحكاياته شاهدةً على ذلك ومدونة في أنصع صفحات تأريخ الثورة والجمهورية".
وتابع الجماعي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك متحدثا عنه بالقول: عرف الشهيد البطل في المواقع المختلفة حيث "كان مثالاً للقائد الفذ الذي يُقتدى به ، وأخرها دوره الكبير في تجريع المليشيا الحوثية كؤوس الموت الزؤام في جبال وسهول مريس ودمت".
وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان رثاه بالقول "خالد يغادرنا شهيداً ..يا الله ..ألجمتني المفاجأة .. الشاعر المقاتل والمثقف الثائر يغادر تحت سفوح جبل ناصَهْ ، مازلت غير مصدّق! كتب بيانه الأخير " وصيّته " وأذاعها تحت جبل ناصَهْ في دمْت قبل استشهاده بساعات".
وتابع بالقول : هذا هو علي عبدالمغني هذا الجيل ، هذا بطل أبطال هذا الزمان ، جدّه الأكبر شيخ بعدان ثائر اليمن وفيلسوفها ضدالإمامة حسن الدعيس ، خالد هو الجيل الرابع لم يكن حزبيا ولا تابعاً لأحد ، كان حزبه اليمن الكبير ، في داخله كتيبة ثوار وثكنة محاربين! في رأسهِ هديرُ بلاد وبين ضلوعهِ دمدمةُ شعبٍ وآهات جيل.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها