حسناء وشقيقاتها يمارسن مهنة الرجال بصنعاء
لم تتوقع حسناء النجاح الكبير الذي حققته هي وشقيقتاها “مالكة وفائزة”، في مهنة التشطيب الداخلي للمنازل (رنج، زخرفة، نقوش، تلييس)، في منطقة وادي ظهر شمال العاصمة صنعاء، كونها مهنة مقتصرة على الرجال فقط، باعتبارها مهنة متعبة، وتتطلب قوة بدنية وجهداً كبيراً، والوقوف لساعات طويلة.
وتقول فائزة: “شعور جميل عندما تحول المنزل القديم إلى مظهر جديد، وقتها ننسى كل التعب، ولأننا نساء تستطيع صاحبة المنزل أن تشرح لنا ما تريد فعله في منزلها”.
واستطاعت الشقيقات الثلاث فعل الكثير بإرادتهن وإصرارهن، رغم التحديات والظروف المعاكسة في البلاد، إلا أنهن لم يأبهن لنظرة المجتمع، وتعرضهن للانتقاد، لأنهن نساء يعملن بمهنة مقتصرة على الرجل، بل ناضلن في بداية مشوارهن مع والدهن من أجل الحصول على لقمة العيش، في واقع لا يرحم، وسرعان ما تحول نضالهن إلى فن وهواية جميلة يمارسنها بحب وسعادة.
“نحن سعيدات بالعمل”
اكتسبت فائزة وشقيقاتها هذه المهنة من والدهن الذي عمل فيها لسنوات طويلة، وأفنى عمره في مزاولة هذه المهنة، وبات بحاجة للمساعدة للحفاظ على مصدر دخله الوحيد، فلجأ إلى تعليم ابنته الكبرى مالكة، قبل أكثر من 15 عاماً، رغم حاجة والدتها لها في مساعدتها بالأعمال المنزلية، بحسب والدها، الذي لم يكن لديه أولاد ذكور حينها.
وتقول مالكة: “احتاج والدي للمساعدة في العمل، لأنه عمل متعب، ولا يملك المال لجلب شخص يساعده، فقرر أن يعلمني، وتعلمت، بعدها علمت أختيَّ حسناء وفائزة”.
غير أن مالكة وقفت عن هذا العمل بعد زواجها، لأن العمل يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير، فيما استمرت حسناء وفائزة بالعمل، كما تقول.
“نحن سعيدات جداً بالعمل، وتعودنا عليه رغم استغراب الناس، لكنهم معجبون جداً بشغلنا، لأنه نظيف ومتقن، ونختار طلاء جودته ممتازة” تقول حسناء.
ورغم مزاولة عملهن في منطقة ريفية بعيدة عن قلب صنعاء، إلا أنهن تكيفن مع العمل فيها، ويشعرن بالراحة، لأنها أفضل من قريتهن النائية التي تعيش بها والدتهن برفقة إخوانهن الذين أصبحوا حالياً في عمر الشباب، لكنهم رفضوا مساعدة والدهم في عمله، وفضلوا العمل في أعمال مختلفة بقريتهم، بحسب حسناء.
وتتابع حسناء، والحزن بادٍ في عينيها: “أحياناً تمر علينا ظروف صعبة، ويكون لا يوجد عمل، ويقترح علينا أبي أن نرجع لقريتنا، لكن نفكر أن هذا العمل مصدر دخلنا الوحيد، ولازم ننتظر للعمل، لأننا لن نجد ما نأكله إذا عدنا إلى قريتنا”.
وتقاطعها فائزة: “نتمنى أن يكون معنا بيت بدل الدكان الذي نعيش فيه، ونقوم بإصلاحه وزخرفته بالنقوش الجميلة”.
ويحظى عمل الشقيقات الثلاث بإعجاب الكثير من أهالي القرية، للمساتهن الفنية المحترفة والمتقنة، فيقمن بتعتيق المنازل القديمة بأشكال مختلفة من الزخرفة، ذات ألوان زاهية، وكذلك تشطيب المنازل الجديدة من تلييس ورنج وزخرفة.
وأشادت الحاجة فاطمة، إحدى أهالي القرية، بعملهن المتقن والجميل، بالقول: “ما شاء الله، عملهن حالي، ومخلصات في عملهن، ويرجعين البيت مزهرية”.
مهن مختلفة
العديد من اليمنيات يقمن بممارسة مهن مقتصرة على الرجال، لكن ليس هناك إحصائيات دقيقة لعدد العاملات في هذا المجال.
وتقول أحلام المقطري، مدير جمعية نون لتنمية المرأة: “هناك الآلاف من النساء العاملات في المهن المختلفة، بحاجة لدعم؛ كونها تمثل مصدر دخل لأسرهن، لاسيما في الظروف الحالية المعقدة التي تعيشها البلاد”.
وتضيف المقطري لـ”المشاهد”: “مشاريع الجمعية في مجال تمكين المرأة الريفية في محافظة تعز لوحدها، استهدفت أكثر من 5 آلاف امرأة في مهنة الخياطة والتطريز والأشغال اليدوية والحرفية وغيرها من المهن، بمناطق مديريات صبر الموادم مشرعة وحدنان وجبل حبشي والمعافر ومقبنة”.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها