موازنة الحكومة للعام الجاري غير واقعية ولا شفافة(قراءة)
تأخر الإعلان عن موازنة اليمن لعام 2019، حتى يوم 20 فبراير الجاري، فيما تعلن الدول عن الموازنة خلال شهر ديسمبر من العام السابق وقبل دخول العام الجاري، وقد تمخض الجمل فولد موازنة غامضة، غير واقعية وغير شفافة وتحمل الكثير من علامات الاستفهام، ولا تعبر عن وضع البلاد وحالة الاقتصاد.
جاءت الموازنة بخيبة أمل رغم التأخر في إعدادها، وخلت من أية مؤشرات إيجابية، كما غابت عنها الشفافية ولم تحتوِ على تفاصيل. وتشير الأرقام إلى عجز مالي كبير، ستلجأ الحكومة لكبحه من خلال زيادة أعباء الدين العام الداخلي.
وفقاً لكتب الاقتصاد، تعرف الموازنة العامة للدولة بأنها «وثيقة رسمية تحتوي على نفقات وإيرادات حكومة دولة ما، ضمن خطة مالية تمكن الحكومة من إنجاز القرارات المتعلقة بتفعيل مجمل السياسات التي تقوم الحكومة بتنفيذها تجاه المجتمع الذي تخدمه».
كما تعرف أيضاً بأنها «بيان شامل بأموال الحكومة نفقات وإيرادات وما ينتج عنها من عجز وفائض والدين الحكومي، والموازنة تمثل السياسة الاقتصادية الرئيسية التي تطبقها الحكومة، إذ تشير إلى الطريقة التي تخطط بها الحكومة لاستخدام موارد ما لتحقيق أهداف السياسة الاقتصادية».
بيان الحكومة اليمنية، فيكشف عن تعريف مختلف للموازنة العامة، باعتبارها تقديرات غير واقعية، يتم إعدادها بشكل ارتجالي لتلبية مطالب المؤسسات المالية الدولية والدول والصناديق المانحة، لا تكشف عن أولويات الإنفاق ولا عن مؤشرات الاقتصاد وليس بالضرورة أن تلبي آمال وتطلعات اليمنيين، أو تخفف من معاناتهم وتوفر لهم فرص العمل.
ملامح عامة
بحسب الأرقام الواردة في بيان موازنة 2018، فإن حكومة اليمن الشرعية التي رفعت التقشف كأولوية ضمن إصلاحات نقدية لحماية العملة المحلية (الريال)، اعتمدت موازنة غير واقعية وبزيادة في الإنفاق عن فترة ما قبل الحرب عام 2014، ليبلغ الإنفاق نحو 7 مليارات دولار.
وتشير الأرقام الحكوميّة إلى أن إجمالي تقديرات الموارد العامة بلغت 2 تريليون و159 مليار و271 مليون ريال يمني (قرابة 4.9 مليار دولار أمريكي)، وإجمالي النفقات بلغت 3 تريليون و111 ملياراً و153 مليون ريال يمني (نحو 7 مليار دولار أمريكي).
غياب الشفافية
أعلنت الحكومة عن ملامح عامة تتضمن تقديرات الإيرادات والنفقات، ولم تعلن بياناً مالياً مفصلاً، لذلك تبدو المعلومات ضئيلة أو لا توجد، ولا تقدم المؤشرات أية معلومات عن بنود الموازنة والإنفاق على القطاعات الاقتصادية.
كما لا تكشف المؤشرات عن أولويات الحكومات، ولا يمكن معرفة أولويات الحكومة من خلال أرقام تقديرية عن الإيرادات والنفقات.
النفقات
يشير بيان الحكومة الى أن تقديرات الإنفاق خلال عام 2019، ستبلغ ثلاثة تريليون و111 ملياراً و153 مليون ريال يمني (نحو 7 مليار دولار أمريكي)، ويشير ارتفاع الإنفاق في الموازنة إلى استمرار سوء إدارة المال العام وإلى استمرار الإنفاق بدون ضوابط لكن وفق موازنة بلا رؤية.
الإيرادات
قال بيان الحكومة، إن 32% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة للعام 2019، ستأتي من إيرادات النفط والغاز، وأهمل الإشارة إلى بقية الإيرادات التي تمثل 68%، وكيف سيتم تمويلها، خاصة أن الإيرادات الضريبية في مناطق الحكومة تذهب لجماعات مسلحة ولا يتم تحويلها إلى البنك المركزي.
وتذهب جميع الإيرادات الضريبية في العاصمة المؤقتة عدن حيث مقر الحكومة، لفصائل ما يعرف بـ«المقاومة الجنوبية» وقوات «المجلس الانتقالي»، منها ضرائب الشركات والمصانع والمحلات التجارية والمنشآت الفندقية، وضرائب القات.
وفي مدينة تعز، تذهب معظم الإيرادات الضريبية لفصائل مسلحة تتنافس عليها حد نشوب مواجهات مسلحة بين الحين والآخر خاصة جباية ضرائب القات يومياً.
أما في مناطق الحوثيين، من المستبعد تماماً أن تبادر سلطات المتمردين إلى تحويل الإيرادات من مناطقها الى البنك المركزي عدن، وعوضاً عن ذلك فإنها تطالب الحكومة بدفع رواتب موظفي القطاع العام في العاصمة وبقية مناطقها.
موازنات المحافظات
قرار الحكومة رفع الموازنات المخصصة للمحافظات مقارنة مع مخصصات 2014، غير مفهوم وغير مبرر في ظل وضع اقتصادي سيء تعيشه البلاد، وتراجع كبير في الإيرادات، واتساع العجز المالي.
تسيطر الحكومة على نصف محافظات البلاد، والحوثيين على النصف الآخر، لكن الحكومة أعلنت تعيين محافظين ووكلاء لمحافظات لا زالت تحت سيطرة الحوثيين منها العاصمة صنعاء ومحافظات: المحويت وذمار وحجة وإب، وفي هذه الحالة فإن الموازنات المحلية ستذهب كرواتب ونثريات ونفقات أخرى للمحافظ الذي يقيم خارج البلد، وطاقمه ومرافقيه.
وحتى في المحافظات المحررة، من غير المفهوم أسباب رفع موازنات السلطة المحلية، كما لا يكشف بيان الموازنة عن أولويات السلطة المحلية لكل وزارة وكل محافظة وكيف سيتم إنفاق الميزانيات المخصصة لكل جهة.
عجز وديون
حسب مؤشرات الموازنة المعلنة، سيصل العجز المالي إلى 30 % من الناتج المحلي الإجمالي، وقالت الحكومة إنها ستسعى لتمويله من مصادر غير تضخمية عبر استخدام أدوات الدين المحلي وحشد التمويلات الخارجية، إضافة إلى وضع آليات للإنفاق.
وهذا الاقتراض يعني، زيادة في الديون وأن يقفز الدين العام إلى معدلات خطيرة، وذلك بسبب إصدارات السندات والصكوك المحلية وأذون الخزانة.
وعجز الموازنة: هو الفرق بين إيرادات الدولة والمصروفات وصافي حيازة الأصول المالية خلال عام، وينتج عن قيام الحكومة بصرف مبالغ كبيرة تفوق مواردها، يحدث ذلك بفعل زيادة النفقات عن الموارد، وبالتالي تلجأ الدولة للاقتراض سواء من الداخـل أو الخارج لتمويل العجز.
والدين العام الحكومي: هو الدين الذي ينشأ من تراكم عجز الموازنة العامة للدولة، وينقسم إلى دين داخلي ودين خارجي؛ والدين يترتب عليه خدمة وأعباء يتم دفعها كل عام تتمثل في الفوائد المستحقة على هذا الدين وأقساطه.
وارتفع الدين العام الداخلي لليمن إلى أكثر من 5.5 تريليونات ريال (14.5 مليار دولار) في فبراير/ شباط الماضي، مقابل 3.1 تريليونات ريال (8 مليارات دولار) في يناير/ كانون الأول 2015.
ويعاني اليمن أزمة مالية خانقة، وأهدرت كثير من ثرواته، وتوقفت بشكل كامل الموارد المالية للدولة، وعلى رأسها النفط الذي كان يشكل 70.8% من إيرادات الموازنة.
وأدت الحرب وسيطرة الحوثيين على صنعاء ومؤسسات الدولة منذ سبتمبر 2014، إلى تعليق دعم المانحين وزيادة عجز ميزان المدفوعات، وتآكل الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي من 4.7 مليارات دولار في شهر ديسمبر/كانون الأول 2014 إلى 600 مليون دولار في ديسمبر 2017، بحسب البنك المركزي اليمني.
المصدراون لاين
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها