الضالع.. مياه مسمومة تصيب سكان بعض المناطق بالأمراض
يعيش سكان مناطق خوبر ومرفد والعقلة ولكمة لشعوب، بمديرية الحصين في محافظة الضالع، وضعاً صحياً صعباً، نتيجة الاستخدام السيئ للمبيدات والسموم التي ترش على شجرة القات، حيث تنتشر زراعته بكثافة في تلك المناطق، إضافة للتلويث البيئي الذي اختلط بالآبار الجوفية المستخدمة للشرب والري في آن واحد، ناهيك عن تحويل كثير من الآبار السطحية المكشوفة بهذه المناطق، بعد جفافها ونضوب مائها، لبيارات صرف صحي، ما أدى إلى ظهور أمراض، مثل هشاشة العظام وتآكل الأسنان، وفق ما رصده “المشاهد”.
هذه الأمراض لم تكن معروفة في السابق، بحسب وليد أبو بكر، أحد سكان منطقة العقلة بالضالع، موضحاً لـ”المشاهد” بالقول: “هذه أمراض جديدة غزت مناطقنا بشكل فظيع في السنوات العشر الأخيرة، وظهرت على الأطفال بالذات”، مضيفاً أن محاولات بعض الأسر الميسورة عزل أطفالهم من شرب مياه الآبار الجوفية بالمنطقة، فتحسنت حالاتهم بنسب متفاوتة، وتقلصت أعداد الإصابات في بقية الأفراد داخل إطار الأسرة الواحدة.
مياه مسمومة
يرجع الدكتور أحمد محمد عباس باعباد، اختصاصي طب وجراحة الفم والأسنان، سبب تآكل أسنان الأطفال وتساقطها، إلى نسبة زيادة الفلورايد بالماء المستخدم للشرب في هذه المناطق، مشيراً إلى أن مثل هذه الحالات تم اكتشافها في هذه المناطق قبل 5 سنوات، حيث وصلت إليهم حالات تعاني من مشاكل الأسنان.
ويقول الدكتور باعباد إن مياه الآبار الجوفية غير صالحة للشرب، بسبب درجة السمية فيها، وتركيز الفلورايد، بعد أخذ عينات من هذه المياه لفحصها في مختبرات خاصة في العاصمة صنعاء.
ويؤكد الدكتور سمير قسوم، استشاري أمراض وجراحة العظام والمفاصل والعمود الفقري بمستشفى الضالع العام، أن نتائج التحليل المختبري لهذه المياه أظهرت أنها تحتوي على نسبة عالية جدًا من مادة الفلورايد، إذ وصلت نسبته لأكثر من 7.0 ملجم لكل لتر من الماء، بينما المعدل الطبيعي يفترض ألّا يتجاوز 5.15 مليجرام لكل لتر ماء، وهذه النسبة العالية من هذه المادة تعتبر نسبة سمّيّة، وهي أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى هشاشة العظام وتآكل الأسنان عند الأطفال، مشيرًا إلى أن مادة الفلورايد تمنع ترسب الكالسيوم في العظام، وتؤدي إلى خروجه عبر المسالك البولية، وهو ما يؤدي إلى فقدان الكالسيوم من الجسم، وبالتالي تتقوس العظام، وتظهر هشاشتها بشكل كبير جداً.
ويفسر دكتور الباطنة أمين الضالعي، أسباب وجود المادة السامة في الماء بقوله: “مياه الآبار الجوفية العميقة تكون حارة جداً، وكلما زاد العمق زادت نسبة مادة الفلورايد (الفلور) في المياه، فيلجأ الأهالي إلى خزن هذه المياه الحارة في سدود وخزانات مفتوحة، بهدف تبريد هذه المياه، ليزيد من خطورتها أكثر، وذلك لأن مادة الفلورايد السامة تتبخر وتختلط مع مكونات الهواء الجوي والأكسجين المستنشق عند السكان، مما يؤدي إلى مضاعفة المرض ومسبباته للأطفال”.
استخدام مفرط للمبيدات
ومن أسباب تحول هذه المياه إلى مياه غير صالحة للشرب بسبب تركيز الفلورايد، بحسب الخبير البيئ شائف الحدي، المبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية، والسماد الكيميائي، مشيراً إلى أن رش أشجار القات بالمبيدات أو وضعه في الماء أثناء عملية الريّ، أثر بشكل كبير على هذه المياه، وانعكس التأثير على الإنسان والحيوان.
ويؤدي الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية والمخصبات الزراعية والأسمدة الكيماوية، إلى اختلال التوازن البيئي من خلال تلويث عناصر البيئة المختلفة من تربة ونبات وماء وهواء، واختلاطها بمياه الآبار ومياه الشرب، بحسب شائف.
عجز رسمي
وحمل وكيل محافظة الضالع صالح الشاعري، المواطنين مسؤولية استخدام المبيدات وتحويل أغلب الآبار الجافة لبيارات صرف صحي.
ويؤكد الشاعري على عدم قدرتهم، في الوقت الحالي، على عمل أي شيء، في ظل استمرار الحرب، ووضع البلد بشكل عام، الأمر الذي جعل سكان تلك المناطق يناشدون كافة المنظمات الصحية الدولية، النزول ومد يد العون لهؤلاء المرضى، وإيجاد الحلول المناسبة؛ إما بحفر آبار جديدة، أو القيام بتنقية المياه، أو عمل خزانات صحية لحفظ مياه الشرب، معتبرين أن ترك المواطن يواجه مصيره بهذه المناطق، قد يتسبب بكوارث إنسانية وصحية وبيئية لا تحمد عقباها.
*عن المشاهدنت
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها