نساء يمنيات…المعاناة دافع تحولهن لمشاريع نجاح
بين ليلةٍ وضحاها وجدنَ أنفسهن على قارعة الطريق، بلا سندٍ أو عائل، نساء تحملن أسرهن بعد مقتل أزواجهن في الحرب الدائرة باليمن منذ مطلع العام 2015، من خلال التدريب على حرف، عملن بها في ما بعد، واستطعن إعالة أطفالهن، ومنهن رضية، التي تدربت في محل كوافير، قبل أن تؤسس مشروعها الخاص.
قتل زوج رضية في إحدى جبهات الحرب التي ذهب إليها مكرهاً، بعد أن تقطعت به سبل إيجاد عمل، لكنه عاد جثة هامدة، كما تقول لـ”المشاهد”.
وتضيف رضية: “فجأة وجدتُ نفسي أرملة مع 4 أطفال، لم يكن أحد من الأهل باستطاعته مساعدتي بشكلٍ دائم، وساءت ظروفي جداً، ولم يستطع أطفالي الدراسة بعد مقتل والدهم، بسبب ظروفي المادية القاسية حينها”.
بدأت رضية العمل في البيوت بمردود مالي قليل، يكفي دفع إيجار الغرفة التي تسكنها مع أطفالها، إلى جانب الحصول على وجبة طعام واحدة في اليوم، “ضاقت بي السبل، وأغلقت في وجهي كل الأبواب، وشارفتُ على الانهيار، عندها فكرت في ما لدي من مهارات، ما الذي يمكن أن أفعله لأعول نفسي وأولادي”، كما تقول.
مشاريع ناجحة
إجادة رضية لنقش الحناء، شجعتها على الذهاب إلى محل كوافير، وبدأت بالتدريب، مقابل حصولها على مبلغ زهيد، حسب قولها، مضيفة: “كنت أجني ما يكفي لإيجار الغرفة من خدمة النقش التي كنت أقدمها لكل زبائن المحل الراغبات بذلك”.
بعد أن تلقت رضية التدريب، فكرت بالعمل لحسابها الخاص، واستطاعت اقتراض مبلغ بسيط، لتنفيذ الفكرة، وبدأت العمل. “لم يكن الإقبال كافياً، لكن في يوم من الأيام زارتني امرأة للمحل، وأعجبت بعملي، ووعدتني بالمساعدة، وساعدتني بالفعل من خلال نشر عنوان محلي في جروبات نسائية على مواقع التواصل الاجتماعي، توافدت الزبونات للمحل بعد ذلك، وتيسرت الأمور، وأصبح لدي اليوم متدربات لهن قصص تشبه قصتي، يعملنَ معي، وكلهن لديهن الرغبة بالنجاح، والخروج من صدمة الواقع”، حسب روايتها.
معاناة رضية مشابهة لما تعرضت له سلوى، ما دفعها للتدريب على عمل المعجنات والحلويات، وبمرور الوقت أتقنتها، وروجت لعملها بين زميلاتها في الجامعة، لكن البداية لم تكن تغطي حتى التكاليف.
تحملت سلوى أعباء أسرتها التي انتقلت إلى منزل للإيجار، بعد تعرض منزل والدها لقصف طيران التحالف، كما تقول لـ”المشاهد”، مضيفة: “مكثنا في بيت جدي لفترة، لكن الأمر كان صعباً، فقام والدي باستئجار منزلٍ خاص بنا، وتعاون معنا الأهل في تأثيثه. بدأت الأمور تتحسن بالتدريج، لكنها عاودت إلى البؤس بعد انقطاع الرواتب ومرض والدي الذي توفي على إثره”.
حينها، فكرت سلوى بالعمل، رغم معارضة والدتها، خشية من تأثير ذلك على تحصيلها العلمي، ما جعلها تفكر بصناعة الحلويات في المنزل، حسب روايتها.
قهر الواقع
وعلى الرغم من تعرض سلوى للخسارة في بادئ الأمر، إلا أنها أصرت على مواصلة العمل، الذي أتقنته. “برعتُ في صناعة الحلويات، وخصوصاً “الجاتوه”، وروجت لعملي في صفحتي على “فيسبوك”، وفي جروبات نسائية كثيرة، ومع مرور الوقت صار لي اسم معروف، وأصبح لدي طلبيات كثيرة، وأتولى تغطية مناسبات كالأعراس، وغيرها، حتى إني أعتذر عن قبول البعض منها أحياناً”، تقول سلوى.
وتبدو رضية فخورةً بنجاحها، لأنها لم تستسلم للحزن والعجز، ولم تهتم بالعادات والتقاليد السلبية، بعد مقتل زوجها. “استطعت الاعتماد على نفسي، أصبحت قادرة على رعاية أولادي، وتوفير متطلبات الحياة لي ولهم، لن يتخلف أولادي عن الدراسة كما حدث بعد مقتل والدهم”، كما تقول.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها