قاتل خفي وضحايا بالرصاص المباشر في عدن !
وثق تقرير حقوقي صادر عن منظمة سام للحقوق والحريات، جرائم الاغتيالات السياسية التي حصدت أرواح المئات من الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية في محافظة عدن (جنوبي البلاد) خلال ثلاثة أعوام.
وسلط التقرير الذي حمل عنوان “القاتل الخفي” الضوء على تنامي ظاهرة الاغتيالات في عدن والتي تستهدف بطريقة ممنهجة شرائح معينة من العسكريين والأمنيين والمدنيين في ظل غموض لف مصير التحقيقات، وصمت الأجهزة المسؤولة عن الأمن في المدينة، على رأسها قوات الحزام الأمني المدعومة إماراتياً.
ورصد التقرير الذي سرب إلى وسائل الاعلام، (103) عمليات اغتيال خلال الفترة من 30 أغسطس 2015، وحتى 28 أكتوبر 2018، في محافظة عدن الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً منذ استعادة القوات الحكومية السيطرة عليها في 17 يوليو 2015.
واعتمدت سام في تقريرها على منهجية الإحصاء القائمة على الرصد والتوثيق لعملية الاغتيالات وعملت على متابعتها من خلال وسائل الإعلام، والتواصل مع أهالي الضحايا، والمعنيين، والجهات الحقوقية والأمنية سعيا منها لفك لغز هذه الجريمة المقلقة، التي دفعت الكثير من القيادات السياسية والدينية إلى الهجرة من مدينة عدن والبحث عن مكان آمن لا تطاله يد الاغتيالات.
رجال الأمن في رأس القائمة
وحل رجال الأمن في رأس قائمة المستهدفين، بواقع (42) شخصا، يتوزعون على كل من البحث الجنائي، جهاز الأمن السياسي، وأمن مطار عدن، يليهم يليهم شريحة الخطباء والأئمة، وبلغ الضحايا منهم (23) شخصا منهم ، ثم العسكريين بعدد ثمانية أشخاص يليهم قيادات وأفراد في المقاومة بواقع سبعة أشخاص، إضافة لفئات متنوعة بعدد 14 شخصا بينهم نشطاء ورياضيون وأساتذة وقضاة وأعضاء نيابة.
ورجح التقرير إن يكون استهداف رجال الأمن يهدف لاضعاف الجهاز الأمني في عدن وإحداث شلل في عمله، خاصة لدى الأفراد الذين لديهم الخبرة وبعض المعلومات الهامة، وربما لوجود عمليات تصفية بين مراكز نفوذ في مدينة عدن يسعى أحدهم إلى إضعاف الطرف الآخر، والسيطرة على مفاصل الألجهزة الأمنية في مدينة عدن.
ووثق التقرير استهداف ضباط في أمن المنافذ، خاصة مطار عدن، وميناءها، اللذين يعدان بوابة الارتباط بين اليمن والعالم الخارجي، ويعملان على التدقيق في حركة المسافرين من وإلى اليمن، وقد سجلت المنظمة 8 وقائع اغتيال. لافتا أنه من خلا تحليل المناصب التي كان يشغلها الضحايا، بدا أن هناك عملية ممنهجة للسيطرة على المنافذ البحرية والجوية في مدينة عدن، وخاصة ما يتعلق بعمليات التهريب.
2016 الأكثر دموية
وأوضح التقرير أن العام 2016، كان أكثر الأعوام دموية، حيت وثقت (45) واقعة اغتيال وبنسبة تصل إلى (48%)، من إجمالي الضحايا، وكان أغلب ضحايا تلك العمليات من رجال الأمن والقيادات العسكرية، وهو العام الذي تلا استعادة مدينة عدن من الحوثيين، يليه العام 2018، بعدد وصل إلى (24) عملية اغتيال، وهو العام الذي شهد توترا مسلحا كبيرا بين ألوية الحرس الرئاسي، وقوات الحزام الأمني المدعومة اماراتيا.
وأشار الى أن أغلب الفئات المستهدفة بالاغتيال في هذا العام كانت من العسكريين والخطباء، بنسبة (26%). أمّا العام 2015، فقد سجل عدد (13) واقعة اغتيال، بنسبة تصل (14%) وأخيرا العام 2017، بعدد (11) عملية وبنسبة تصل إلى (12%).
وتشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن (18) حادثة اغتيال جرت في كانون ثاني (يناير) 2016، عقب شهر واحد فقط من تعيين كل من عيدروس الزبيدي محافظا لمحافظة عدن واللواء شلال شائع مديرا للأمن.
اطلاق الرصاص الأكثر استخداماً
وبحسب التقرير الذي اعتمد على تحليل وقائع الاغتيالات، تبين أن عمليات الاغتيال عن طريق إطلاق الرصاص على الضحية، هي الوسيلة الأكثر استخداما من قبل الجهة التي تنفّذ الاغتيالات في عدن، فأول عملية تمت بالرصاص كانت في 30 آب (أغسطس) 2015، فيما أول عملية بعبوة ناسفة كانت في 30 تموز (يوليو) من العام التالي، أي بعد 11 شهرا.
وخلص التقرير بأن عنصر النجاح عامل مهم في تفضيل الرصاص على العبوات الناسفة لدى هذه الجماعات، حيث لم تفلح العبوات الناسفة سوى في (5) عمليات اغتيال مقابل (14) محاولة فاشلة، في حين نجحت (79) عملية اغتيال بالرصاص مقابل فشل (15) فقط.
صيرة في المرتبة الأولى
حلت مديرية المنصورة في المرتبة الأولى من حيث الأماكن التي نفذت فيها العمليات بعدد (45 ) عملية اغتيال، وبنسبة تصل إلى (48%) إجمالي العمليات، تليها مديرية الشيخ عثمان بـ(17) عملية، بنسبة تصل إلى (18%) من إجمالي العمليات.
وتوزعت الإحصائيات على باقي المديريات كالتالي: خور مكسر (14 ) عملية، دار سعد ( 4) عمليات، المعلا (4 عمليات) و (4 ) عمليات في محيط عدن، و ( 3) عمليات في صيرة، وعملية واحدة في كل من مديريتي البريقة والتواهي.
داعش على خط الاغتيالات
وبحسب التقرير، أعلن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) مسؤوليته عن ثلاث عملية اغتيال، واحدة منها نفذت ضد اللواء جعفر سعد محافظ عدن السابق والذي قتل مع ستة من مرافقيه بتاريخ السادس من ديسمبر بانفجار سيارة مفخخة استهدفت موكبه.
وأوضح أن الشخصيتان الأخريان من فئة الأئمة والدعاة، وهما الشيخ عبد الرحمن العمراني إمام وخطيب مسجد الصحابة في المنصورة الذي اغتيل بإطلاق نار استهدفه بتاريخ 5 ديسمبر 2017، والداعية فائز الضبياني ،إمام وخطيب مسجد عبد الرحمن بن عوف، والذي اغتيل في 12 ديسمبر 2017م برصاص مسلحين في المنصورة أثناء قيادته لسيارته، وقد تبنى تنظيم داعش عملية الاغتيال، ليبلغ العدد الإجمالي 3 ضحايا فقط، بنسبة 3% من إجمالي عمليات الاغتيال.
توصيات
أوصت منظمة سام الحكومة اليمينة بفتح تحقيق جدي في جميع حوادث الاغتيال والكشف عن الجهات المتورطة فيها، ودعت لتوحيد الأجهزة الأمنية وإلغاء التشكيلات الأمنية المنشأة خارج الأطر الرسمية.
ودعت الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي الى الالتزام بمعاقبة المتورطين في الجرائم المذكورة، وعدم التستر عليهم وحمايتهم تحت أية اعتبارات أمنية أو سياسية، بالاضافة الى توفير الحماية والرعاية الكاملة لذوي الضحايا وتعويضهم عن فقدان معيليهم.
وطالبت في ختام تقريرها لجنة الخبراء البارزين التابعة للمفوضية العامة لحقوق الإنسان المفوضة بالتحقيق في جرائم انتهاك حقوق الإنسان في اليمن وإدراج جرائم الاغتيال ضمن أجندتها لعام 2019، وإيلاء المعلومات الخاصة بالاغتيالات عناية قصوى بالرصد المستمر وتتبع التفاصيل وتبويب المعلومات، وتحليلها سياسيا وأمنيا.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها