عرض كتاب: «القلاع في تهامة اليمن»
لم تهتم الدراسات الأكاديمية بالعمارة الأثرية عموماً والدفاعية منها على وجه الخصوص، وهو ما أسهم في تغييبها على الصعيد البحثي، وعزز من إمكانية إهمالها، لكن هناك قلة من الدراسات التي حاولت أن تسد هذه الفجوة، وقد ضاعف مؤخراً دخول البلد في أتون الحرب والحصار على مدى أربع سنوات تقريبا من هذا الأمر. لكن المثقف اليمني برغم هذه الحرب ما يزال في وهج عطائه، يقاوم التعب وينتج ويوثق الآثار ومكونات الهوية التي يمكن لها أن تتعرض للتدمير والطمس والنهب نتيجة لهذه الحرب، وهو ما فعله الدكتور مبروك الذماري، في كتابه الجديد الموسوم بـ«القلاع في تهامة اليمن، دراسة أثرية معمارية وتوثيقية» الصادر مؤخراً عن دار «نور حوران» بالشراكة مع دار «العراب» في سوريا.
قلاع تهامة
تناول هذا الكتاب القلاع التاريخية الدفاعية في سهل تهامة اليمن خلال الفترة التاريخية 1336-945ه/ 1538 - 1918. وتتجلى أهميته في كونه يستعرض واحداً من أهم أنواع التراث المادي الذي لا يزال حياً برغم الإهمال الذي تعرض له من قبل الجهات المعنية في الحقبة الماضية، فضلاً عن توثيقه لها، والكشف عن دورها التاريخي، والاستراتيجية الدفاعية التي اتبعت في بنائها، وبيان أهميتها مستقبلا وكيفية الاستفادة منها في عدد من الجوانب لاسيما الجانب التنموي.
وقد حاول المؤلف تصحيح النظرة السائدة لدى معظم اليمنيين، لاسيّما أهل تهامة منهم، في كون هذه القلاع تعود كلياً إلى الوجود التركي في اليمن، ويقول في حديث له مع «العربي» إن «بعض القلاع أنشأها الولاة العثمانيون وهي تحمل تأثيرات عثمانية من حيث مخططاتها الهندسية وعناصرها المعمارية والدفاعية. وأخرى أنشأها اليمنيون، وجميعها تحمل خصائص العمارة المحلية اليمنية الخاصة بمنطقة تهامة. وكثير منها تعرض للتجديدات في فترات زمنية متلاحقة».
وأكد في حديثه أنه «قد تم تتبع تاريخها وعمارتها منذ فترة إنشائها حتى وقت إعداد الدراسة».
ويشير إلى أن «من أهداف الكتاب التعريف بأهمية القلاع في تهامة اليمن وتوثيقها أثريا وإبراز خصائصها المعمارية والدفاعية. والكشف عن التأثيرات المعمارية المتبادلة للقلاع داخل اليمن وخارجه. وكذا إنجاز خارطة أثرية تتضمن مواقع القلاع الباقية والمتهدمة في مجال تهامة خلال فترة الدراسة، ودور القلاع في التاريخ السياسي والحربي لمنطقة تهامة باليمن خلال فترة الدراسة».
الأهمية
يعتبر هذا الكتاب من أهم الكتب في بابه، لأسباب متعددة منها أنه غير مسبوق، فالدراسات التي تتناول المعمار التاريخية عموماً نادرة، ناهيك عن الدراسات التي تتطرق إلى العمارة الدفاعية والقلاع منها على وجه الخصوص، ويؤكد الذماري في حديثه أن «القلاع تمثل إنتاجاً معمارياً وفنياً صادقاً يعبر عن المراحل الحضارية التي مرت بها منطقة تهامة. وتبرز أهميتها في كونها تكشف جوانب مهمة من الأوضاع السياسية والحربية التي سادت في ذلك الوقت، ومحاولة البحث عن تاريخها، والكشف عن وظائفها، ومعرفة خصائصها في إطار تناوله لتطور فنون العمارة الدفاعية في منطقة تهامة اليمن».
ويضيف أن هذه القلاع «تبرز بعضا من نظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وقد ارتبطت الأشكال البنائية لهذه الوحدات الدفاعية في القلاع بشكل وثيق بتطور الأسلحة والوسائل المستخدمة في الحروب. وتعكس مستوى الإبداع الذي وصلت إليه فنون العمارة المحلية بتهامة اليمن».
ويطالب الذماري «الجهات ذات العلاقة أولا حماية مواقع القلاع وإيقاف عوامل التلف خاصة العوامل البشرية ثم القيام بمزيد من الدراسات المتعمقة للقلاع، لاسيما الهندسية والأثرية، وخاصة مقترحات أعمال الترميم والصيانة. وضرورة تبني مشروع إعادة التأهيل من أجل الاستفادة منها واستغلالها في الجانب التنموي من خلال تحويلها إلى مواقع سياحية».
يذكر أن الكتاب جاء في 610 صفحات، وتم تقسيمه إلى مقدمة وقسم نظري وقسم تطبيقي في بابين تناول الباب الأول القلاع المتهدمة، والباب الثاني القلاع التي ما تزال باقية، ثم أتبعها بخاتمة تناول فيها أبرز النتائج والتوصيات.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها