«حلا حالي»... عرض مسرحي يقاوم العنف والتمييز بصنعاء
متنقّلة طريقة عرضها ما بين تقنية «البلايك لايت»، والخيال الظل، والمسرح الواقعي والمشاهد المصورة بالفيديو، جاءت مشاهد وأحداث مسرحية «حلا حالي» متناسقة مبهرة، مُسجّلة حضوراً جماهيرياً لافتاً في قلب صنعاء الصامدة في وجه الأزمات المتتالية، والحروب والحصار الخانق للعام الرابع على التوالي.
المسرحية التي أزيح الستار عن مشاهدها، عصر الجمعة 24 أغسطس 2018م، على خشبة مسرح المركز الثقافي بصنعاء، جاءت رسائلها صارخة بحقوق المرأة في التعليم والعمل والميراث، وقدرتها على تجاوز قيود مجتمعيّة عدّة، واتّجهت خلاصة فكرتها الأساسية لإعلاء قيم التسامح والمحبة والسلام والاستقرار في أوساط المجتمع، نابذةً بذلك وبلغة فنيّة راقية، كافة أشكال العنف والتمييز والظلم المجتمعي.
حضور جماهيري
أكثر من 1500 مشاهد ومشاهدة اكتظّت بهم مقاعد وفراغات قاعة المركز الثقافي بصنعاء، حضروا من أجل الاستمتاع بمشاهد المسرحية، التي قدّمها كوكبة من نجوم المسرح في اليمن، يأتي في مقدمتهم الفنان القدير يحيى ابراهيم، فيما شاركه بطولة المسرحية كل من الفنانين: طارق السفياني، وقيس السماوي، والفنانة تغريد الصنوي، والمسرحية من إنتاج «مؤسّسة القيادات الشابة»، والمنتج المنفذّ «مؤسسة الوفاء للإنتاج الإعلامي والفني».
مُخرج المسرحية وكاتب نصوصها، الفنان الشاب، عبدالله يحيى إبراهيم، يقول إنّه «اقتبس اسم المسرحية من إسمي الأخوين حلا وحالي، وهم إخوة الفتاة ظلام، وجميعهم أبناء الأب الحاج، حامض، وهي الأسرة التي تدور أحداث المسرحية في محيطها المجتمعي والزمني، منذ استياء الأب حين رزق بالطفلة ظلام، مروراً برفض أخويها بعد ذلك حلا وحالي اللعب معها، باعتبار ذلك أمراً معيباً بحق الفتاة، أيده بقوّة والدهم حينما اشتكت له ظلام، وانتهاءً بحرمانها من حقّها في الميراث بعد وفاة والدها الذي أوصى بذلك»، ويعبّر مؤلّف المسرحية عن شعوره بالفخر والاعتزاز بدور والده في المسرحية، الفنان يحيى ابراهيم، والذي لعب أيضاً دور حلا، وقال مؤلف المسرحية عن والده إنه «قدّم الدور بشكل كبير جداً، وأنا افتخر كونه والدي ومدرستي الأولى والأخيرة، وهو بالنسبة لي صديق قبل أن يكون أب».
مشاهد حيّة ولقطات فيديو
المسرحية التي أُنتجت بدعم من منظمة «اكسفام» و«أوام»، يقول المخرج عبد الله يحيى إبراهيم في حديثه إلى «العربي»، أنها «أعطت رسائلاً للمرأة»، مضيفاً «المرأة لم تستسلم لليأس، وإنما قاومت أشكال العنف والتمييز والظلم الذي لحق بها، وذلك إتكاءً على صور الجانب المشرق والايجابي في حياة المرأة». وتابع أنه «في تفاصيل قصّة المسرحية رزقت ظلام بولد طائع لها، يحبها بشكل كبير ويحاول أن يعوضها عن كل ما حرمت منه».
من جانبه كاتب المسرحية، لفت إلى أنهم «أظهروا الجانب المشرق في حياة المرأة، طاعة الوالدين، وحب الغبن لوالدته، في العمل المسرحي بطريقة تجمع ما بين الخيال الظل، وأيضاً تجمع ما بين المشاهد الحية، ولقطات الفيديو عرضت على (بروجكت) على خلفية خيال الظل بشكل جميل، وتكنيك مميز ومتناسق جداً»
وأعطت المسرحية حيزاً لافتاً لقضايا النازحين، وخاصّة النازحات، في ثنايا أحداث المسرحية، التي عُرضت للجمهور في صنعاء مجاناً، حيث تضمنت أحد فقراتها نشوب خلاف بين قبيلتي حلا وصديقه مروان، على خلفية قضية قتل ذهب ضحيتها إبن ظلام، تطور إلى اشتباك مسلّح، وتسبّب الصراع بنزوح كثير من الأسر، وتطرقت أيضاً إلى معاناة أسر النازحين وازدحامهم في السكن ودورات المياه. يقول مخرج المسرحية: «من رسائل المسرحية أن للنساء احتياجات خاصة ربما أبلغ من الغذاء، وصعب أن يطلبنها حين يكون الحصر للنازحات بواسطة رجال».
صراع مختلط بين الكوميديا والتراجيديا
وفي مشهد حين أمسك إخوة ظلام بمروان قاتل إبنها، وتركوا القرار لشقيقتهم لكي تأخذ ثأرها بيدها وتقتل قاتل ابنها، تقرر ظلام في نهاية العمل المسرحي كتمان غيظها، وترفض استجرار الثأر والصراع المسلّح، فتعفو عن مروان حقناً للدماء. وبحسب مؤلف المسرحية، فقد «حملت هذه المشاهد صراعاً جميلاً في العمل المسرحي، صراعاً اختلط ما بين الكوميديا في بداية المسرحية وأيضاً التراجيديا».
وحول جديد الكاتب والمخرج المسرحي، عبدالله يحيى ابراهيم، يكشف «اعتزامه تقديم عرض مسرحي جديد ثامن أيام عيد الأضحى بقاعة المركز الثقافي بصنعاء، يحمل عنوان (بدون عنوان)»، مضيفاً أنه «يحضّر لأعمال قادمة سواءً كانت أفلام أو كليبات، أعمال تلفزيونية، من ضمنها إنتاج إعلانات وأفلام وثائقية».
ويعبّر عبدالله يحيى ابراهيم، عن شكره لموقع «العربي» على المتابعة والاهتمام بالمسرحية، كما وجه شكره لكل الفنانين وطاقم العمل والشباب الموجودين في العمل و«مؤسسة القيادات الشابة».
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها