عدن.. اغتيالات متكررة والفاعل مجهول
لم تكن حوادث الاغتيالات التي شهدتها العاصمة اليمنية المؤقتة عدن في الأيام القليلة الماضية الأولى من نوعها، لكنها الأكثر تأثيرا في الوجدان اليمني لأسباب عدة، منها أن بعضها كان ضحاياها عائلة بكامل أفرادها.
وتشهد عدن موجة من العنف المستمر منذ تحريرها قبل ثلاث سنوات وخضوعها لسيطرة الإمارات، ويُعاني سكانها الخوف من شبح الاغتيال الذي اختلطت أوراقه، في ظل غموض لف مصير التحقيقات، وصمت من قبل الأجهزة المسؤولة عن الأمن في المدينة.
وقال الناشط في عدن فؤاد المقطري إن المدينة أصبحت تستيقظ وتنام في كثير من أيامها على أخبار جرائم القتل والاغتيال، الذي أخذ يطال الجميع.
وأضاف للجزيرة نت أن السكان يعيشون وسط "حالة من فقدان الأمن والأمان، ويواجهون خطر الموت العشوائي".
عمليات وأرقام
وتعد حادثة اغتيال الدكتورة نجاة علي مقبل عميدة كلية العلوم الصحية في جامعة عدن وابنها وحفيدتها الطفلة خامس عملية في أقل من أسبوعين، في حين تشير أرقام غير رسمية إلى نحو 400 عملية استهدفت عسكريين وشخصيات اجتماعية ودينية، خلال العامين الماضيين.
وازدادت موجة الاغتيالات ضراوة في المدينة بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها عدن أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، بين قوات الحماية الرئاسية ومليشيا المجلس الانتقالي الانفصالي المدعوم من الإمارات، ولم يخل ضحاياها من ارتباطات بأطراف الصراع على النفوذ في المدينة.
وخلال الأشهر المُنصرمة من العام الجاري برز التركيز على قيادات الرأي العام في المدينة، خصوصا منهم الدعاة وأئمّة المساجد المحسوبين على التيّار السلفي وحزب التجمّع اليمني للإصلاح، حيث قُتل منهم نحو 29 شخصا في غضون الأشهر الستة الماضية.
مسلسل الاغتيالات
ومع استمرار مسلسل الاغتيالات، تعالت الأصوات مجددا للمطالبة بإصلاح المنظومة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال وزير الشباب والرياضة نايف البكري إن الفشل الأمني الحاصل في عدن سببه تعدد الأجهزة الأمنية وتضارب مهامها.
وحذر الوزير اليمني في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي من استمرار الجريمة في العاصمة المؤقتة، لافتا إلى أن ما يحدث من عمليات قتل وإرهاب للناس تجاوز كل الخطوط الحمراء.
وتعاني عدن من تعدّد الأجهزة الأمنية وعدم تبعيتها لأي جهة حكومية، فأمنها يقوده شلال شايع، وقوات مكافحة الإرهاب يقودها يسران المقطري، وكلاهما يواليان "المجلس الانتقالي الجنوبي" المناهض للحكومة الشرعية والمدعوم إماراتيا.
وتتمثل أكبر المجموعات المسلحة في عدن في قوات "الحزام الأمني" التي تتحكم بالملف الأمني بالمدينة، وهي عبارة عن قوة أمنية وعسكرية تضم في صفوفها جمعا متنوعا من الضباط والعسكريين اليمنيين ونشطاء الحراك الجنوبي وبعض المحسوبين على "التيار السلفي"، وتعرف بولائها لدولة الإمارات.
ويصف المحلل السياسي اليمني عبد الرقيب الهدياني الوضع الحالي في عدن بأنه عبارة عن تعدد مليشيات تحكم سيطرتها ونفوذها على المدينة، في إشارة منه إلى الوحدات العسكرية والأمنية التي تدعهما الإمارات بالمدينة.
وقال في حديث للجزيرة نت إن هذه المليشيات ليست أجهزة أمنية رسمية، وهي غير منضوية في إطار وزارة الداخلية اليمنية، وأضاف أن هذا التعدد أفرز وضعا أمنيا مختلا في المدينة.
فوضى وانفلات
ويعزو خبراء ومحللون عسكريون الفوضى والانفلات الأمني الحاصل في عدن إلى حالة التنافر بين القائمين على الأجهزة الأمنية ومستوى القيادة العليا للبلاد.
ويرى الباحث المختص في النزاعات المسلحة علي الذهب أن كفاءة وفاعلية الأداء الأمني لا تقوم على السطوة البوليسية وحدها مهما بلغت قوتها، ولكن على التعاون والالتفاف الشعبي والمؤسسي مع السلطات الأمنية المعنية بذلك، وهذا ما لا يتوفر في الوقت الراهن في عدن.
وقال في حديث للجزيرة نت إنه في ظل حالة التفكك هذه تنتعش الجريمة، سواء في مفهومهما التقليدي أو المنظم، فضلا عن الإرهاب والجريمة السياسية وأعمال التخريب المناوئة للأطراف المختلفة، أو فيما بينها.
وأضاف "يجب أن تحدد الجهات المعنية بمهام حفظ الأمن، وتحديد اختصاصاتها، وتوحيد مصدر متخذ القرار ومتلقيه، وأن يكون كل مواطن خفيرا. وهذه الأخيرة تحتاج جهدا إعلاميا كبيرا، فضلا عن الوفاق السياسي، الذي يشجع على ذلك".
المصدر : الجزيرة
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها