التهافت في توظيف المأساة اليمنية
تضمن البيان السعودي البريطاني الصادر عن زيارة ولي العهد السعودي الامير محمد ين سلمان ، في جانب ، منه الوضع في اليمن .
تناولت الفقرات المتعلقة بالوضع في اليمن عناوين هامة لخصت الرؤيا المشتركة للحل ،غير أن أهم ما يمكن الإشارة إليه هنا هما الفقرتين التاليتين:
- أكد البلدان أهمية التوصل إلى حل سياسي للازمة في اليمن بالاستناد إلى المرجعيات الثلاث : المبادرة الخليجية ، مخرجات الحوار الوطني ، القرار ٢٢١٦.
- اتفق البلدان على أن أي حل سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء التهديدات الأمنية للملكة العربية السعودية وغيرها من الدول الأخرى .
وهناك فقرة أخرى لها دلالتها والتي تشير إلى الاتفاق مع شركاء دوليين ، بما في ذلك الأمم المتحدة ، للاتفاق على آلية لدفع رواتب القطاع العام في جميع أنحاء البلاد .
جاء البيان مخيباً لآمال كل من راهن على توظيف الأزمة الانسانية في اليمن للتشويش على الموقف البريطاني من الازمة اليمنية .
فالتمسك بالمرجعيات الثلاث أعاد إلى الأذهان تلك التسريبات التى جرى التطبيل لها عن أن بريطانيا ستتخلى عن القرار ٢٢١٦، وعن أن هناك حلول سياسية يجري التحضير لها خارج المرجعيات الثلاث . كما أن الحل السياسي إرتبط بأمن المنطقة بتعبير واضح لا لَبْس فيه ، وهو أمر له دلالته التي لا يمكن أغفالها حينما يتعلق الأمر بمشروعية دعم النظام الشرعي والدستوري في اليمن والذي يؤمن الاستقرار والسلام واحترام الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق وكذا القانون الدولي .
ويمكن القول أنه منذ أن تسربت أخبار عن زيارة ولي العهد السعودي أخذت جهات كثيرة تعمل ليل نهار على تكوين سيناريو لتوظيف الوضع الانساني في اليمن ليقذفوا به في وجه الزياة .
وبخسة المتهافت الذي يرى في عذابات الناس غنيمة ، عمل هؤلاء على تحويل الكارثة اليمنية ، التي تسببوا بها ، إلى وسيلة لإقتحام مسار الزيارة متناسين أن بريطانيا بلد يتسع للرأي ولكنه يضيق برداءة التعبير عنه ، وأن خصوبة الثقافة السياسية في هذا المجتمع لا يمكن أن تسمح بحملٍ مشوه ينتقص من الموقف المحترم لبريطانيا تجاه القضية اليمنية ببعدها السياسي الذي تسبب في هذه الكارثة الانسانية ، والذي لن لا يمكن حل المسألة الانسانية قبل التوصل إلى حل بشأنه .
إن حركة الجدل الواسعة التي شهدتها هذه الفترة قد ارتدت على هؤلاء المتهافتين في صيغ سياسية ونقاشات راقية في البرلمان البريطاني وغيرها من مراكز اتخاذ القرار ، متناولة البعد السياسي للأزمة والذي حاولت الدعاية الإعلامية لهؤلاء إخفائه وراء الكارثة الأنسانية .
لقد خدموا القضية اليمنية إعلامياً من حيث أرادوا توظيفها لمشروعهم الفاشل ، ولا أدل على ذلك من البيان الذي تناول القضية اليمنية ببعدها السياسي والانساني معاً وبموقف ازداد وضوحاً ولم يتغير قيد أنملة .
ومما تضمنه البيان مثال شديد الوضوح على التحول في فهم تفاصيل الأزمة ، وهي أن البعض بالأمس عندما كان يملأ الدنيا صراخاً حول الحصار البحري وأثره الانساني على حياة الناس فيخرسون كثيراً من الألسن ، وجاء تقرير لجنة الخبراء الدولية ليبرز مسألتين ذاتا صلة إلى الواجهة، وهما تهريب الأسلحة الايرانية الى الانقلابيين الحوثيين من الموانئ والمنافذ البرية ، والحصار الظالم الذي يمارسه الانقلابيون على تعز والمدن التي تحت سيطرتهم واللذان كان استشهد بهما بوريس جونسن وزير الخارجية البريطاني في مؤتمره الصحفي في تأكيد على أن الوضع الانساني هو نتاج للحرب التي "تسبب فيها الحوثيون (the insurgents) " بلسان ألستر بيرت الوزير في وزارة الخارجية لشئون الشرق الأوسط وشما أفريقيا.
بريطانيا ساحة لعرض الحجج ، وليست خشبة مسرح للاستعراض الديكوري الذي لا يحترم عقل الانسان .
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها