طارق صالح بين خيارين أحلاهما مُر ..فأي وجهة يختار؟
يبدو أن الدور المتوقع من العميد طارق محمد صالح، عقب تمكنه الفرار من قبضة «أنصار الله» ومغادرة صنعاء، مبالغ فيه لاعتبارات عديدة، بعضها له علاقة بطارق نفسه، وأخرى تتجه إلى مجمل التعقيدات التي تعاني منها أطراف تحالف الحرب المتنافرة ضد «أنصار الله» وحلفائه، وهو ما يقيد إمكانية قيامه بدور قيادي مستقل في إدارة الحرب على مستوى الجبهات المفتوحة في اليمن، إلا في حال قبِل أن يكون محكوماً بالقانون العسكري، وما يمليه من تراتبية في التسلسل العسكري الذي يبدأ من الرئيس ونائبه ووزير الدفاع ورئاسة هيئة الأركان، وهو ما يوجب أن يسبقه اعترافه بـ«الشرعية» التي لم يعترف بها يوماً.
وفي هذا السياق، فإن علاقة طارق لم تكن يوماً جيدة لا باللواء علي محسن، ولا بعبدربه هادي، بل إنه يمكن القول بيقين إن هذه العلاقة كانت سيئة إلى حد أن هادي ومحسن كانا يحمّلانه أسباب الخلاف مع عمّه، الذي كان قائداً للواء حراسته الخاصة حين كان رئيساً للجمهورية وعقب خروجه منها.
وبحكم عمله آنذاك، فإنه كان الأكثر تواجداً وقرباً من الرئيس، إذ هو من كان يحدد ترتيب وطريقة دخول الوافدين إليه، وفي عمل كهذا لا يمكن منع حصول احتكاكات تؤدي إلى خلق حساسية، خاصة إذا كان المتضرر من ذوي المناصب الكبيرة، وهو ما حصل في إحدى زيارات صالح لمحافظة الحديدة، حين منع دخول سيارات حراسة هادي إلى مكان تواجده، وكان حينها نائباً للرئيس، واعتبرها هادي بأنها لا تتوافق مع إحترامه لمكانة منصبه.
كما أن التصاق طارق بالرئيس، قد جعله شاهداً على لقاءات خاصة كان بعضها يخصّه بشكل أو بآخر، وهو ما يضطره للتدخل إما للتوضيح أو دفاعاً عن نفسه، كما حصل ذات لقاء بين محسن والرئيس مع بداية عام2011، وحصل أن اتهم الأول طارق بوقوفه خلف كمين استهدف أحد الذين انضموا للثورة، من سنحان، لا يستدعي السياق ذكره، وهو ما دعاه للدفاع عن نفسه، ولكن برد تجاوز ما تفرضه مكانة الرجل وسنّه، إلى حد نعته بالكاذب، وحينها اعتبر صمت صالح، أما أن يكون موافقةً أو عجزاً.
هذه العلاقة هي نفسها التي حكمت علاقته بأولاد الشيخ الأحمر، وعلى رأسهم حميد وآخرين. وهنا قد يكون من الصعب الجزم بإمكانية تعدي ماضٍ مشحون بسوء النوايا إلى حاضر تكتنفه المودة والتعاضد لمواجهة عدو مشترك.
طارق من ناحية أخرى لم يكن على احتكاك، أو له علاقة مباشرة بألوية الحرس الجمهوري، كقيادات أو أفراد، وهو ما تجلى حين غاب هؤلاء في معركة الدفاع عن قائدهم الأعلى السابق في المواجهات التي قادها ضد مسلحي «انصار الله»، حيث لم يشارك في القتال سوى حراسة صالح الخاصة، وهم بالكاد يصل عددهم إلى 200 جندي، بالإضافة لإى عشرات من القبليين والسلفيين. وهو ما يقلل من تأثيره في إعادة تجميع قوات الحرس الذي لم يتم التواصل معهم طوال العامين الماضيين، وتركهم يواجهون مصيرهم بعد أن هيكلهم هادي حين كان لازال رئيساً، وتخلى عنهم باعتبارهم محسوبين على سلفه، قبل ومع دخول «الحوثيين» صنعاء.
والمتغير يمكن أن يحصل في حال تدخل قائدها السابق العميد أحمد علي، الذي لازال يحظى بقدر كبير من الإحترام الشخصي، وتكفل «التحالف» بدفع مرتباتهم كاملة. مثل هذه التعقيدات وغيرها المتمثلة بوجود عوامل تفجير مانعة لإنشاء أي ائتلاف متجانس يمكن أن يؤسّس لجبهة واحدة في ظل وجود أطراف وجيوش متعددة هي في الأصل غير متوافقة مع بعضها حتى تقبل بوافدين يعدون أسباب تفجير إضافية.
هذا هو ما خطط له محمد بن زايد، لتحديد مسار القتال في اليمن بجعلها جزر متعددة تحكمها قوات ميليشيا ولكن بلباس عسكري. وهو ما يرمي بظلال من الشكوك حول هدفها الجديد من تبني أولاد صالح، ودفعهم لتشكيل جيش يضاف إلى جيوش أخرى وحزب «مؤتمر» آخر يزاحم «مؤتمرين» آخرين، أحدهما في صنعاء والأخر في الرياض.
ولم يمنع من تحقيق هذا الهدف حتى اليوم على الأقل سوى عدم حسم أحمد علي، الموافقة على القبول بالمهمتين، على الرغم من حجم الضغوط التي مورست عليه ، وهو ما قد يدفع أبو ظبي إلى تقسيم المهمتين بين أحمد وطارق، بحيث يضطلع الأول بقيادة الشق السياسي، بينما الآخر يقود ما يوكل إليه في الجانب العسكري. وبطبيعة الحال، فإن رغبة مثل هذه لن تصبح واقعاً في حال معارضة محمد بن سلمان، الذي لا بد سيكون حريصاً على تسوية يكون ضمنها هادي، وإن بقيادة صورية.
*من صفحته بالفيسبوك.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها