«أسواق سوداء» تبتلع مخزون "الوقود" في عدن
شركة النفط اليمنية، فرع عدن، هي أحد أهم المرافق الإيرادية للدولة، إلا أن أزمات الوقود التي تشهدها المدينة مستمرة، على الرغم من تحقيق الشركة أرباحاً شهرية تتجاوز ملياري ريال يمني، مقابل احتكارها تسويق المشتقات النفطية في السوق المحلية.
عشوائية عملية استيراد المشتقات النفطية، وعدم توفير كميات جديدة قبل استنفاذ المخزون، كان بمثابة «وقود» لأزمات متلاحقة. أصبح معها اصطفاف السيارات والشاحنات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، مشهداً يومياً مألوفاً، يتسبب بشلل حركة النقل، فيما أسعار المواصلات في ارتفاع، وانقطاع التيار الكهربائي في ازدياد.
شركتا «عرب جلف» و«رأس عيسى»، والمملوكتان لتاجر النفط، أحمد العيسي، تحتكران استيراد النفط، وتنتهجان آلية غير قانونية من خلال ضخ المشتقات النفطية، لتخفيف أزمة الوقود في السوق المحلية، من دون مناقصة أو اتفاق على سعر محدد، ومن ثم وضع أسعار كبيرة، وفرض سياسة الأمر الواقع، ما تسبب بخسائر كبيرة لشركة النفط في عدن.
مدير عام شركة النفط في عدن، ناصر مانع بن حدور، أكد اليوم الجمعة، أن انفراج أزمة المشتقات النفطية بات وشيكاً، وأن عملية التأخير في تنفيذ بنود الاتفاقية، التي كان قد وقعها خلال فترة تواجده مؤخراً في السعودية مع إحدى الشركات النفطية، إنما يعود لضرورة استكمال الطرف«عدم تمكين مصافي عدن من الخام ترك يد العيسي مطلقة على احتكار الخزانات والنقل» الآخر المعني بالاتفاقية، بعض الإجراءات الفنية الروتينية، فضلاً عن أهمية إجراء ما يلزم من تأمين كميات الوقود المفترض وصولها تباعاً إلى عدن، والتي ستغطي احتياج الجمهورية لمدة عام كامل.
بدوره، أشار أحد أعضاء «هيئة مكافحة الفساد الجنوبية»، إلى أن «عدم تمكين مصافي عدن من الخام، ترك يد العيسي مطلقة على احتكار الخزانات والنقل في المصافي، وأدى إلى إيجاد تصادم ما بين المؤسستين، بعد إفراغهما من عملهما وإدارتهما الحقيقية»، مضيفاً أن «كثيراً من حالات الفساد، نراها تتكرر أمامنا، وننشرها بشكل دوري، وهي معروفة لدى الجميع».
وعلى الرغم من توجيهات رئيس الوزراء، بكسر احتكار استيراد المشتقات النفطية في عدن، أسوة بالمحافظات اليمنية الأخرى، إلا أن شركة واحدة واصلت احتكار عملية تموين الشركة بالوقود، عبر لوبي نافذ، مارس ضغوطاً لإفشال كافة المناقصات التي تشارك فيها شركات منافسة.
خسائر فادحة تكبدتها شركة «نوفا» لاستيراد المشتقات النفطية، عقب مشاركتها في إحدى المناقصات التي أعلنتها شركت النفط ومصافي عدن، وعلى الرغم من تقديمها أقل سعر بضمان بنكي، إلا أن المناقصة تم إرساءها على شركة «العيسي»، وهذا ما أكده محمد حازب، مدير شركة «نوفا».
ويشكو المواطنون من انعدام مادتي البترول والديزل في المحطات التي بدت مهجورة من الحركة، فيما تتواجد محطات قليلة في مناطق مختلفة، تعمل لفترات وجيزة، لكنها سرعان ما تغلق بسبب انتهاء مخزونها. ويرى السائق حمود الميسري، أن «تلك الأزمات يقف وراءها تجار السوق السوداء»، مشيراً إلى أنهم «يقومون بذلك من أجل بيع ما يملكونه من مبالغ طائلة، مضيفاً أن «الوضع الحالي لا يحتمل مزيداً من التدهور»، وأن «على الحكومة أن تقف ضد هؤلاء، وإلا فإن ذلك يثبت أنها شريكاً لتجار السوق السوداء، والذين تتخطى أرباحهم ملايين الدولارات».
يؤكد مالكو محطات الوقود، أن أزمة المشتقات النفطية تفاقمت، وأن «البترول» بات أحد المشتقات المنعدمة إلى جانب الديزل.
مناقصات شكلية عدة، أعلنتها شركتا النفط والمصافي من دون أن تستكمل إجراءاتها، ففي منتصف فبراير الماضي، تم إعلان مناقصة مشروطة تقضي بإيصال المواد إلى مخازن الشركتين خلال 4 أيام. لم يختلف وضع شركة «مكة» كثيراً عن الشركات السابقة المتقدمة لمناقصات شركتي النفط والمصافي، بحسب مذكرة وجهتها الشركة لاستيراد المواد النفطية والغاز، فقد كانت المتقدم الوحيد، ورست عليها المناقصة، لكن الجهات المعنية، ألغت تلك المناقصة، وهو ما حمّل الشركة غرامات كبيرة.
لم تتنفس مدينة عدن الصعداء منذ الحرب الأخيرة، بسبب الأزمات الخدماتية المتواصلة، لكن عضو «هيئة مكافحة الفساد» الجنوبية، قدم وصفة ناجعة، موضحاً أن الهئية لن تلجأ إلى «استخدام القوة ضد هذه التدخلات»، لأن «السلطات المحلية ضعيفة أمام هذه التدخلات»، إلا أنه أكد أنها ستلجأ إلى القانون «إذا استندت السلطة المحلية إلى القوانين، وفعلت دور الرقابة والتفتيش على المؤسستين، لوضع حد لهذه التدخلات، وإزاحة العراقيل على المستوى الخدماتي في عدن».
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها