تقرير يرصد أبرز وأهم أحداث اليمن خلال 2017
رحل العام 2017 اليمني بملف مثقل بالكثير من الأحداث الساخنة التي شكلت منعطفا مهما في قضاياه المحورية، بما شهده من أحداث دراماتيكية متسارعة بشكل غير مسبوق في كافة الجوانب الحربية والسياسية والإنسانية، وخلق له بصمة ميّزته عن نظرائه من الأعوام السابقة. ورحل العام بالكثير من التفاؤل والأمل في حدوث خرق لجدار الأزمة اليمنية خلال العام المقبل على خلفية التحولات الكبيرة التي شهدتها القضية مع نهاية العام 2017 بعدما أصيب اليمنيون بالكثير من الإحباطات وفقدان الأمل إثر غرقهم في تفاصيل الأزمة الإنسانية ومآلات الحرب المنسية التي لم تنتج لهم سوى المآسي والأوجاع من كثرة الضحايا الذين يسقطون بشكل يومي بقصف وغارات مختلف الأطراف وفي مقدمتهم ميليشيا الانقلابيين الحوثيين وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية.
كان أبرز الأحداث محورية وتأثيرا في اليمن خلال العام في نظر العديد من المحللين والمتابعين للشأن اليمني، انهيار التحالف المسلح بين شريكي قوى الانقلاب على السلطة الشرعية، وهما جماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام، وانتهاء التحالف بمقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، رئيس حزب المؤتمر، عقب 3 أيام من المواجهات المسلحة بين الحليفين السابقين في العاصمة صنعاء مطلع كانون أول (ديسمبر) والذي شكّل نقطة تحول جديدة وغير مسبوقة للحرب وللمسارات السياسية بشكل عام.
وكان قتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح من قبل حلفائه الحوثيين حدثا غير متوقع وغير عادي، أحدث حراكا نشطا على كل الأصعدة الحربية والسياسية، المحلية والإقليمية وغيّر موازين القوى اليمنية، مع ذوبان قوات الحرس الجمهوري النخبوية للقوات اليمنية، التي كانت موالية لعلي صالح، حيث استأثر بها الحوثيون وورثوها من صالح الذي قتل عند انكشاف الوهم الكبير الذي كان يعتقده باستمرار ولاء هذه القوات له، بينما كان الحوثيون هندسوا معتقدات هذه القوات لصالح مشروعهم الطائفي.
ويلي هذا الحدث في الأهمية والتأثير السياسي يمنيا، الإعلان في أيار (مايو) عن تأسيس مجلس حكم انفصالي في الجنوب، بقيادة محافظ عدن السابق المُقال عيدروس الزبيدي، ونائبه وزير الدولة المُقال أيضا السلفي هاني بن بريك، وهما مدعومان بقوة من دولة الإمارات التي احتضنت مجلسهم الانفصالي وساندته ماديا وإعلاميا ولوجستيا، عبر القوات الموالية لها على الأرض وتسهيل التحركات الأخرى، أو عرقلة التحركات الحكومية المناهضة لهم.
والحدث الثالث خلال العام 2017 الذي احتل اهتماما واسعا في الوسط السياسي اليمني، هو التقارب السياسي بين أبو ظبي والرياض من جهة وبين حزب التجمع اليمني للإصلاح، ذو التوجه الإسلامي السني، من جهة ثانية، والذي تم تدشينه بلقاء وليي عهد السعودية محمد بن سلمان والإمارات محمد بن زايد مع قيادة حزب الإصلاح، ممثلة برئيس الحزب محمد اليدومي والأمين العام عبد الوهاب الآنسي في 13 كانون أول (ديسمبر) والذي اعتبره العديد من السياسيين مفاجأة الموسم لما شهده من تحوّل مثير للعلاقة بين الطرفين.
وشكلت الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثي على العاصمة السعودية الرياض خلال العام 2017 تطورا نوعيا في التهديد الحوثي للسعودية، إذ أطلقوا الأول 5 تشرين ثاني (نوفمبر) واستهدف مطار الملك خالد، فيما استهدف الصاروخ الآخر الذي أطلقوه في 20 كانون أول (ديسمبر) قصر اليمامة الملكي، حسب رواية الحوثيين، وتم اعتراض الصاروخين من قبل الدفاعات الجوية السعودية، ولم تحدثا أي أضرار على الأرض، غير أنهما أحدثا صخبا إعلاميا وردود فعل سياسية واسعة النطاق على الصعيد اليمني والسعودي والعربي، جراء هذا التحوّل العسكري النوعي للحوثيين والذي أصبح يشكل خطرا حقيقيا على عمق الأراضي السعودية.
وشكلت هذه الأحداث البارزة عناوين رئيسية في المشهد السياسي اليمني للعام 2017 ويعتقد أن يكون لها تأثير على المسار السياسي المقبل سلبا أو إيجابا وفي صياغة توجهاته التي بدأت تتشكل من خلال المعطيات الراهنة ويتوقع أن تتخلّق ملامحها بشكل واضح خلال العام المقبل 2018.
الوضع الإنساني كان كارثيا في البلاد بكل المقاييس خلال العام 2017 حيث شهد مقتل الآلاف إما بسبب الأمراض وانتشار الأوبئة كوباء الكوليرا وغيره أو بسبب الجوع ونقص المواد الغذائية وانعدام الأدوية والخدمات الطبية في أغلب المدن الرئيسية، وفي مقدمتها العاصمة صنعاء وعدن وتعز والحديدة وإب وغيرها، المتزامنة مع تراجع مصادر الدخل للسكان وتوقف الأعمال وتعثر صرف الرواتب لموظفي القطاع العام والتضخم الحاد للعملة المحلية وتراجع قيمتها الشرائية بنسبة الضعف تقريبا.
وتعالت أصوات المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في اليمن وفي مقدمتها وكالات الأمم المتحدة، للمطالبة بإنقاذ الوضع الإنساني الكارثي في البلاد، غير أن أصواتها بحّت ولا مجيب، وعلى الرغم من حجم الجهود الإنسانية الكبيرة التي بذلتها هذه المنظمات، غير أنها لم تتواز وحجم المآسي والكوارث الإنسانية الكبيرة التي خلفتها دورات الحرب خلال العام المنصرم، وتسببت في ارتفاع فاتورة الكلفة الإنسانية.
وعلى الصعيد العسكري كان تحرير مدينة وميناء المخا، على الشريط الساحلي لجنوب البحر الأحمر، غربي محافظة تعز، من قبضة الميليشيا الانقلابية الحوثية في 23 شباط (فبراير) وكذا تحرير محافظة شبوة، شرقي العاصمة صنعاء، في 20 كانون أول (ديسمبر) من أهم المكاسب العسكرية التي حققتها القوات الحكومية المسنودة بقوات التحالف العربي، خلال العام.
ومن ضمن الأحداث التي خلّفت أثرا بارزا في اليمن خلال العام 2017 والتي أوردتها القدس العربي، كان الإنزال الجوي الأمريكي في قرية يكلا، في بلدة قيفة، التابعة لآل الذهب في محافظة البيضاء في 29 كانون الثاني (يناير) والذي استمر نحو 5 ساعات وأسفر عن مقتل 32 مدنيا، بينهم 17 مسلحا قبليا ومشتبها بالانتماء لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، بالإضافة إلى مقتل بعض العسكريين الأمريكيين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها