الإمارات «تُكبّل» انطلاقة الإنتقالي و«تُقلِّص» تمدّده
تطرح الساحة الجنوبية الكثير من التساؤلات حول جدّية الطروحات التي يعلن عنها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وعن الإمكانات التي ستتيح له تنفيذ هذه الطروحات، خصوصاً بعد ظهور الكثير من المؤشرات التي تبيّن بوضوح مدى ارتباط «المجلس» وتحرّكاته بمصالح الإمارات وأولوياتها في الساحة الجنوبية.
وتتكاثر علامات الاستفهام حول نجاح «المجلس» في استقطاب القاعدة الجماهيرية المأمولة، خصوصاً وأنه منذ تأسيسه في مايو الماضي، يبدو «الإنتقالي» في تراجع على المستوى السياسي والشعبي، فيما ظلّت أهدافه التي أعلنها يوم تأسيسه في تراجع مستمر أيضاً، وظهر نشاطه باهتاً في مهرجانات تدشين فروعه في حضرموت مهرة وشبوة وأبين.
حتى في محافظة لحج، التي تحظى بالحصّة الأكثر في هيئة رئاسة «المجلس»، تمثّل الحاضنة الشعبية له، حيث يتقلّد محافظها ناصر الخبجي، رئاسة الدائرة السياسية فيه، فضلاً عن وجود عدد كبير فيها من القيادات والعسكرية والأمنية والقبلية المؤيدة للمجلس، سجّلت حضوراً جماهيرياً خجولاً في فعاليات «المجلس».
وعلى الرغم من إعلان رئيس «المجلس» اللواء عيدروس الزبيدي، قبل أربعة أيام، عن خطوة تأسيس الفرع والقيادة المحلية للمجلس في سقطرى، لكن ذلك لم يتم، بل غادرت قيادة «المجلس» إلى أبو ظبي، قبل تدشين الفرع.
وقالت مصادر سياسية ، إن « القيادة الإماراتية رفضت تدشن فرع سقطرى، على اعتبار أنها أصبحت تحت الوصاية والسيادة الإماراتية، ولا يحق للمجلس تفعيل نشاطه فيها»، لكن مصادر مقرّبة من «المجلس» أكدت أن «الفشل سببه الحصار الذي فرضه التحالف بعد صاروخ الرياض»، مضيفاً أن «المجلس سيدشّن الفرع بعد عودة قياداته من أبوظبي».
في موازاة ذلك، وضعت «لجنة التصعيد الشعبي»، التي شكّلها «المجلس» قبل شهر، برنامجاً تصعيدياً ضد حكومة هادي، ودعت الشارع إلى التجمهر وسط ساحة الجنيدي في كريتير من أجل إسقاط الحكومة، وتقيم عقب كل صلاة جمعة في كريتير مسيرة جماهيرية، لكن حشود «التصعيد الشعبي» بدت ضئيلة، ولم تلاقِ تلك الدعوات زخماً شعبياً على غرار فعاليات «الحراك» التي أعتاد عليها الشارع الجنوبي قبل العام 2015.
ويرى مراقبون أن الأسباب التي تقف خلف تراجع «المجلس»، منها السخط الشعبي الذي ظهر مؤخراً مناهضاً لسياسات الإمارات في الجنوب، إضافة إلى نشاط مكونات «الحراك الجنوبي» وقيادات «المقاومة»، الذي تصاعد في الأشهر الأخيرة في مواجهة محاولات «المجلس» التصرّف كوصي على القضية الجنوبية، وتمرير مشاريع ترى قيادات «الحراك» أنها «تعسفيّة».
هذا الأمر عبّر عنه القيادي في حركة «تاج الجنوب العربي»، قائلاً إن «مهمة المكوّنات الجنوبية إستعادة الدولة الجنوبية، وليس فرض أشكال الدولة»، مضيفاً أن «هناك مشاريع تطرح على الساحة، وبدأ البعض يحاول فرضها من دون استفتاء، لهذا فإن تاج الجنوب العربي، تميّزت عن كل المكوّنات، بما فيها المجلس الإنتقالي، برفضها فرض أي شكل للدولة الجنوبية قبل وضع الدستور والاستفتاء عليه».
وحاول «المجلس» منذ تأسيسه، أن يكون «صوت الجنوب الوحيد الممثل» لقضيته داخلياً وخارجياً، لكن التحدّيات بدت أكبر من قدرة المجلس الوليد على تحقيق ما يصبو إليه، فتراجع حضوره الشعبي وأداؤه السياسي. هذا التراجع مكّن مكوّنات «الحراك الجنوبي» من استعادة نشاطها في مواجهة «المجلس»، إذ تعتبر خطواته إقصائية لثوار «الحراك».
هذا الأمر عبّر عنه النائب الأول «للمجلس الأعلى للحراك»، فؤاد راشد، في تصريح سابق ، حيث قال إن «هناك من يحاول حرف مسار القضية الجنوبية واستعادة نزق الجبهة القومية وإقصاء الثوار وتصعيد الانتهازيين في محاولة لإعادة التاريخ الذي مضى ولن يعود».
ويرى محللون أن الساحة الجنوبية ستشهد في المستقبل نشاطاً فاعلاً للقوى الساسية وللمكوّنات الجنوبية، من أجل استقلال القضية الجنوبية وعدم استخدامها كورقة لمواجهة حكومة هادي، من قبل دولة الإمارات التي وصفها زعيم «المجلس الأعلى للحراك الثوي»، حسن باعوم، بـ«الإحتلال الجديد للجنوب».
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها