تدهور الريال يضاعف معاناة اليمنيين
تهاوت أسعار العملة المحلية في اليمن (الريال)، بنحو حاد مقابل العملات الأجنبية منذ أن قرر البنك المركزي تحرير سعر الصرف قبل نحو ثلاثة أشهر.
ودفع ذلك، إلى تفاقم معاناة اليمنيين في ظل أوضاع صعبة يعيشونها منذ أكثر من عامين ونصف، بسبب الحرب المشتعلة.
وقرر البنك المركزي اليمني منتصف أغسطس/ آب الماضي تحديد سعر شراء الدولار الأمريكي (370.71 ريال يمني) وسعر بيعه (372.63) ريال.
ووفق رصد "الأناضول" ظل سعر الريال يتراوح حول هذه القيمة في السوق الرسمية والسوداء، قبل أن يبدأ التدهور أواخر الشهر الماضي ليصل حاليا إلى (440 ريال) مقابل الدولار الأمريكي.
وتسبب التدهور في سعر الريال اليمني، إلى صعود كبير في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، ومواد البناء، لتطال آثاره أعمال البناء والإنشاءات الجارية في البلاد.
** ركود السوق
ومع استقرار الأوضاع الأمنية في محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، نزح إليها عدد كبير من اليمنيين وخصوصاً من التجار ورجال الأعمال، الذين بدأوا في بناء مراكز تجارية وخدمية متنوعة، وازدهرت فيها حركة البناء بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية.
ويقول "سلطان الترابي"، مالك مصنع طوب بناء (بلك) في المدينة، إن تدهور سعر الريال اليمني أدى لارتفاع أجور نقل المواد، وارتفاع أسعار المواد الأولية وعلى رأسها الإسمنت.
وأضاف "الترابي" للأناضول، أن هذا الارتفاع مقابل انهيار سعر العملة، أدى إلى ركود في الأسواق وتوقف المواطنين عن الشراء.
ولفت إلى أن المبيعات خلال الأسبوعين الماضيين انخفضت بنسبة 60 بالمائة في المصنع الذي يديره، مضيفاً أن استمرار انهيار سعر الصرف سيسبب مزيدا من الركود في السوق.
ووفق حسابات "الأناضول"، بلغت نسبة الارتفاع في مادة الحديد أكثر من 50 بالمائة خلال الأسابيع الماضية، أدى لعزوف كثيرين عن الشراء في انتظار تحسن سعر الصرف وعودة مواد البناء لأسعارها الطبيعية.
** تأثر العمالة
وأدى هذا التوقف في قطاع البناء والإنشاءات، إلى توقف الأعمال اليومية التي توفر فرص عمل لمئات المواطنين ذوي الأجر اليومي.
ويقول "عبده راجح"، عامل من محافظة إب (جنوب غرب)، ويعمل منذ عام ونصف العام بالأجر اليومي، إن أعمال البناء تراجعت مؤخراً بسبب تدهور سعر الصرف ولجوء تجار مواد البناء للبيع بالعملة الصعبة للحفاظ على رؤوس أموالهم.
وأضاف "راجح" للأناضول، أن الطلب على العمال بالأجر اليومي انخفض بشكل كبير مؤخراً، مع تدني الأجر ليصل إلى 3 آلاف ريال يمني (6.8 دولار) في أحسن الأحوال".
ويقول "راجح" إن نحو 700 عاملا بالأجر اليومي، يتجمعون كل صباح في حراج العمال وسط المدينة، يعود قرابة النصف منهم دون الحصول على عمل.
** أسباب الانهيار
وحول أسباب انهيار الريال اليمني، يقول الصحفي "حسين الصادر" إن التراجع سببه الوضع السياسي الراهن في اليمن، إضافة إلى عدم توحيد الإيرادات التي ما زال بعضها يذهب إلى خزينة الحوثيين، مثل عائدات الاتصالات وجمارك ميناء الحديدة.
ويضيف "الصادر" للأناضول، وهو يشغل منصب مدير عام الأخبار في إذاعة مأرب المحلية الحكومية، أن "البنك المركزي اليمني يفتقد للموارد الداخلية وعائدات الموارد السيادية.. بالتالي فهو غير قادر على فرض سياسة نقدية يتمكن من خلالها على السيطرة على اسعار العملة".
ويرى "الصادر" أن "الوديعة السعودية لن تكون فعالة دون وجود سياسة نقدية مسيطرة".
كان الرئيس اليمني قال السبت من الأسبوع الماضي، إن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" أعلن أن بلاده ستدعم البنك المركزي اليمني بوديعة قدرها ملياري دولار.
وقال محافظ البنك المركزي "منصر القعيطي" الأحد من الأسبوع الماضي، إن الريال اليمني سيتجاوز أزمته قريباً، وأن الوديعة السعودية ستسهم بشكل كبير في الحد من تدهور سعر الريال اليمني، ودعم العملة الوطنية في أسواق الصرف الأجنبي، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.
وسجل الريال اليمني بعد تداول هذه الأخبار أسعاراً متفاوتة لدى كبرى شركات الصرافة في صنعاء وعدن، إذ سجل في صنعاء 410 ريالات، وفي عدن 415 ريالا مقابل الدولار الأمريكي، وفقاً لرصد الأناضول.
** السوق السوداء
بدوره قال مصطفى العزعزي، موظف في شركة المري للصرافة، إن من بين أسباب انهيار العملة، المضاربة بسعرها في السوق السوداء لصالح بعض التجار.
وأضاف العزعزي، في حديثه مع "الأناضول"، أن كبار التجار وشركات استيراد النفط تسحب العملات الصعبة من السوق بشكل كبير جداً، الأمر الذي يفتح السوق السوداء للمضاربة بسعر الريال اليمني.
** تراكمات سابقة
وأرجع "جمال الكامل" مدير عام فرع البنك المركزي اليمني في محافظة "مأرب" أسباب انهيار الريال إلى تراكمات سابقة، تسبب بها الوضع الاقتصادي والحكومات المتعاقبة، ومن ذلك عدم وجود صادرات كبيرة تعمل على جلب العملات الصعبة إلى داخل البلاد".
وأضاف "الكامل" للأناضول "أن تدهور سعر العملة المحلية انعكس سلباً على كافة القطاعات والخدمات بما في ذلك أسعار المواد الغذائية الأساسية، وأسعار مواد البناء".
وأشار إلى أن "البنك المركزي لا يستطيع حل هذه المشكلة لوجود فرعين، فرع في صنعاء خاضع للحوثيين وغير معترف بالسلطات الشرعية، وفرع في عدن يتبع الحكومة الشرعية.. ولأن البنك المركزي أصدر قرار التعويم فهو لا يستطيع الآن التحكم في سعر العملة لأنه ترك المجال للسوق".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها