مسلمون مهددون بالقتل في الهند..بسبب الابقار
شرعت مجموعات من الشبان في مدينة بانيبات شمال الهند، بالقيام بدوريات ليلية مؤخرًا، على طول الطريق المظلم وعلى أسطح المنازل، لإنقاذ الأبقار التي يشتبه بأنها تنقل للذبح.
وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية ،في تقرير نشرته اليوم الأربعاء، أنه في معظم أنحاء الهند يحظر قتل هذا النوع من الحيوانات، التي تحظى بالتبجيل من قبل مئات ملايين الهندوس.
وتعمل لجان الأمن الأهلية في الهند، في بعض الأحيان مع الشرطة، للقبض على الأشخاص الذين يعتقدون بأنهم يعملون على تهريب الأبقار، في مهمة تنطوي أحيانًا على مطاردات بالسيارات السريعة وإطلاق النار بشكل مميت.
وقال رينكو آريا البالغ من العمر “36 عامًا” وأب لثلاثة أبناء، والذي يمضي معظم الليالي وهو يجوب الشوارع: “نحن ملتزمون 100 ٪ بالحفاظ على الأبقار من التشويه والقتل”، وفقًا للصحيفة.
رعاية رسمية وغطاء قانوني
وتأتي أنشطة هذه الجماعات التي تضم آلاف الأعضاء، تحت التدقيق المتزايد في وقت اشتداد النزعة الطائفية واستقطاب النقاش الدائر حول الأبقار في الهند.
والأسبوع الماضي، أصدرت المحكمة العليا في الهند تعليمات إلى حكومات الولايات لتعيين ضباط من الشرطة الخاصة وتكثيف الدوريات على الطرق السريعة للحد منها، ردًا على عريضة تطالب باتخاذ إجراءات أقوى ضد حماة البقر المتشددين.
وكان حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ذو جذور متأصلة في النزعة القومية الهندوسية، جعل من حماية البقر “أولوية” وجزء من إستراتيجية انتخابية على أوسع نطاق، تعتمد على تسخير الأصوات الدينية ووعود لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وشدد الحزب القوانين “لمنع الذبح” في العديد من الولايات، وأثار هذه المسألة أثناء الحملات الانتخابية.
وتشكل الجماعات الهندوسية العمود الفقري الداعم “مودي”، وتؤكد إن هذا الغضب موجه ضد المسلمين الذين يقتلون الأبقار، إما بطريقة غير مشروعة أو عن طريق توفيرها لعدد قليل من الولايات التي تسمح بذبحها.
وكان ذبح الأبقار رمز لعداء المسلمين منذ أمد بعيد للهندوس، وفي حين أن الإسلام، الذي تدين به نسبة 14% من الهنود، لا يحظر أكل لحوم البقر فإن الهندوسية تقدس هذا الحيوان.
ويقول كثير من المسلمين، إنه في هذه البيئة المشحونة حتى الشائعات أو الشكوك التي تنطوي على الأبقار، تستخدم كذرائع لاستهداف مجتمعهم.
وكانت هجمات المسلحين على المسلمين، بما في ذلك أعمال القتل، موضوع العناوين الرئيسة لأشهر، ردًا على ضجة أثارها جزء من الهنود، فيما أدان مودي من جانبه هذا العنف.
فوق القانون ويدعون تطبيقه
وتقول جماعات حماة البقر أنها تساعد على إنفاذ القانون، وليس انتهاكه. ففي إحدى الليالي مؤخرًا وعلى أحد الطرق السريعة سيئة الإضاءة، قام عشرات من جاو راكشا دال أو مجموعة حماية البقر، بالقفز على الشاحنات، لكشف الحيوانات المخبأة والبحث عن أي تسريب لبول البقر. والمركبات التي تثير الشكوك كان يتم تطويقها وإخضاع سائقيها للاستجواب.
وانضم إليهم اثنان من رجال الشرطة من وحدة الشرطة التي أنشئت مؤخرًا لحماية البقر، الذين كانوا يراقبون المتشددين وهم يصرخون ويقومون بعمليات الاستجواب.
وأكد أحد المتشددين، “أن هذه العمليات المشتركة” مثالية، ولكن الشرطة ليست دائماً شركاء موثوق بهم، فقد كانت في بعض الأحيان تترك هذه الجماعات لتتصرف بمفردها.
وأوضح المتشدد الذي يستخدم المصطلح المقدس “البقرة الأم” : “أن الأهداف الرئيسة لهذه المجموعات هم المجرمون المتورطون في تجارة البقر غير الشرعية. إنهم يقومون بتقطيع الأبقار إلى أجزاء وكل جزء يباع مقابل مبلغ ضخم وهذا يجعل الدم يغلي في عروقي”. ومجموعات أخرى تعمل على جمع المعلومات عن آكلي لحوم البقر.
ويقوم مهربو البقر المحنكين بإطلاق النار وقذف الحجارة عندما تتم مواجهتهم، كما يقول الشرطة والمتشددون.
وقال المتشددون، إن خمسة رجال من مجموعة حماية البقر قتلوا خلال العقد الماضي، وقام أعضاء المجموعة بالتوقيع على نشرات تقول إن المجموعة ليست مسؤولة عن مثل هذه النتائج.
وأكد متشددون أنهم ورفاقهم يقومون باستخدام الأسلحة، بما في ذلك البنادق، للدفاع عن النفس. وقالت لجان الأمن الأهلية الأخرى بأنهم يقومون في بعض الأحيان بتهييج خصومهم لإرسال رسالة.
وفي إحدى المقابلات، روى أحد الأعضاء في اللجان، حادثاً من سنة 2014، بينما كان مع بعض السكان المحليين وخلال دورية ليلية، اكتشف رجلاً مسلماً يذبح بقرة في منطقة مشجرة مظلمة فقام بطعنه حتى الموت. وقال بأنه لم يتم القبض عليه.
وتعتمد الجماعات على شبكة واسعة من المخبرين؛ والمراقبين، وأصحاب المتاجر، والقرويين، وموظفي أكشاك الرسوم على الطرق السريعة.
وعندما يستقبل المتشددون إخبارًا حول قيام أشخاص بتقديم غذاء ممزوج بالمخدرات للأبقار الضالة أو إذا تم رؤية قرون الحيوانات من قمة المركبات عندها يحشدون رجالهم عن طريق استخدام المكالمات الهاتفية وتطبيق الواتساب.
مؤكدين: “لدينا شباب متأهبين على مدى 24 ساعة في اليوم”. في حين أن إحدى الفرق الذي يضم صاحب متجر حلويات، وبائع أحذية، وسائق حافلة قام بتحرير آلاف الأبقار. كانت رنة هاتف أحد الرجال هي أغنية عبادة عن الأبقار. كما أنهم يستخدمون أشرطة فيديو عمليات الذبح كأدوات للتوظيف.
حوادث مسجلة
وفي وقت سابق من هذا العام، تلقى أحد حماة البقر اتصالاً هاتفياً بعد منتصف الليل حول بقرة مربوطة على متن سيارة بيك آب، وقال إنه قام بتنبيه المتطوعين على طول الطريق المشتبه فيها، كما قام بالاتصال بالشرطة.
وعندما اقتربت سيارة المطاردة ذات الدفع الرباعي، قام أحد المهربين المزعومين بإطلاق النار، وتحطيم زجاج السيارة الأمامي. بينما قام شركاؤه بتغطية زجاج سيارة حامي البقر بدرع معدني مقاوم للرصاص ومجهز بفتحة تتناسب مع رؤية السائق، ثم أطلقوا الرصاص مرة أخرى.
وانتهت المطاردة عندما اصطدمت شاحنة المطاردين بما يرجح أنها حفرة. وفر المهربون المزعومون، ولكن تم إنقاذ البقرة.
وبعدها وصلت الشرطة بعد ذلك، وقامت بحذف تفاصيل المطاردة من ملف التحقيق. وقال “بيتو رانا” 24 سنة والذي يعمل سائق حافلة: “لو كانت الشرطة تقوم بعملها لما اضطررنا نحن لفعل ذلك. والحقيقة أنه لولانا لكانت قوانين الأبقار مجرد قوانين على الورق.”
في ولاية “هاريانا” وضعت الحكومة الجديدة لحزب بهاراتيا جاناتا قانوناً صارماً في عام 2015 لمنع ذبح الأبقار وقامت بتشكيل وحدة الشرطة الخاصة في العام الماضي. وسجلت 900 قضية جنائية، وأنقذت حوالي خمسة آلاف من الأبقار واستعادت ما يقرب من 15 ألف كيلوغرام من اللحم البقري، كما تظهر البيانات الرسمية.
وأوضح باني رام مانجلا رئيس وكالة حماية البقر في حكومة ولاية هاريانا، أنه طلب من الشرطة في حزيران/يونيو: “العمل مع إخوانهم في مجموعات حماية البقر”.
وقالت عدد من لجان الأمن الأهلية بأن أكبر علامة على دعم رئيس الوزراء مودي لقضيتهم، كان تعيين الراهب الهندوسي المثير للجدل “أديتياناث يوغي” لقيادة الولاية الأكبر في الهند، وأيضًا المركز للأغلبية المسلمة في البلاد وصناعة لحوم الجاموس.
ولا يعتبر الجاموس مقدسًا في الديانة الهندوسية، ولكن أول خطوة لـ”أديتياناث” كانت تضييق الخناق على مسالخ ومصانع لحوم الجاموس، الذي تؤمن المجموعات الهندوسية بأنها تخفي عمليات قتل البقر غير المشروعة.
ومنذ ذلك الحين، يقول المتشددون إن عدد المركبات التي تحمل الأبقار انخفض بشكل واضح.