كيف ساهمت «رؤوس الأموال النازحة» في إعمار محافظة «مأرب»؟
بدأت محافظة “مأرب” شرقي اليمن، تتعافى مبكرًا من الحرب التي تستعر نارها في البلاد منذ أكثر من عامين، وأصبحت ملاذًا آمنًا لمئات آلاف النازحين الذين ساهموا في إعمارها، بعد أن ظلت منسية لعقود، على الرغم من أهميتها التاريخية والاقتصادية.
المحافظة التي تقع غربي صحراء الربع الخالي، ولا يتجاوز سكان مركزها (مدينة مأرب) قبل الحرب، 33 ألف نسمة بحسب آخر الإحصائيات الحكومية، آوت خلال الأزمة أزيد من مليون نازح، بحسب تصريحات رسمية للسلطة المحلية، وأصبحت مقرًا لمعظم قيادات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية.
وعلى الرغم من أن المحافظة شهدت ظروفًا صعبة بداية الحرب، وحاصرها مسلحو “أنصار الله” (الحوثيون)، منذ أبريل/ نيسان 2015، إلا أنها تنفست الصعداء في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، بعد أن تمكن الجيش من دحر “الحوثيين”، من محيط المدينة حتى مديرية “صرواح” غربي المحافظة.
وباتت مأرب بعد ذلك، ملاذًا آمنًا للهاربين من جحيم الحرب ومن قبضة “الحوثيين”، بما في ذلك عدد كبير من المستثمرين والتجار، الذين ضاقوا ذرعًا بتصرفات “الحوثيين” في مناطق سيطرتهم وانتقلوا لمأرب، التي شهدت ازدهارًا كبيرًا في شتى المجالات.
ويرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، “أن النازحين إلى محافظة مأرب الصغيرة ذات البنية التحتية المتواضعة، يشكلون تحديًا وفرصة في نفس الوقت”.
ويضيف “نصر”، في حديثه للأناضول، أنه “في حين يشكل عدد النازحين الكبير إلى مدينة تفتقر للخدمات وميزانيتها متواضعة، تحديًا كبيرًا وضغطًا على الخدمات من كهرباء وتعليم وصحة، فإنهم يشكلون فرصة أمام المحافظة، لتستفيد من هذه الشريحة أو جزء من النازحين في تهيئة المناخ لاستثمار أموالهم.
وتابع الخبير الاقتصادي “نصر”، أن “عملية الاستثمار تنتقل بشكل طبيعي بحثًا عن الاستقرار”.
وأشار إلى أن “مأرب، أصبحت ملاذًا لانتقال بعض الاستثمارات سواء من تعز أو صنعاء أو عدن أو غيرها”.
ويرى اقتصاديون وأهالي في المحافظة، أنه يتوجب منح التسهيلات مثل إصدار التراخيص، وتسهيل إنشاء فروع للبنوك، والبحث عن منافذ خارجية لتسويق بعض المنتجات وتسهيل العلاقات مع المحافظات الشرقية كحضرموت وبعض الدول كالسعودية.
ونوه رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، إلى أهمية “توطين الاستثمارات الهاربة التي تخارجت من محافظات أخرى”.
ولفت إلى أن “هناك تجارب مشابهة كمدينة “غازي عنتاب في تركيا على حدود سوريا، وصلالة في عُمان التي استقطبت بعض الأموال اليمنية”.
وتنوعت المشاريع الجديدة في مأرب، بين شركات ومؤسسات تجارية وصناعية، ومقاولات، وكسارات أحجار، ومصانع مياه صحية، ومحلات تجارية، ومطاعم وفنادق، ومصانع طوب بناء وخرسانة جاهزة، ومحلات صرافة، وأسواق تجارية ومتنزهات، ومكاتب سفريات وسياحة وخدمات حج وعمرة.
وبيّن “عبد الحق منيف”، مدير عام الغرفة التجارية والصناعية في محافظة مأرب، أن “عدد المشاريع التي تم افتتاحها مؤخرًا، منذ تحرير محيط مدينة مأرب من الحوثيين أواخر 2015، تجاوز 800 مشروعٍ تجاريٍ”.
وأشار “منيف”، في حديثه للأناضول، إلى أن نسبة تتراوح بين 50 – 60% من تلك المشاريع هي للنازحين، والبقية لرؤوس أموال من مأرب كانت تعمل في دول الخليج أو داخل اليمن بالعاصمة صنعاء، ومحافظات أخرى.
وأضاف أن “أهم الأسباب التي دعت الأموال النازحة إلى التدفق، الاستقرار والوضع الأمني بالمحافظة، ووجود القوة الشرائية لدى المواطنين”.
وزاد: “مستقبل رؤوس الأموال في مأرب سيكون كبيرًا وخاصة بعد إنشاء مطار مأرب الدولي والمنطقة الصناعية، وجامعة إقليم سبأ ومدينتها السكنية التي ستوفر حلولًا لأزمة السكن في المحافظة”.
وقدرت السلطة المحلية مطلع 2016، عدد النازحين في المحافظة بحوالي مليون نازح، قدموا من المحافظات الأخرى، ومن مديريات المحافظة التي سيطر عليها أو على أجزاء منها الحوثيون، مثل صرواح، مجزر، حريب، وغيرها.
غير أن بعض النازحين وخصوصًا أبناء المحافظة، غادروا إلى مناطقهم التي تحررت، وكذا عدد كبير من نازحي محافظة الجوف التي تم تحرير مركزها وعدد من مديرياتها من الحوثيين.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها