اليمنيون علي حافة الجوع
عدن بوست - تقرير: الخميس 22 يونيو 2017 11:26 مساءً
عامان من الحرب استنزف اليمنيون كل مدخراتهم التي ظل بعضهم يعمل على توفيرها طيلة سنوات عدة على شكل نقود مالية أو مجوهرات أو أثاث منزلي وما شابه ذلك لتتبخر جميعها في الأسواق مع استمرار الحرب وتصاعد غلاء الأسعار وارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية الأمر الذي ضاعف من معاناة الأسرة اليمنية، الذي يصفه مراقبون بأنه في مستوى بالغ من الخطورة.
وهاهو الشهر الفضيل هذا العام يوشك على الرحيل وغالبية اليمنيين يعيشون أوضاعاً معيشية متردية، خصوصاً الموظفين الحكوميين- وفي مناطق سيطرة الحوثي تحديداً- الذين يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية جراء انقطاع مرتباتهم منذ أكثر من ثمانية أشهر.
مأساة وواقع مرير يعيشه اليمنيون، في ظل الحرب الدائرة رحاها في البلد مذ أكثر من عامين، لكن الوضع يبدو أكثر قساوة مع شهر رمضان المبارك.
أزمة مجاعة
وتظهر أزمة مجاعة في الأفق بـ 4 بلدان مختلفة.. ما يهدد بمستويات غير مسبوقة من الجوع.. فهناك أزمة عالمية تقترب ليس لها مثيل.. هكذا حذر الخبراء!
عشرات الملايين من الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات الغذائية في "اليمن وجنوب السودان ونيجيريا والصومال" يقعون تحت رحمة نظام المساعدات، الذي يقوم على أساس المصالح والصراعات.
ورغم أن سخاء المانحين زاد حوالي 6 أضعاف على مدى الـ 20 عامًا الماضية، إلا أن أزمة الغذاء، في تلك الدول، شهدت مستويات غير مسبوقة من المعاناة الإنسانية، ورغم أن الجهات المانحة قدمت دعمًا ماليًا بمستوى قياسي العام الماضي، إلا أنها لم تسد إلا نصف الاحتياجات فقط، حسبما أكدت صحيفة "الجارديان" في تقرير لها.
وأمام تردي الوضع المعيشي الذي تشهده العاصمة صنعاء خصوصا مع انقطاع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي منذ ثمانية أشهر لجأت كثير من الأسر للاستغناء عن وجبات إفطار كانت ملازمة لمائدتها الرمضانية بشكل دائم.
ويعيش الموظفون في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي أوضاعا صعبة جراء انقطاع رواتبهم منذ سبتمبر من العام الماضي، وتخلي الحوثيين عن تسليم المرتبات، ونكث الحكومة الشرعية بوعودها بتسليم المرتبات بسبب ما تقول إنه رفض من قبل الحوثيين لتسليم إيرادات المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى البنك المركزي في عدن.
وفيما تقول الحكومة الشرعية إنها تسلم شهريا رواتب موظفي الدولة لموظفي القطاع المدني في المناطق المحررة، بدأت جماعة الحوثي تسليم نصف راتب لموظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها وبطاقات تموينية يتم بموجبها الحصول على مواد غذائية بقيمة 30% من الراتب.
توسع رقعة الكارثة
في اليمن، البلد الذي ينهشه الحرب منذ ما يقارب الثلاثة الأعوام، فقد عاظم توقف الراتب منذ ثمانية أشهر، في توسيع رقعة الكارثة، وصار موظفي الدولة واقعين تحت مطرقة مشاكل ووضع مالي صعب جعل بعضهم عرضة للاعتداءات والطرد من السكن، وبعض غير قادر على توفير لقمة العيش وتوصيفات أخرى موجعة.
يقول ستيفان دو جاريك- المتحدث الرسمي باسم الأمم المتحدة "إن سبعة ملايين شخص في اليمن لا يعرفون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية". ويضيف إنه في حين أن الأمم المتحدة وشركاءها على استعداد لرفع مستوى الاستجابة في اليمن، هناك حاجة إلى تمويل بمقدار 1.2 مليار.
تقرير دولي حديث يقول إن اليمن البلد العربي الوحيد الذي صار سكانه ضمن "جياع الأرض"، وصارت اليمن ضمن أفقر عشر بلدان على مستوى العالم، التقرير استخلصه المعهد العالمي للبحث في السياسات الغذائية في تصنيف للدول التي تعاني المجاعة.
ضائقة غذائية
وقذفت الحرب التي تعصف باليمن منذ أكثر من عامين، بملايين السكان إلى دائرة الجوع، في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من انزلاق البلاد نحو مجاعة وشيكة، مع ارتفاع أعداد السكان الذين يعانون من "ضائقة غذائية" إلى 18 مليون شخص، بينهم سبعة ملايين شخص لا يعلمون من أين سيحصلون على وجبتهم التالية، حسب المنظمة الدولية.
وضاعف من حجم المأساة الإنسانية في البلاد، عجز سلطات الأطراف المتحاربة عن دفع مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أيلول/سبتمبر الماضي، فضلا عن تسريح عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص.
تعد المدخرات بالنسبة للأفراد كالصناديق السيادية للدول أو الاحتياطات النقدية للبنوك فمن خلالها يمكن الوفاء بالالتزامات وتوفير الاحتياجات وسد العجز وضمان توفر السيولة عند حدوث الأزمات بحيث تضمن المدخرات الشخصية للأفراد مواجهة الأزمات المالية والمتطلبات الحياتية وتجاوزها في كثير من الأحيان..
وهى وسيله قديمة جديدة وقد عبر عنها المثل الشعبي القائل :"القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود" فبالنسبة لكثير من اليمنيين فان القرش الأبيض نفد أو أوشك على النفاد فما واجهوه ليس يوما واحدا أسودا أو يومين بل أيام سوداء لا يعرف مداها إلا الله..
تراجع القوة الشرائية
سعيد عبده ثابت يعمل في محل بيع المواد الغذائية يؤكد أن القوه الشرائية للمواطن تراجعت إلى حد كبير، حيث كان المواطن قبل الحرب بمقدوره شراء كيس أرز عبوة ٤٠ كيلو والآن بالكاد يقدم على شراء كيس رز عبوة ١٠ كيلو وهكذا قس على بقية الاحتياجات الأساسية، هذا بالنسبة لفئة الطبقة المتوسطة سابقا, أما الفئة الأدنى منها فهي في حالة يرثى لها.
من جانبها تقول أنسام غازي وهي موظفة حكومية، أسن نسبة كبيرة من المواطنين ليس لديهم مدخرات لأن دخلهم كان لا يكاد يغطي مصروفاتهم الشهرية باعتبار أن ما يتقاضونه من رواتب لا تفي بتلبية احتياجات الأسرة و ما أن تصل إليهم تلك الرواتب المتدنية، إلا وقد حسم أمرها مسبقا.
تآكل المدخرات
لم يؤد توقف صرف الرواتب واستمرار الحرب إلى تآكل المدخرات فحسب بل قفزت أثارها السلبية إلى مستوى كارثي أدى إلى إغراق أغلب الموظفين في الديون ودفعهم إلى رهن أو بيع أثاث مساكنهم ولوازمهم، كما يقول عبد الله العسلي..
و الأخطر من ذلك كله- حسب قوله- أن تداعيات هذه الكارثة لم تقف عند الموظفين فحسب بل امتدت لتطال شرائح أخرى مهمة ومنها شريحة واسعة من تجار تجزئة كان الموظفون يعتمدون عليها في الشراء بالأجل.. فنسبة كبيرة من هؤلاء التجار وخصوصا الصغار أفلسوا بعد أن عجزوا عن استرجاع ديونهم ..
وفضلاً عن ذلك كله تفاقمت مشكلة البطالة وتوقفت الأعمال في أغلب المنشآت والمشاريع الصغيرة التي كانت تستوعب النسبة الأكبر من الأيادي العاملة..
وتشير تقارير لمنظمات دولية إلى أن نسبة ارتفاع البطالة في صفوف الشباب اليمني وصلت إلى 70% مع ارتفاع الفقر إلى حوالي 80 % من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 27 مليون نسمة- بحسب الإسقاطات السكانية الرسمية للعام 2017م- ونظرا لتداعيات تلك المشكلة.
يقول العسلي "نحن بالفعل أمام كارثة عظيمة متعددة الأوجه والجوانب تتفاقم تداعياتها الإنسانية السيئة يوماً إثر أخر، وتحتاج إلى تدخل دولي سريع وعاجل"..
نفاد المدخرات
الصحفي أحمد مغلس يصف ذلك الواقع بأنه أشد خطرا وأكثر إيلاما لدى الأسر الفقيرة والمتوسطة فمدخراتها لا يمكنها الصمود طويلا أمام الاحتياجات والالتزامات اليومية ولا أدل على ذلك من لجوء بعض هذه الأسر ولاسيما في تعز إلى بيع أثاثها المنزلي لسد رمق أبنائها والوفاء ولو ببعض متطلبات حياتهم اليومية ما يعنى نفاد مدخراتهم الأساسية من ذهب ومجوهرات أو عملات أو مقتنيات غالية الثمن وببيع الأثاث والأدوات المنزلية يصبح واقع هذه الأسر على المحك فقد يجدون أنفسهم في مهب الريح.
تدهور المستوى المعيشي
ويؤكد الدكتور محمد قحطان- أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز أن القدرة الشرائية لليمنيين تدهورت بصورة حادة للغاية.
إذ أن طول فترة الحرب أدت إلى استنزاف مدخراتهم نظرا لتوقف رواتب العاملين مع الدولة وتأثر قطاع الأعمال بسبب الحرب.
الأمر الذي تسبب في انعكاسات سلبية لمدخول أكثر من 4 مليون أسرة، ما يعني توسع رقعة الفقر وحدته وبالتالي تدهور مستوى معيشة الأسرة اليمنية وتوسع حدة معاناتها.
وللآسف لا يقتصر الأمر على الدخول من الرواتب والأجور الخاص بالعاملين بل يشمل التدهور جميع الخدمات العامة وكل ضروريات الحياة.
إذ توقف العمل بشبكات الطاقة الكهربائية وشبكات المياه للاستخدامات المنزلية وارتفعت أسعار النقل والمواصلات وكافة السلع الضرورة بنسب عالية وشحت السيولة النقدية.
وبدأت بعض مناطق اليمن تعاني من المجاعة وهناك مؤشرات تؤكد اتساع رقعة المجاعة كأعلى مظهر من مظاهر التدهور لمعيشة الأسرة اليمنية .
وحسب تقديرات دولية فإن أكثر من 8 مليون نسمة بحاجة لمساعدات إغاثية بسبب انعدام الدخل وفقدان القدرة الشرائية لشريحة واسعة من السكان.
فيما 8 ملايين يمني فقدوا مصادر دخلهم، بينهم 7 ملايين شخص يعملون في القطاعين الخاص وغير المنظم وبالأجر اليومي، وأكثر من مليون و200 ألف من موظفي الدولة دخلوا ضمن عداد البطالة مع توقف تسليم مرتباتهم منذ أغسطس الماضي.
مؤشرات المجاعة
ويشير فضل منصور الأمين العام لجمعية حماية المستهلك إلى أن اليمنيين يواجهون ظروفا معيشية باتت أقرب إلى سجن كبير لا حيلة أمام القابعين فيه من ترقب وانتظار الموت في أي لحظة.. فمن انعدام شبه تام للخدمات العامة الضرورية إلى شحة المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعارها بشكل جنوني خارج نطاق قدرة أكثر من 85% من السكان الذين قذفت بهم الحرب إلى دائرة الفقر، وبروز مؤشرات مجاعة في أكثر من منطقة يمنية، وتوقف صرف مرتبات موظفي الدولة للشهر الثامن على التوالي.
مؤكدا أن أكثر من 17 مليون يمني أصبحوا غير قادرين على إطعام أنفسهم بشكل كاف، وباتوا مجبرين على اختصار الوجبات الغذائية الضرورية، كما أن 7 ملايين يمني لا يعلمون من أين ستأتي وجبتهم التالية وهم أقرب إلى المجاعة أكثر من أي وقت مضى، وارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد والوخيم خاصة بين الأطفال والذين ارتفعت نسبتهم بنسبة 200% وفقا لإحصاءات اليونيسيف.
ويعتبر نفاد مدخرات المواطنين اليمنيين بعد أن توقفت رواتبهم منذ أكثر من تسعة أشهر بمثابة انهيار سياج الأمان الأخير الذي كان يحميهم من السقوط في مستنقع المجاعة والموت جوعا..
لذا يتطلب على الحكومة الشرعية سرعة إغاثة المواطنين من خلال صرف مرتبات الموظفين المتأخرة والاستمرار في صرفها بشكل منتظم إلى جانب وضع حلول عاجلة لمن فقدوا أعمالهم ممن لا يملكون وظائف.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها