المرأة.. "المُقدَّس" اليمني الذي انتهكه الحوثيون
عدن بوست -الخليج أون لاين: الخميس 18 مايو 2017 02:30 صباحاً
رغم ما تعانيه المرأة اليمنية كمثيلاتها في البلدان العربية من صعوبات في حياتها اليومية، فإنها تنفرد بقدسية لدى الرجل اليمني كرَّستها العادات والتقاليد والموروث الثقافي والتاريخي اليمني.
يلمس المراقب هذه القدسية من خلال ما تحظى به المرأة اليمنية في الحياة اليومية، حيث تُعطى الأولوية بالجلوس في وسائل النقل والأولوية في طوابير الانتظار والمطاعم والجامعات والمدارس، ومن يخالف هذه الأولوية يُوصم بـ"العيب" (وهو التصرف غير اللائق وقد يعاقب المجتمع مرتكب العيب بدرجات متفاوتة بحسب التصرف، وتتدرج العقوبة من نظرة ازدراء إلى القتل، بحسب المفاهيم الاجتماعية السائدة).
في حوادث قطع الطريق والحرابة ستكون محظوظاً إن كان بجوارك امرأة فالسُرّاق والقتلة على قسوتهم يحترمون المرأة وسيتركونك سالماً معافىً؛ بسبب وجود امرأة معك.
الشاب اليمني أمين عبد الوهاب، زار سد مأرب في عام 2014 وعند عودته إلى صنعاء ليلاً كان هناك ما يُعرف بالقطاعات "عصابات الطرق"، إلا أن وجود خالته معه في السيارة كان سبباً في نجاته من الموقّفين والعودة إلى صنعاء بسلامة وأمان، وفقاً لحديثه لـ"الخليج أونلاين".
- قتل واختطاف
شهر سبتمبر/أيلول من عام 2014 كان نقطة التحول السوداء في حياة النساء كغيرهن من مكونات الشعب اليمني الذي يتجرع حتى اليوم تبعات الانقلاب المسلح على السلطة الشرعية من قبل مليشيا الحوثي وصالح المدعومة من إيران.
منظمة "عدالة" للحقوق والحريات أكدت مقتل 230 امرأة وجرح 188 أخريات على أيدي المليشيات في أثناء اجتياح محافظتي عدن ولحج في مارس/آذار من عام 2015.
في حين يوضح تقرير لوزارة حقوق الإنسان في اليمن مقتل وجرح 1665 امرأة يمنية بنيران مليشيا الانقلاب من ليلة سقوط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014 وحتى 30 مارس/آذار 2016، ورصد التقرير 23 حالة اختطاف والاعتداء على 66 أخريات.
اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، بدورها رصدت ووثقت خلال شهر أبريل/نيسان الماضي مقتل 17 امرأة وجرح 19 في مدينة المخا الساحلية غربي تعز.
- سبيٌ واغتصاب
الناشط الحقوقي فيصل المجيدي، كشف في صفحته على "فيسبوك" أن الحوثيين بمحافظة يختطفون النساء ويُجبرون أهاليهن على تزويجهن بالقوة لمقاتليهم، واصفاً العملية بالسبي والاغتصاب تحت لافتة الزواج، داعياً إلى محاكمة المليشيا على جرائمها.
الناشطة وحدة ناشر، تعرضت للتهديد والشتم من قِبل الحوثيين في صنعاء حينما هجموا على مقهى شبابي في منطقة حدة وشتموا وضربوا أحد الشباب، كما عبرت عن دهشتها لحال المرأة اليمنية في عهد الحوثيين بمنشور على "فيسبوك"، جاء فيه: "لم أستطع المشي من أمامهم ليصرخوا جميعاً بوجهي: امشي قبل ما نسحبك يا...، قلت لهم أنا بالشارع العام، قال أصغرهم: الله يلعنك يا...، لم يتركوا لفظاً قبيحاً إلا ونطقوه".
وبعد أن زجت مليشيا الانقلاب برجال اليمن وشبابها إلى جحيم الحرب وخسرت البلاد الآلاف من شبابها، بدأت باستغلال النساء والزج بهن في أنشطة عسكرية وتحريضية وتدريبات عنيفة تخالف تقاليد وأعراف اليمنيين رغم أن هؤلاء النسوة أصبحن أرامل وأمهات أيتام، فضلاً عن معاناتهن قساوة الحياة وويلات نيران الحرب.
- صوت يصدح
وسط كل هذه الانتهاكات الحوثية بحق النساء اليمنيات، لا تزال المرأة صوت يصدح ضد الانقلاب، ومن صنعاء عبر الوقفات الاحتجاجية المستمرة رغم التعسفات الحوثية التي تواجه النساء، بالاعتداءات والمضايقات، في مشهد لا أخلاقي وغير مسبوق لدى اليمنيين.
الناشطة الحقوقية أفراح الأكحلي، أوضحت أن المرأة اليمنية، ممثلة برابطة أمهات المختطفين، "تقود وحيدةً نضالها الكبير في توصيل صوتها وصوت المختطفين وآلامهم للعالم، عبر وقفات وأنشطة متعددة تحت تعرضها للانتهاكات من مليشيا الانقلاب على غرار التهديدات والملاحقة في أثناء التظاهرات الاحتجاجية ومصادرة الكاميرات وغيرها من التعسفات".
وأضافت في حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن "المرأة اليمنية اليوم في ظل الانقلاب تعيش وضع اللاحياة؛ القلق والخوف المستمر على سلامة أسرتها الذين قد يتخطفهم الموت بيد قناص أو يتخطفهم الجوع إلا أن عدالة قضيتها كان سر قوتها للاستمرار في نضالها وكفاحها المستمر بمختلف القضايا، سواء علاج الجرحى أو المطالبة بالإفراج عن المعتقلين ورفض سيطرة الانقلاب على الدولة، حيث تسعى لتوصيل صوتها عبر بصيص نور يحلّق في الأفق".
- مقاومة ونضال
وأكدت الأكحلي أن المرأة اليمنية مع كل انتهاك يطولها من قِبل الانقلابيين، "تقاوم أكثر وتُثبت للجميع أنها المرأة اليمنية التي قدمت الشهيد والجريح والمعتقل، وما زالت تناضل في الساحات لانتزاع حق الحياة الكريمة وحق الدولة المدنية".
وأشادت الأكحلي بنضال المرأة ضد الانقلاب في صنعاء وبقية المدن بقولها: "ما زالت المرأة اليمنية صانعة التحول والنضال الأسطوري الذي أذهل الجميع، حيث صنعت حق الاعتراف بمشاركتها في جميع المجالات منذ ثورة 11 فبراير/شباط وحتى اليوم، وقادت المظاهرات سابقاً، وقدمت الكثير من التضحيات وصاغت حضورها الحقوقي والسياسي المحلي والعالمي".
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها